تعد الثقافة واحده من أعقد مفاهيم العلوم الاجتماعية، اهتم ببحثها الرواد الأوائل لعلمي الاجتماع والأنتروبولوجيا، ومن أمثال أدوار تايلور وماكميلان وفرانزبواس وروث بندكت ومرجريت ميد ومالينوفسكي، وإميل دوركايم وماكس فيبر وكارل ماركس حتى كلود ليفي شتراوس، ثم جاءت الدعوة لتأسيس علم الاجتماع الثقافي والذي يعد فرعا من فروع علم الاجتماع المهتمة بدراسة الأبعاد الاجتماعية للظواهر الثقافية من عادات وتقاليد وسلوك وأعراف وقيم ودين وأخلاق، ونهض هذا الفرع علي حقيقة مفاداها أن الثقافة ذات جانبين مادي ولا مادي، وأنها من صنع البشر وتحمل العديد من المعاني الضمنية باعتبارها نظاما عاما للحياة بقدوم القرن العشرين ومع هيمنة الحداثة وسيطرة العولمة، اكتسبت الثقافة معاني متباينة، فهي رمزاُ للعمومية ومظهراُ للخصوصية وأحد أدوات العولمة، والتصق بها مصطلح العالمية حتى باتت تشير إلي الثقافة العالمية أو الثقافة العولمية . فالثقافة تقع في بؤرة العولمة، والعولمة انطلقت متسلحة بثقافات الشعوب لتجعلها ثقافة واحدة, وتنفي الخصوصية المميزة لكل مجتمع لتهتم بالتمثيل الرمزي Symbolic representation
وأصبح كل رمز يحمل العديد من المعاني الضمنية، فعولمة السلع المادية أسهم في عولمة السلوك والممارسات اللامادية المرتبطة بتسويق السلع وشرائها وهو ما أسهم في تغيير أسلوب معيشة البشر. وهو ما أكسب الثقافة معاني معقدة في القرنين العشرين والحادي والعشرين وأصبح البشر يعيشون في حالة من التواصل الرمزي، يجمعهم إنتاج واستهلاك السلع المادية التي تشبع رغباتهم وتحقق أهدافهم وتأصل لعاداتهم.
كشفت التطورات المعاصرة التناقض الجلي بين ما قامت عليه الحداثه من أسس (العقل + العلم + التكنولوجيا) وما دعت لهجرة (العادات والتقاليد) وبين دعوتها للعولمة المتسلحة بالثقافة بعناصرها المادية واللامادية.
انطلاقا مما سبق، بزغت فكرة موضوع البحث، حيث أننا نعيش الآن عصر التقدم في كافة مناحي الحياة، وعلي الرغم من هذا تعيش بيننا العديد من العناصر اللامادية للثقافة، وإن كانت لها وجود مادي ملموس.
|