لقد دعت القوانين والتشريعات الفيدرالية- والتي تعد الأساس في إيجاد برامج التربية الخاصة في المدارس العادية- إلى أنه يجب أن يتلقى الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة عامة والصم خاصة التعليم الحكومي المناسب والمجاني جنباً إلى جنب مع الطلاب السامعين إلى أقصى حد ممكن في بيئة أقل تقييداً Least Restrictive Environment (LRE) ، وتوفير ما يتطلب ذلك من إعادة إعداد للبيئة المجتمعية والمدرسية وتوفير الخدمات المساندة Supports Services ذات العلاقة بفئة الإعاقة، لضمان نجاح دمج الطلاب الصم فى المدارس.
لذلك، فإن المتأمل في مجال تربية وتعليم الصم ، يلاحظ أن تلك الفئة قد عانت خلال مراحل مختلفة بدأت بمرحلة الإهمال والرفض والعطف، ثم الاهتمام بحقوقهم....الخ، وصولاً إلى مرحلة الحق في التعليم ضمن سياق الفصل العادي "دمج كلي" أو في فصول ملحقة بالمدرسة العادية "دمج جزئي"، وكانت هذه المرحلة ما هي إلا نتاج الشرائع السماوية المختلفة والقوانين ذات العلاقة خاصة القانون الحكومي 94/142 لعام 1975 التعليم لجميع الأطفال المعاقين Education for all Handicapped Children Act. ، والذي يعد حجر الزاوية في التربية الخاصة لأنه غير مسار تربية وتعليم ذوي الإعاقة من التوجه نحو العزل إلى التوجه نحو الدمج ومتطلباته.
وبالرغم من أن عملية الدمج فى المملكة العربية السعودية قد استطاعت أن تنال قصب السبق فى تلك العملية على مستوى المنطقة العربية ، فإن الباحث يرى أن نتائج الدراسة الوطنية لتقييم تجربة دمج ذوى الاحتياجات الخاصة ، قد توصلت إلى العديد من النتائج تشير بين طياتها إلى أن تلك العملية فى حاجة إلى مقومات لاستمرار نجاحها ، حيث إن عملية الدمج تتطلب العديد من المقومات الأساسية واللازمة لتطبيقها أو بمعنى أدق عدة متطلبات لضمان نجاح عملية دمج الطلاب الصم في المدارس العادية (سواء في فصول ملحقة كخطوة أولى كما هو مطبق حالياً ، أو دمج مع أقرانهم السامعين في الفصل الدراسي) لنقلها من مستوى الفكر والتنظير إلى واقع العمل والتطبيق.
أن عملية الدمج ليست عملية سهلة خاصة إذا كانت تلك العملية مرتبطة بالطلاب الصم، وذلك يرجع إلى أن طبيعة تلك الفئة لا تقتصر فقط على أن المشكلة مرتبطة بالخيار التربوي سواء بيئة عزل (معهد/مدرسة خاصة) أو بيئة دمج (مدرسة عادية أو فصول ملحقة)، ولكنها مرتبطة بنظام أو فلسفة مجتمع، وأقصد مجتمع وفلسفة السامعين (طلاب، معلمين، أولياء أمور....الخ) ذوي العلاقة بتربية وتعليم الصم في المدرسة العادية، هذا المجتمع قد يجد صعوبة في الخيار المرتبط بالتواصل أو لغة التواصل، وما هي طريقة التواصل (الشفهية/اليدوية/الكلية) المفضلة للسامعين وللصم؟ وهل السامعين لديهم خبرة بهذه الطرق؟ وبمعنى أدق هل السامعين لديهم خبرة بثقافة الصم؟ ، إذاً عملية دمج الصم في المدرسة العادية يجب أن لا يقتصر التوجه نحو تطبيق تلك العملية على مفهوم الدمج المكاني فقط، بل أنها عملية متعددة الأبعاد ومحاطة بالمخاطر، الأمر الذي يؤكد أهمية معرفة متطلبات عملية الدمج الناجح لمسايرة الدول التي تنادي اليوم بحق الأصم في التعليم العالي مثل أقرانه السامعين.
