نظام محاسبة المسئولية ليس وليد النصف قرن الماضى، وإنما هناك جذور ضاربة يمكن أن يوضحها المنظور الإسلامى للنظام، سواء فيما يتعلق بأساسياته أو مقوماته ومتطلبات تطبيقه.
كذلك فإن المشكلات والمعوقات المتعددة التى يصطدم بها تطبيق النظام داخل منشآت الأعمال متعددة بدءاً بالسياسات الإدارية التى قد تُتخذ فى معزل عن النظام ودون إعمال لمفهوم ومبدأ المشاركة، أو ما يرتبط بوسائل الإتصال من تقادم وعدم ملاءمة، مروراً بعدم ملاءمة نظم الحوافز المطبقة وقصور معايير الرقابة والتقويم بمراكز المسئولية ومن جوانب عدة، وما إلى غير ذلك من مشكلات ومعوقات للتطبيق.
وإذا ما تم إضافة عدم تناسب تطبيق نظام محاسبة المسئولية وفق تصميمه فى الظروف التى صُمِّم فيها مع ما تمليه بيئة التشغيل المعاصرة وما تطبقه المنشآت من أنظمة وأساليب حديثة، يتضح حتمية تناول الموضوع إظهاراً لجذور النظام الإسلامى، وتهيئة لمناخ تطبيقه بما يحقق الأهداف التى ينشدها.
وقد تناول الباحث الموضوع من خلال جزئيه الأساسيين الذيَّن يظهرهما عنوان البحث.
ويمكن إيجاز ما توصل إليه البحث من توصيات فى ضرورة مراعاة ما يلى:
• الإلتزام بالقيمة الإيمانية التى حث عليها ديننا الحنيف من أمانة وعدل وإستقامة على الحق، الصدق، التواضع، وغيرها من القيم، ومراعاة ذلك عند تنفيذ إجراءات التعيين، ومراعاة ذلك - مع الكفاءة والجدارة - عند الترقيات.
• عقد دورات تدريبية وورش عمل ولقاءات على فترات دورية (شهرية، ربع سنوية، نصف سنوية) بالإضافة إلى مؤتمر سنوى على مستوى المنشأة ككل، وذلك للتوعية بضرورة إعمال الرقابة الذاتية، وتثقيف العاملين (فنياً، إدارياً، ومالياً) وحل ما قد يواجه العاملين من مشكلات بالمستويات المختلفة بدءاً من مركز المسئولية، فالمستويات الإشرافية، فالإدارة العليا، فالمنشأة بالكامل، مع الإهتمام بمشاركة العاملين فى وضع السياسات الإدارية خاصة المرتبطة بهم، ومراعاة خلق مناخ من الثقة بين الرئيس والمرؤوس والتأكد من مراعاة إئتلاف الأهداف لكل من المنشأة والعاملين كنقطة فارقة بين النجاح والفشل.
• تدعيم نظم ووسائل الإتصال وإستحداث شكبة إتصال داخلية إلكترونية – "إنترانت" – بالإضافة إلى وسائل الإتصال الأخرى مباشرة وغير مباشرة وذلك لضمان سرعة وكفاءة الأداء فيما يتعلق بتحقيق أهداف النظم المعمول بها ومنها نظام محاسبة المسئولية، مع ضرورة إتخاذ ما يلزم لتأمين هذه الشبكة والتى ستستخدم لكافة مراكز المسئولية وبكافة المستويات الإدارية بمنشأة الأعمال.
• عدم الإهتمام بنظام التحفيز الفردى على حساب التحفيز الجماعى أو العكس، بل ينبغى تحصيل مزايا كل منهما، مع ضرورة مراعاة العدالة فى تطبيق النظام من خلال وجود دليل موثق ومصاغ بأسلوب لا يسمح بوجود ثغرات لتنفذ منها الأهواء الشخصية فى التحفيز، مع ضرورة ألا يتم التحفيز إيجاباً أو سلباً إلا بعد التأكد من حدوث الإنحراف وتحليله ومعرفة أسبابه والمتسبب منه، ومراعاة الجوانب السلوكية الهامة، خاصة عند تطبيق الحافز السلبى.
• الرقابة الفعالة تستلزم عدم الإكتفاء بما يتم تقديمه من تقارير ولكن يتطلب الأمر التواجد بين الحين والآخر فى موقع الأحداث، كما أنه يجب أن تكون مهمة إعداد تقارير المسئولية موكلة إلى وحدة تنظيمية محددة مع ضمان إستقلالها لتقوم بإعداد التقارير اللازمة ومراعاة تناسب توقيتات إرسالها سواء لمركز المسئولية أو للمستوى الإدارى المنوط به رقابة أداء المركز، كما يكون على هذه الوحدة مسئولية – بجانب عملها المذكور – تقديم مقترحات لتطوير النظام وحل ما قد يظهر من مشكلات إرتباطا بتطبيقه.
• كلما كان ممكناً، يجب مراعاة الإعتماد على أسلوب المدى المعيارى بدلاً من المعيار المحدد كقيمة أو كمية‘ وذلك على سبيل ضمان واقعية وموضوعية المعيار، ويطبق المدى كذلك على الإنحراف ذاته، حيث لا يتم دراسة الإنحراف إلا حالة خروجه عن الحيز الموضوع، والأمر يتطلب الدراسة الواعية لوضع مثل هذه المعايير.
• الإعتماد فى تقويم الأداء الخاص بمراكز المسئولية على ما تتيحه أساليب التحليل المالى من أساليب مثل النسب والمعدلات وتحليلات الإتجاه‘ وذلك فى ظل وجود مقاييس مرجعية خاصة بسبب تضليل الأرقام المطلقة لأسباب متعددة، والإعتماد على القياس العينى بجانب القياس المالى على أن يكون تطبيق تحليلات الإتجاه زمانياً ومكانياً.
• تطويع نظام محاسبة المسئولية بما يتوافق مع الأنظمة المستحدثة مثل نظام التكلفة على أساس النشاط (ABS) بإصداراته، والأساليب الحديثة فى قياس وتقويم الأداء مثل أسلوب بطاقة الأداء المتوازن (BSC) بأبعاده المتعددة، وذلك لضمان تهيئة المناخ المناسب الضامن لتطبيق النظام وتحقيقه لأهدافه فى ظروف مواتية وملائمة.
|