لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان بمجموعة من الأنظمة والأجهزة الحسية التي تساعد على الإحساس بالمثيرات من حوله ، وإدراك وفهم ما يحيط به للتكيف مع البيئة التي يعيش فيها ، بما تتضمنه من مكونات مادية ووقائع وأحداث اجتماعية ، تمكنه من التفاعل واكتساب الخبرات وتبادلها مع الآخرين ، ولذلك يعد الفقدان السمعي والبصري من أخطر أنواع الفقدان الحسي الذي يمكن أن يتعرض له الفرد ، وذلك لما للسمع والبصر من أهمية في تشكيل مفاهيمنا ونمونا النفسي والاجتماعي .
إن السمع والبصر ، هما نافذتا الإنسان على العالم الخارجي ، وبدونهما يعيش الإنسان في ظلمة مطبقة وصمت رهيب ، وعزلة عن الحياة ، نظراً لمكانة هاتين الحاستين ودورهما في الحياة ، فقد كثر ذكرهما في القرآن الكريم ، كما جاء في قوله تعالى : " قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأبصار والأفئدة قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ " (الملك:23) وقوله تعالى " : وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا " ( الإسراء: 36) كما وصف الله سبحانه وتعالى بهما نفسه فهو السميع البصير وإن الله تعالى له كمال السمع وكمال البصر .
ولعل هذا أفضل دليل على أهمية السمع والبصر لدى الإنسان ، حيث أن حاستى السمع والبصر تلعبان دوراً هاماً في تفاعل الفرد مع الآخرين ، وحرمان الطفل من أياً من الحاستين يجعل تواصله بالآخرين أمراً شاقاً ، حيث يتعذر عليه الاستماع لحديث الآخرين ، أو رؤية ما يجري حوله من أحداث وبالتالي يؤثر على الجوانب الاجتماعية لدى الطفل وقدرته على التواصل معهم .
لذلك ازداد الاهتمام في العصر الحالي بالأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة ومن بينهم ذوي الإعاقة السمعية والإعاقة البصرية ، وذلك لأن اهتمام الدول بتعليم وتأهيل أبنائها من ذوي الإعاقات من أهم الدلائل على رقيها وتقدمها كما أن شعور المجتمع بالمسئولية تجاه هؤلاء الأفراد يعكس العدالة الاجتماعية واحترام شخصية الفرد وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص للجميع كما يعكس المثل العليا التي يعتنقها هذا المجتمع ، ولذلك يجب أن تهتم الدول بتربية وتعليم أبنائها من المعوقين للإندماح في الحياة العامة ، وهذا ما أكدت عليه العديد من الهيئات والمنظمات العالمية ، ويمثل الأفراد المعوقين بصرياً نسبة كبيرة من نسبة المعوقين كلياً ، حيث أشارت إحصائيات اليونيسيف (1997) أن جملة الأطفال المعاقين يبلغ نحو 2.14 مليون طفل على مستوى العالم من بينهم حوالي (93.400) طفل معاق سمعياً ويتوقع أن يبلغ أعداد المعاقين عام 2016 حوالي (2.9) مليون طفل معاق من بينهم (127.905) طفل معاق سمعياً ، وذلك على مستوى العالم .
|