لما كانت مرحلة الطفولة عامة والطفولة المبكرة خاصة نقطة الارتكاز لبناء شخصية الإنسان بأكملها ، ولما كان الإنسان بفطرته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده أو منعزلا عن المجتمع الخارجي .. فقد كانت ضرورة تنمية عدد من المهارات التي يمكن أن تيسر له تواصله الاجتماعي مع مجتمعه المحيط ، وخاصة منذ مرحلة مبكرة وعلى وجه الخصوص إذا ما كان الطفل يعايش ظروفا اجتماعية قد تؤثر سلبا على تفاعله الاجتماعي .
وقد أشار البعض إلى مهارات التواصل الاجتماعى باعتبارها مجموعة من الاستجابات الهادفة القابلة للنمو من خلال التدريب والتي تؤكد على قدرة الطفل على التفاعل الاجتماعي الناجح مع الآخرين , وتكوين علاقات اجتماعية سليمة , إضافة إلى قدرته على التعبير عن انفعالاته واتجاهاته . وكان من تلك المهارات الاجتماعية والتى تتناسب وخصائص نموه فى المرحلة المبكرة ضد تنمية قدرته على الاستقلالية Independence والتى تؤكد أهمية شعور المرء بالثقة والامن والقدرة على إصدار القرارات وتحمل المسئولية فى إنجاز الأهداف . ولا ينفصل السلوك الاستقلالى عن السلوك التعاونى co- operative behavior والذى يهتم باشتراك الطفل مع الآخرين لتحقيق هدف مشترك وتقديم يد العون والمساعدة لهم فى المواقف المختلفة وذلك لتحقيق أهداف مشتركة .وفى إطار اكتساب الطفل لكل من السلوك الاستقلالى والسلوك التعاونى يكون عليه الإدراك والوعى Awareness بما له من حقوق وما عليه من واجبات .. وبناء عليه يكون تفاعله بشكل سوى .
وبالنظر إلى تلك المهارات سالفة الذكر وإلى خصائص طفل مرحلة الروضة , ومن خلال الواقع النظرى ونتائج الدراسات , فقد وجدت الباحثة أن من الأساليب المناسبة لتحقيق تغيرات سلوكية فى إطار تكوين روابط وجدانية جيدة هو أسلوب التعليم الملطف Gentle Teaching, خاصة وأن منهجه يقوم على عدة جوانب منها :(رفض استخدام العقاب ، تكوين رابطة وجدانية سليمة بين العميل والمعالج ( الطفل والقائم بالرعاية ) ، تبنى فلسفة ديمقراطية مقابل الفلسفة التسلطية ، مراعاة الجوانب الوجدانية وأن يكون لها موقعا قويا فى أى خطة علاجية ) .
ويشمل التعليم الملطف العديد من الفنيات منها : ( التجاهل ignore , إعادة التوجيه redirect , المكافأة reward, التشكيل shaping, المشاركة التعاونية co- participation , التعليم فى صمت teaching in silence , تحليل المهمة analyses the task ) ، فالتعليم الملطف أحد أساليب العلاج السلوكى التى تهدف إلى تحقيق تعديلات ايجابية فى السلوك , يقوم على توطيد العلاقات الإنسانية المتبادلة والتى تهتم بالامباثية والتى تؤكد على التعاطف والتفاهم العطوف كما تشمل معانى الحب غير المشروط , والصحبة , والترابط .
مشكلة الدراسة :
وقد أتت مشكلة الدراسة من خلال مصادر عدة منها القراءات الأدبية والنظرية , وكذلك من خلال الملاحظات الخاصة بالباحثة ، وقد تحددت مشكلة الدراسة فى التساؤلات التالية :
- هل توجد فروق دالة احصائيا بين متوسطى رتب أفراد المجموعة التدريبية فى القياسين القبلى والبعدى على ابعاد مقياس مهارات التواصل الاجتماعى والدرجة الكلية .
- هل توجد فروق دالة احصائيا بين متوسطي رتب افراد المجموعة التجريبية فى القياسين البعدى والتتبعي على ابعاد مقياس مهارات التواصل الاجتماعي والدرجة الكلية ؟
فروض الدراسة : وقد صاغت الباحثة الفروض التالية للدراسة :
- توجد فروق دالة احصائيا بين متوسطي رتب افراد المجموعة التجريبية فى القياسين القبلي والبعدي على ابعاد مقياس مهارات التواصل الاجتماعى والدرجة الكلية لصالح القياس البعدي.
- توجد فروق دالة احصائيا بين متوسطي رتب افراد المجموعة التجريبية فى القياسين البعدي والتتبعي على ابعاد مقياس مهارات التواصل الاجتماعى والدرجة الكلية لصالح القياس التتبعي .
اجراءات الدراسة :
- استخدمت الدراسة عينة من أطفال مرحلة الروضة ( 5-7 ) سنوات راعت فيهم عدد من الخصائص الإجرائية وكان عددهم (6) أطفال.
- كما استخدمت المنهج شبه التجريبي باستخدام التصميم التجريبي ذى المجموعة الواحدة.
- وكانت أدوات الدراسة هى : ( مقياس مهارات التواصل الاجتماعي لأطفال الروضة إعداد / الباحثة / والذي شمل أربعة أبعاد هى : الاستقلالية ، التعاون ، الوعي بحقوق الذات ، الوعي بحقوق الآخرين ، وبرنامج الدراسة التجريبية باستخدام التعليم الملطف إعداد / الباحثة )
- كما استعانت الباحثة بالأساليب الإحصائية المناسبة للوصول الى النتائج وهى استخدام اختبار ويلكوكسون (Wilcoxon test ) . وقد حققت الدراسة النتائج التالية :
- وجود فروق دالة إحصائيا عند مستوي ( 0.01) بين رتب درجات التطبيق القبلي والبعدي فى مهارات التواصل الاجتماعي والدرجة الكلية لصالح التطبيق البعدي . مما كان مؤشرا على فاعلية البرنامج المستخدم بالدراسة لتحسين مهارات التواصل الاجتماعي والذي بدوره يعنى تحقق الفرض الأول من فروض الدراسة.
- عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين رتب درجات التطبيقين البعدي والتتبعي على مهارات التواصل الاجتماعي والدرجة الكلية . وهذا بدوره يعنى أن الفرض الثانى من فروض الدراسة قد تحقق مما يعني استمرار اثر البرنامج فيما بعد فترة المتابعة .
وفي ضوء إجراءات الدراسة وما توصلت اليه من نتائج عملت الباحثة على تقديم التوصيات منها ضرورة عقد الدورات التدريبية والبرامج الإرشادية للوالدين وللمعلمات عن طرق التواصل السوي مع أطفالهم وتوفير الخدمات النفسية على كافة المستويات.
|
