التنافسية نشاط مرتبط بحياة الكائن الحى، وإن إختلف الهدف؛ فهناك من يتنافس من أجل البقاء، وهناك من يتنافس من أجل الوصول للقمة، وهتاك من يتنافس من أجل البقاء على القمة. وإرتبط مفهوم التنافسية بين الجامعات بظهر التصنيفات المحلية للجامعات، وزادت حدة التنافسية مع ظهور التصنيفات الدولية للجامعات، بالإضافة لعوامل أخرى زادت من حدة التنافس بين الجامعات؛ عالمياً وإقليمياً ومحلياً. ومن ثم هدفت الدراسة الحالية إلى تحليل مفهوم التنافسية بين الجامعات ومناقشة العوامل التى أدت لزيادة حدة المنافسة بين الجامعات، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفى.
وعرضت الدراسة لبعض المصطلحات وهى: التنافسية، والمنافسة، والقدرة التنافسية، والميزة النسبية، والميزة التنافسية، وذلك بغرض ضبط المصطلحات وتوضيح الفروق بينهم . كما قدمت الدراسة لمحة عن الجذور التاريخية لنشأة مفهوم التنافسية بين الجامعات، والوقوف على أشكال التنافس بين الجامعات.وقدمت الدراسة تحليل لعوامل زيادة حدة التنافسية بين الجامعات. وتوصلت الدراسة إلى تحديد هذة العوامل فى: العولمة وتدويل التعليم الجامعى، وإقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة، ودور التعليم فى دعم تنافسية الدول، وإتفاقية تحرير التجارة فى الخدمات، وظهور التصنيفات العالمية للجامعات، والمشروعات التنافسية.
الكلمات المفتاحية: القدرة التنافسية ـــــ التنافسية بين الجامعات
مقدمة :
التسابق ظاهرة أصيلة فى عالم الكائنات الحية، تسابق يصل إلى الصراع على الكلأ والملأ والمأوى، تسابق من أجل البقاء وعلى الوجود ذاته. ومن ثم ساد الحياة الإنسانية الصراع والمنافسة، منافسة بين عرقيات، وأديان، وأجناس، ومجتمعات، ودول، ومؤسسات، وأفراد، وأصبحت المنافسة أحد أهم أسباب التقدم الإنسانى، منافسة فى الصناعة والعلوم والتكنولوجيا والتقدم العلمى. وأدت قضية المنافسة والغيرة فى عالم الأفراد والمجتمعات إلى تقدم الإنسان ورقيه، وإختراعه لكل ما هو جديد ينافس به غيره، مما أدى إلى التطور والتحديث المعرفى والتكنولوجى.
واستقطب مصطلح التنافسية إهتمام العديد من الإقتصاديين والمؤسسات الإقتصادية الدولية والشركات والدول منذ نهاية الثمانينيات من القرن العشرين. وأصبحت التنافسية غاية يسعى الجميع إلى تحقيقها للوصول إلى هدف رفع المستوى المعيشى لأفراد المجتمع لتحقيق الرفاهية، إذ تعد التنافسية مؤشراً للقوة الإقتصادية للبلد، إذ لا يكون للإقتصاد أهمية أو تأثير فى المحيط الدولى مالم يتمتع بقوة تنافسية عالية.(1)
وبما أن التنافس فى مجتمعات إقتصاد المعرفة هو فى جوهره تنافس تعليمى، وسباق فى التعليم. إذ تتقدم الدول عن طريق التعليم وتفعيل مخرجاته فى إحداث التنمية المجتمعية الشاملة وإحداث طفرات هائلة فى النمو الإقتصادى والعسكرى والسياسى، بحيث أصبح لزاماً على أى مجتمع يسعى إلى التنمية والمنافسة والتميز مراجعة نظمه التعليمية وإصلاحها(2)، وخاصة مؤسسات التعليم العالى.
ومن ثم أشارت دراسة لمياء محمد أحمد (2004) (3) إلى أن السياق الجديد من التحولات العالمية وإقتصاد المعرفة أكد على أهمية توفير ميزات تنافسية بين الجامعات لتكون الأفضل، بما يسمح لها بجذب أفضل العناصر البشرية من أعضاء هيئة تدريس وإداريين وطلاب، لتبدأ حالة من التنافس بين الجامعات لإحداث تغييرات استراتيجية فى بنائها المادى والمعرفى حتى تتمكن من تحقيق ميزة تنافسية والفوز فى سباق التنافس على سائر الجامعات الأخرى .
إذ يجب إدراك أن تعليم القرن الحادى والعشرين هو حجر الأساس للتنافسية، فالتحولات الجوهرية فى الإقتصاد تتطلب سياسات خلاقة لإيجاد تواصل بين التعليم والتنافسية، فنظام التعليم فى القرن الحادى والعشرين هو التحدى المركزى أمام بناء القدرات التنافسية للدول. (4)
وبالتالى هدفت دراسة محمد عشرى حسن (2006) (5) إلى التعرف على المعوقات التى تعرقل تحسين وضع الجامعات المصرية والعربية. وأيضاهدفت دراسة نسرين أحمد عباس (2006) (6) إلى الوقوف على أسباب ضعف المركز التنافسى للجامعات المصرية عامة وجامعة حلوان خاصة .
وأتت دراسة عادل محمد زايد (2008) (7) لتأكد أن التنافس فى مجال التعليم أصبح حقيقة واقعة، حيث زاد عدد الجامعات والمعاهد الأكاديمية والعلمية والبحثية، محلياً وإقليمياً ودولياً، جامعات وجدت لتنافس فى سوق التعليم، مما أوجد منافسة شرسة بين تلك المؤسسات العلمية.والجامعة التى لن تسعى للوصول إلى ميزة تنافسية فسوف تفقد المكان والمكانة.
