حينما يُذكَر تاريخ الخليج العربي الاقتصادي يتبادر إلى ذاكرة البشر صورة الذهب الأسود، غير أن قليلاً منهم يعلم أن هذه المكانة كانت دوماً لثروة بحرية زينت أعناق الحسان على مر العصور ألا وهي اللؤلؤ، الذي أصبح أثراً بعد عين في تاريخ المنطقة. على مر العصور كانت منطقة الخليج حارة جدباء مقفرة نادرة الماء العذب قليلة الخضرة، لذا لجأ أهلها إلى البحر يلتمسون على صفحته وفي أحشائه أرزاقهم، فشكل صيد السمك وصيد اللؤلؤ والتجارة مثلث النشاط الاقتصادي في المنطقة. احترف أهالي منطقة الخليج الغوص على اللؤلؤ وتجارته منذ فجر التاريخ حتى منتصف القرن العشرين الميلادي، عندما أغرق اليابانيون السوق العالمي بكميات هائلة من اللؤلؤ المنتج باستثارة حيوان المحار في مزارع بحرية، فقلت أسعار اللؤلؤ ولم يعد الدخل يتناسب مع الجهد المبذول، والمخاطر التي تحف عمليات البحث عن الدر في أحشاء الخليج. وقد اخترت فترة الدراسة في النصف الأول من القرن العشرين، إذ بلغ إنتاج اللؤلؤ في الخليج العربي أوجه، وأحكم البريطانيون إشرافهم على مياهه، وضيقوا على العمليات التجارية المحلية لصالح شركة الهند البريطانية الشرقية، فاعتمدت اقتصاديات المنطقة علي اللؤلؤ بدرجة كبيرة، استحق معها أن نطلق عليه عصر اللؤلؤ، وتقع الدراسة في تمهيد وثلاثة عناصر أساسية. واعتمدت الدراسة على الوثائق البريطانية تحت عنوان Records of the Persian Gulf pearl fisheries, 1857- 1962 إضافة إلى مصادر ومراجع أخرى عربية وأجنبية.
|