لما كانت قضية المنافسة بُعداً أصيلاً فى حياة المجتمعات وعالم البشر، إذ أدت المنافسة والصراع والغيرة إلى التقدم والرقى وإختراع الإنسان لكل ما هو جديد ينافس به غيره. كما أصبحت التنافسية بين الجامعات قضية ذات ضرورة وبُعداً أصيلاً فى حياة الجامعات وعالم مجتمع المعرفة والعولمة. وبالتالى هدفت الدراسة الحالية إلى مناقشة فلسفة التخطيط الاستراتيجى كمنهجية وعملية يمكن أن تدعم القدرات التنافسية للجامعة. واستخدمت الدراسة المنهج الوصفى.
وتناولت الدراسة نشأة التخطيط الاستراتيجى، وما تفرضه البيئة الديناميكية المحيطة بالمؤسسات الحديثة من الأخذ بالتخطيط الاستراتيجى. والتعرف على النظرية التى تقف وراء التخطيط الاستراتيجى، وكيف أنها ترتبط بدعم القدرات التنافسية للمؤسسات. وقدمت الدراسة تحليل لمصطلحات التخطيط، والاستراتيجية، والتخطيط الاستراتيجى. وأظهرت الدراسة الخصائص المتعددة للتخطيط الاستراتيجى والتى تجعله المنهجية الشاملة لدعم القدرات التنافسية للمؤسسات. وناقشت الدراسة أهداف التخطيط الاستراتيجى وما يقدمه فى سبيل دعم القدرات التنافسية للجامعات. وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من المبررات والعوائد من استخدام عملية التخطيط الاستراتيجى فى دعم القدرات التنافسية للجامعة.
الكلمات المفتاحية: التخطيط الاستراتيجى
مقدمــة :
لما كانت صناعة المزايا التنافسية للمؤسسة تتم من خلال رفض الواقع المتأخر بأوضاعه وظروفه الداخلية والخارجية وقيوده ومحدداته وأوجه القصور فيه وما يحتويه من فجوات وعقبات تحول دون التقدم المنشود، ومن ثم العمل على إيجاد واقع جديد أفضل وأرقى وأكثر إشباعاً للمتطلبات المجتمعية، واقع مؤسسى يقوم على إمكانيات أفضل فى الإنتاج والتسويق والتمويل والكوادر البشرية، وذلك للوصول إلى قمم النجاح والتفوق على الآخرين، بحيث تصبح المؤسسة نموذجاً يحتذى به، مما يجعل هناك إقبالاً على منتجاتها، ويبنى كيان من الثقة قائم على الأثر والتأثير، وعلى الإنطباع والصورة الذهنية عن المؤسسة. وإيجاد هذا الواقع الجديد يحتاج إلى تخطيط . (1)
والحاجة إلى التخطيط تنبثق من أن التخطيط هو عملية الوصول إلى الوسائل والإجراءات لتحقيق الأهداف الموضوعة، فهناك الأهداف العامة والتى تناظر مرحلة السياسة الموجهة لقطاع ما مثل قطاع التعليم، وهى السياسة التعليمية، ويسمى التخطيط لتحقيق هذه الأهداف العامة تخطيط السياسة التعليمية، وهناك الأهداف الوسيطة والتى تناظر مرحلة الاستراتيجية، ويسمى التخطيط لتحقيق هذه الأهداف بالتخطيط الاستراتيجى، ثم تأتى الأهداف الإجرائية، وهى أكثر تفصيلاً ومحددة الزمن والكلفة والمنفذين، ويسمى التخطيط لتحقيق هذه الأهداف بالتخطيط الإجرائى. (2) وفيما يلى يتم الوقوف على فلسفة التخطيط الاستراتيجى وكيف أنه المنهجية الأكثر مناسبة لدعم القدرات التنافسية للجامعة.
قضية الدراســة :
التنافس ظاهرة أثرت فى توجيه السلوك الإنسانى على مر العصور الطويلة الماضية، والعالم الآن يدخل فى منعطف تاريخى جديد، حيث "إن العالم بأسره على مشارف عصر جديد لاحت بوادره فى الأفق، ويتأهب المجتمع الإنسانى لنقلة نوعية حادة نحو مجتمع جديد، مجتمع لم تتحدد معالمه بعد، لكنه بلا شك مجتمع دينامى سريع التغير، مغاير بشدة لواقعنا الحاضر فى أشكاله وتنظيماته، وأنماط أعماله، وأدوات أفراده ومؤسساته، والعلاقة التى تربط بين عناصر المنظومة المجتمعية، فأحد سمات عالمنا المعاصر هو السباق الحضارى الذى يتمثل فى التفوق الذى تحكمه القوة وعناصرها، وهى تعتمد اليوم على ما تنتجه الشعوب من ثقافة وعلوم وتكنولوجيا وما يرتبط بها ويقوم عليها من نمو إقتصادى عملاق وإرتقاء إجتماعى عصرى، لذلك فإن إنتصار الشعوب أصبح قضية اقتصادية بدايتها فى المدرسة والمعمل ثم مرافق الإنتاج والخدمات". (3)
وبناءاً عليه لابد من الوقوف على منهجية التخطيط الاستراتيجى للجامعة لبناء مزايا تنافسية للجامعة تنافس بها غيرها من الجامعات محلياً وإقليمياً وعالمياً. ومن ثم يمكن بلورة قضية الدراسة فى السؤال الرئيس الآتى:
ما منهجية التخطيط الاستراتيجى للجامعة؟
ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة الفرعية الآتية :
1- ما الأسس الفلسفية والفكرية لنشأة التخطيط الاستراتيجى؟
2- ما النظرية العلمية القائم عليها منهجية التخطيط الاستراتيجى ؟
3- ما مبررات استخدام التخطيط الاستراتيجى للجامعة؟
4- ما دور التخطيط الاستراتيجى فى دعم القدرات التنافسية للجامعات؟
أهداف الدراســـة:
هدفت الدراسة الحالية إلى:
1- إبراز الأسس الفلسفية والفكرية لنشأة التخطيط الاستراتيجى وعلاقتها بالمتغيرات المجتمعية الديناميكية مثل التنافسية.
