ارتبطت مصر منذ القدم ببلاد الشام ارتباطاً أملته الظروف الطبيعية، وتباينت مسبباته من مرحلة إلى أخرى، وتعد فترة الحكم المصري في الشام [1831-1841] أبرز هذه المراحل. وقد اختلفت الآراءُ حول تجربةِ محمدِ عليٍّ، فمنهم من اعتبرَهَا مشروعاً نهضوياً أعاد لمصرَ دورَها الرياديَّ في المنطقةِ، ومنهم من رآها مشروعاً توسعياً استنزفَ ثرواتِ البلادِ لتحقيقِ مآربَ شخصيةِ. ولكن لا يختلفُ اثنانِ على أن عصر محمدِ عليٍّ كان من أزهى عصورِ مصرَ من حيثُ تسجيلُ الأحداثِ وغزارةُ المادةِ الأرشيفيةِ، لذا تركزت المصادرُ الأصليةُ للحكمِ المصريّ في الشامِ بدارِ الوثائقِ القوميةِ بالقاهرة. ومع غزارة المادة العلمية فإنها متداخلة متشابكة بشكل مزعج، جاء هذا التشابك بسبب تداخل السلطات الإدارية بين الدواوين ومجالس الشورى، وطغيان الإدارة المركزية على الإدارات الفرعية، ناهيك عمّا يقابل الباحث من صعوبات في التعامل مع أنواع الخطوط التي كتبت بها هذه الوثائق، ولعل أكثرها تعقيداً خط القيرمة. |