لذلك حاولت الدراسة الحالية التعرف على الخيار التربوي الأكثر ملائمة للطلاب الصم (معهد للصم "مدرسة خاصة"، فصول ملحقة بالمدرسة العادية، فصل تعليم عام مع أقرانهم السامعين) فى البيئة السعودية (مدينة الرياض) من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين ؟ وما هي أكثر متطلبات عملية دمج الطلاب الصم أهمية في المدرسة العادية؟ ؟ وما أكثر هذة المتطلبات توافراً فى المدرسة العادية ؟وهل دمج الطلاب الصم مفيد للصم وأسرهم أم للسامعين وأسرهم أو لكلا منهما ؟ ، وتكونت عينة الدراسة في صورتها النهائية من (211) من العاملين من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ،طبق عليهم قائمة متطلبات الدمج (إعداد الباحث) ، والتى تكونت من (27) متطلب للدمج تم تقسيمهم الى خمسة محاور لقياس بعدين للقائمة هما أهمية متطلبات الدمج ومدى توافر تلك المتطلبات ،وباستخدام المنهج الوصفى ، حاولت الدراسة الحالية الإجابة على التساؤلات التالية :
1- ما الخيار التربوي الأكثر ملائمة للطلاب الصم (معهد للصم "مدرسة خاصة"، فصول ملحقة بالمدرسة العادية، فصل تعليم عام مع أقرانهم السامعين) فى البيئة السعودية (مدينة الرياض) من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين ؟
2- ما أكثر متطلبات عملية دمج الطلاب الصم أهمية في المدارس العادية من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين ؟
3- ما اكثر متطلبات عملية دمج الطلاب الصم توافراً فى المدارس العادية من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين ؟
4- هل توجد اختلافات فى وجهة نظر من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين حول فائدة دمج الطلاب الصم في المدارس العادية ؟
وباستخدام الأساليب الإحصائية توصلت الدراسة الى العديد من النتائج أهمها مايلى:
1- أن الخيار التربوي الأكثر ملائمة للطلاب الصم هو فصول ملحقة بالمدرسة العادية.
2- من أكثر متطلبات عملية دمج الطلاب الصم أهمية في المدارس العادية من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين مايلى :
o إعداد وتدريب المعلمين والإداريين لتنفيذ عملية الدمج.
o تهيئة التلاميذ الصم والسامعين لتنفيذ عملية الدمج.
o تجهيز الصفوف الدراسية بما يلاءم عملية دمج الصم .
o إعادة تكييف المناهج الدراسية بما يتلاءم مع قدرات الصم
o إلزام الإدارات التعليمية والجهات ذات العلاقة بدعم عملية الدمج و تعزيزها.
3- من أكثر متطلبات عملية دمج الطلاب الصم توافراً فى المدارس العادية من وجهة نظر العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين ما يلى:
o تفهم العاملين بالمدرسة لاحتياجات الطلاب الصم .
o توعية جميع العاملين فى مجال تربية وتعليم الصم والسامعين بخصائص الصم.
o إعداد وتدريب المعلمين والإداريين لتنفيذ عملية الدمج.
o الزام الإدارات التعليمية والجهات ذات العلاقة بدعم عملية الدمج و تعزيزها.
o أن تكون مدرسه الدمج قريبه من سكن الطالب.
3- أن دمج الطلاب الصم فى المدرسة العادية أكثر فائدة لكلاً من الصم والسامعين وأسرهما.
وفى ضوء تلك النتائج تم تقديم بعض التوصيات التربوية ذات العلاقة بتسهيل دمج الطلاب الصم فى المدرسة العادية واندماجهم فى المجتمع.
|