2- مناقشة النظرية العلمية للتخطيط الاستراتيجى فى ضوء قضية التنافسية.
3- تحليل خصائص ومبررات استخدام منهجية التخطيط الاستراتيجى للجامعة.
4- توضيح الأهداف وراء تطبيق منهجية التخطيط الاستراتيجى للجامعة.
أهمية الدراسة:
استمدت الدراسة أهميتها من:
1- الأهمية النظرية للتعرف عن قرب على منهجية (فلسفة) التخطيط الاستراتيجى للجامعات.
2- أن تحقيق الميزة التنافسية يعتمد على نتائج فحص وتحليل كل من نقاط القوة والضعف الداخلية إضافة إلى الفرص والتحديات المحيطة والسائدة فى بيئة المؤسسة مقارنة بمنافسيها. فالميزة التنافسية هى ذلك المفهوم الاستراتيجى الذى يعكس الوضع التنافسى النسبى الجيد والمستمر لمؤسسة ما إزاء منافسيها، بحيث يتجلى فى شكل تقديم خدمات ذات خصائص متفردة. وبهذا المعنى تعد الميزة التنافسية هدفاً استراتيجياً تسعى إلى تحقيقه المؤسسة من خلال الأداء المتميز للموارد الداخلية، والكفاءات الاستراتيجية ذات المعرفة الكامنة ضمن مختلف أنظمة وأنشطة وعمليات المؤسسة بما يؤدى إلى ريادة السوق على المدى الطويل.(4)
3- الأهمية التطبيقية لمنهجية التخطيط الاستراتيجى الشاملة والتى تركز على جمع المعلومات عن كافة الأطراف المؤثرة والمتأثرة بالجامعة، وتأخذ فى الاعتبار حاجاتهم ومتطلباتهم من أجل تلبية متطلبات المجتمع المحيط بالجامعة، وكذلك تركز على الدراسة المستمرة للبيئة الداخلية والخارجية للجامعة للوقوف على فجوة الأداء بين الواقع والمأمول فى أداء الجامعة، وذلك بهدف تضييق تلك الفجوة لتحقيق رسالة الجامعة والوصول إلى مستقبلها المنشود والذى يحقق لها الميزة التنافسية بالنسبة لغيرها من الجامعات بما يزيد من فرص الإقبال عليها من أفضل العناصر، وكذلك تحقيق أفضل استفادة للمجتمع بخدمات الجامعة. (5)
منهج الدراسة:
إعتمدت الدراسة على المنهج الوصفى. وهو عبارة عن مجموعة الإجراءات البحثية التى تتكامل لوصف الظاهرة أو الموضوع محل الدارسة إعتماداً على جمع الحقائق والبيانات وتصنيفها ومعالجتها وتحليلها تحليلاً كافياً ودقيقاً لاستخلاص دلالتها والوصول إلى نتائج تساعد على فهم الظاهرة المطروحة للدراسة وكذلك تحديد العلاقات والمقارنات بين تلك الظاهرة وظواهر أخرى. (6) وذلك لتقديم فهم للإطار الفكرى لمفهوم التخطيط الاستراتيجى وأهميته فى دعم القدرات التنافسية للجامعات.
مصطلحات الدراسة:
تحددت مصطلحات الدراسة فى:
التخطيط الاستراتيجى:
وهو عملية تحديد للأهداف طويلة الأمد للمؤسسة ومتابعتها فى ضوء الموارد المتوقع أن تتاح لها. (7) وإجرائياً يعنى" وضع الرؤية المستقبلية فى ضوء الظروف الداخلية، والخارجية للمؤسسة. وصياغة الأهــداف المناسبة فى ضوء الرؤية الموضوعة، ومن ثم تحديد الاستراتيجيات، والوسائل اللازمة لتحقيق تلك الأهداف المخططة بتدرج وتوازن بحسب الآولويات المحددة، والإمكانيات المتاحة لإحداث التطوير والجودة المنشودة ". (8)
|