وعرضت دراسة (2008) Stephen P.Heyneman (8) لتجربة جامعة كوريا الجنوبية كجامعة ذات قدرات تنافسية عالمية. وتناولت دراسة(2009) Jamil Salmi (9) كيفية وصول بعض الجامعات إلى القمة، وتوصلت إلى أنه لا يوجد قالب واحد يصلح مع كل الجامعات لتحسين مكانتها التنافسية.
كما تناولت دراسة (2009) Nokkala Jarkko Tirronen& Terhi(10) الوسائل الاستراتيجية الممكن إتباعها لتحسين القدرات التنافسية للجامعات الفلندية فى ظل التوجه نحو عولمة وتدويل التعليم والبحث العلمى.
وهدفت دراسة عبدالفتاح عبدالرحمن، ومروة سمير(2010) (11) إلى الوقوف على بعض أسباب ضعف المركز التنافسى للجامعات المصرية. ووضعت دراسة عبدالباسط محمد دياب (2010) (12) تصوراً مقترحاً لدعم القدرة التنافسية للجامعات المصرية فى ضوء الخبرات الدولية. وعرضت دراسة(2011) Seeram Ramakrishna& Venni Venkata Kishna (13) تجربة جامعة سنغافورة فى كيفية الوصول إلى التميز والإبداع من خلال إنتاج المعرفة وحل مشكلات المجتمع والتميز التدريسى لتصبح إحدى الجامعات الرائدة فى آسيا. وقدمت دراسة (2012) Daniela Filippo et al. (14) تصور مستقبلى للجامعات الأسبانية للوصول لمكانة متقدمة فى المجتمع الأكاديمى الدولى.
وخلاصة القول، ذهبت دراسة عثمان بن عبدالله الصالح (2012) (15) إلى أن كثيراً من المفاهيم التى كانت الجامعات فى معظم دول العالم تنأى بنفسها عن التعامل معها، مثل مفاهيم السوق والعملاء والتنافسية، أصبحت قضايا ذات أهمية وضرورة للجامعات، وأصبح البحث عن فهم أصيل ومتعمق لمصطلح التنافسية بين الجامعات ومتطلبات تحقيقها عملاً أصيلاً وليس تكميلياً أو اختيارياً أمام الجامعات .
قضية الدراسة :
فى ظل تداعيات العولمة وتدويل التعليم وإقتصاد المعرفة أصبحت جامعات العالم بحاجة إلى أن تكون أكثر تطوراً وتنافسياً فى سوق التعليم المحلى والإقليمى والعالمى. إذ أصبحت الجامعات أمام تحدى جديد يطالبها بالكفاح من أجل تحسين نوعية أنشطتها الأكاديمية بالمقارنة مع أقرانها على مستوى العالم فى حلبة التنافس بين الجامعات (16).
وخاصة بعد ظهور تصنيفات الجامعات العالمية والتى فرضت على كل جامعة العمل على صياغة استراتيجيات تنافسية لبناء واستدامة ميزة تنافسية فى قطاع التعليم العالى(17). إذ فرض ظهور التصنيفات العالمية للجامعات التفكير فيما يمكن عمله إزاء هذه التصنيفات، وكيفية الاستفادة من المقارنة الدولية بين الجامعات للنهوض بالجامعة (18).
وعليه يمكن بلورة قضية الدراسة فى السؤال الرئيس الآتى :
ما الإطار المفاهيمى لمصطلح التنافسية بين الجامعات، وما عوامل تزايد حدتها؟
ويتفرع من هذا السؤال الأسئلة الفرعية الآتية :
1- ما الجذور التاريخية لمصطلح التنافسية بين الجامعات؟
2- ما مفهوم التنافسية بين الجامعات؟
3- ما أشكال التنافس بين الجامعات؟
4- ما عوامل تزايد حدة التنافسية بين الجامعات؟
أهداف الدراسة:
هدفت الدراسة إلى:
1- الوقوف على الإطار المفاهيمى للتنافسية بين الجامعات.
2- التعرف على أشكال التنافسية بين الجامعات.
3- توضيح أهم عوامل تزايد حدة التافس بين الجامعات.
أهمية الدراسة:
استمدت الدراسة أهميتها من:
1- الأهمية النظرية لتسليط الضوء على قضية التنافسية بين الجامعات .
2- أهمية نشر ثقافة التنافس بين الجامعات.
3- الأهمية التطبيقية من تحسين القدرة التنافسية للجامعات فى تحقيق قيمة مضافة للقدرة التافسية للدولة
منهج الدراسة:
استخدمت الدراسة المنهج الوصفى للوقوف على قضية التنافسية بين الجامعات واستخلاص الحقائق لتقديم فهم متعمق للقضية وأبعادها .
مصطلحات الدراسة:
تحددت مصطلحات الدراسة فى:
التنافسية:
وهى قدرة المؤسسة على استخدام الإمكانيات من معرفة، ومهارات لتحقيق التقدم المنشود .(19) وإجرائياً تنافسية الجامعة جزء لا يتجزء من تنافسية الدولة، وتعنى الاستغلال الأفضل لقدرات الجامعة البحثية، وإنتاج المعرفة، التى تسهم فى تنمية المجتمع، وإعداد الموارد البشرية على مستوى عال بشكل متميز عن الجامعات الأخرى. (20)
وسارت الدراسة وفق النسق الفكرى الآتى:
محاور الدراسة:
أولاً: الجذور التاريخية لنشأة مفهوم التنافسية بين الجامعات
ثانيا: الإطار المفاهيمى للتنافسية بين الجامعات
ثالثاً : أشكال التنافسية بين الجامعات
رابعاً: عوامل تزايد حدة التنافسية بين الجامعات)عالمياً وإقليمياً ومحلياً)
|