هناك العديد من التحديات التى تواجه المنشآت وتُحِد من كفاءة إستخدامها لمواردها المختلفة المتاحة، مما يستلزم التخطيط الملائم لهذه الموارد، خاصة فى ظل ما تَمُر به مصر من ظروف منذ مطلع عام 2011 وحتى الآن، وفى ظل العجز المتزايد وغير المسْبوق فى الموازنة العامة، وتراجُع حجم ونوعية الخدمات العامة التى تقدمها الحكومة، والحاجة الماسة إلى المساندة الحسيسة، ومن الكافة، وبخاصة منظمات المجتمع المدنى كداعمٍ أساسى للحكومات بكافة الدول، وذلك لمحاولة الوصول إلى أقرب نقطة تماس مع الوضع الأمثل فى ظروف الحال.
ولعله فى ظل التطورات التى تقترب من الخيال فى سرعتها بمجال "تكنولوجيا" الإنتاج المادى والمعلوماتى، ظهرت زيادة ملحوظة فى التكاليف وبخاصة غير المباشرة مما يتطلب مواجهة علمية واعية على سبيل التخصيص الجيد لها ومحاولة خفض التكاليف عموماً دون الإخلال بمتطلبات الجودة، خاصة مع ندرة الموارد وزيادة الطلب عليها، وبما يضمن حُسن إستغلالها وبأقصى كفاءة ممكنة.
ومما يُمهِّد الطريق لتحقيق ذلك أن منهج إدارة التكلفة - ومن خلال الأساليب "الإستراتيجية" التى تُتِيح توظيفها المحاسبة الإدارية - قد أفرز أسلوباً يُمْكِن أن يساعد وبصورة فاعلة فى الإستغلال الأمثل للموارد المتاحة، والذى يهدف الباحث دراسته عن قرب تطويراً للأساليب القائمة فى إعداد الموازنات بالمنشآت غير الهادفة لتحقيق الربح – ومن بينها منظمات المجتمع المدنى – مع إختبار إمكانية تطبيقه بها، وهو أسلوب الموازنة على أساس النشاط (ABB)، والذى قد يتبين ملاءمته للتطبيق فى مثل هذه المنشآت فى ظل المتغيرات الآنية المذكورة وتأسيساً على أن ما تُتِيحه الموازنة – إن تم إعدادها بأسلوبٍ جيد – يضمن فعالية كل ما يلى إعدادها إرتباطاً بالأداء، خاصة وأن الجمعيات الخيرية بهذا القطاع تقوم أساساً على التبرُعات والإعانات والمِنح والهِبات، وذلك بجانب إشتراكات أعضائها، وتُتِيح خدماتها ومساعداتها لفئات غير قادرة من خلال متطوعين متنوعين، وللأسف هذه الفئات تزيد يوماً بعد يوم فى ظل الظروف الراهنة فى مصر.
مما سبق تتضح أهمية البحث وهدفه، خاصة وأن الدراسة الإختبارية ستكون بإحدى الجمعيات الخيرية والتى يتعاظم دورها مساندة للقطاع الحكومى فى مصر، وهذه الجمعيات لم تلق الإهتمام المتناسب وأهميتها لا من الحكومة ولا من الباحثين، خاصة فى الجوانب التى تُزيد من الثقة فيها، كَحُسن التخطيط والذى يُتيح رقابة جيدة وتقويماً حقيقياً للأداء، ومن خلال أساليب يَثبُت ملاءَمتها، وتتناسب طبيعتها وهذه الجمعيات، والتى تخلو كثير منها من أساليب الرقابة ومعظمها يُعْوِزُها إعداد موازنات تساعد على منع الهدر مع الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وربط هذه الموارد كمدخلات مع مخرجات الأنشطة المُستهْلِكة لهذه الموارد مما يشير إلى إحتمالية معقولة لصحة فرض البحث الرئيس، والمشير إلى أن "الموازنة على أساس النشاط كأسلوب مُلائِمٌ للتطبيق بمنظمات المجتمع المدنى ويُحقق الربط بين الموارد المتاحة كمدخلات لأنشطتها وبين ما تُفرزه هذه الأنشطة من مخرجات وذلك على الرغم من عدم تطبيقها لنموذج التكلفة على أساس النشاط".
|