لعل موضوع التناسب فى الأعمال المعمارية من أهم الموضوعات التى تشغل بال
المعماريين والباحثين فى مجال العمارة منذ أقدم العصور . ويلجأ الباحثون عادة فى د ا رسة
هذا الموضوع الى تحليل منشآت العصور السابقة محاولين استخلاص " سر " جمال هذه
المبانى .
ورغم كثرة ما كتب فى موضوع التناسب فى الأعمال المعمارية الا أن الد ا رسات التى
تتناول العمارة الاسلامية من هذا الجانب ما ا زلت محد ودة للغاية ، فمعظم الأبحاث
المنشورة تتناول د ا رسة العمارة المصرية القديمة والعمارة اليونانية والرومانية وعمارة اوروبا
فى العصور الوسطى . حتى أن أحدث ما صدر من مؤلفات عن النسب وهو كتاب
بادوفان ] 12 [ الذى تناول فيه الاتجاهات المختلفة لد ا رسة التناسب لم يرد فيه أى ذكر
للعمارة الاسلامية . وربما كان من أهم أسباب ذلك أن الوصول الى نتائج موثوق بها فى
مثل هذا النوع من الأبحاث يتطلب تحليل الأعمال المعمارية على أساس رسومات دقيقة
موثوق بها ، وهو الأمر الذى لا يتوفر عادة للباحثين فى العمارة الاسلامية .
ويهدف هذا البحث الى تتبع الد ا رسات والأبحاث المنشورة التى تعرضت لموضوع
التناسب فى العمارة الاسلامية ، ومحاولة الوصول الى منهج مناسب يمكن من خلاله
الوصول الى اد ا رك الأساليب التى كان يتبعها المعمارى المسلم فى العصور الوسطى
لتحقيق التناسب فى أعماله من خلال البناء الهندسى للشكل المعمارى .
وعند الحديث عن أسلوب عمل المعما ريين القدماء يجب أن لا نحاول أن ننسب لهم
أساليب ومعارف لم تكن فى حوزتهم بل يجب أن لايتجاوز الأمر حدود المعارف الرياضية
والهندسية والأساليب المعروفة فى العصر المحدد الذى كان يعمل فيه أولئك المعماريين
كما أنه من غير المنطقى أن نبحث فى أعمالهم عن " حجر الفلاسفة " القادر على أن
يضفى على الأعمال المعمارية جمالا سحريا .
|