الحمد لله ذي الفضل والمنة والصلاة والسلام على خير رحمة للامة , وبعد فقد توصلت من خلال البحث إلي عدة نتائج ، من أهمها ما يأتي :
1- جواز الاحتجاج بالقياس في العقوبات المقدرة في الشريعة الإسلامية باتفاق العلماء ، وذلك لابتنائها علي السلطة التقديرية لولي الأمر وقضاته المستمدة من الشرع الحنيف صيانة للمصالح ودفعاّ للمفاسد .
2- اختلاف العلماء في جواز الاحتجاج بالقياس في العقوبات المقدرة (الحدود والقصاص والكفارات) بناءً علي اختلافهم في مدي تعقل علة النصوص الشرعية الواردة بتلك العقوبات ، واختلافهم في دلالة النص من حيث كونها دلالة لفظية لذات النص الشرعي أو كونها دلالة قياسية .
3- أسس جمهور العلماء قولهم بجواز الاحتجاج بالقياس في العقوبات المقدرة علي إمكان تعقل علة النصوص الشرعية الواردة بها ، ومن ثم امتناع القياس فيها جملة .
4- اضطراد قول جمهور العلماء في الاحتجاج بالقياس في العقوبات المقدرة ، ولا يقدح في ذلك تركهم القياس في بعض الفروع الفقهية لوجود مانع من صحته .
5- عدم اضطراد قول السادة الحنفية بمنع الاحتجاج بالقياس في العقوبات المقدرة ، حيث أعملوا حقيقة القياس في فروع فقهية عديدة لكن بمسمي دلالة النص بما يخرج الخلاف عن كونه حقيقياً .
6- أن الاحتجاج بالقياس في العقوبات المقدرة وغير المقدرة لا يتعارض مع مبدأ الشرعية الجنائية في الشريعة الإسلامية ولا مبدأ الفصل بين السلطات لسعة مفهوم مبدأ الشرعية ومرونته في النظام الجنائي الإسلامي ولكون القياس دليلاً شرعياً كاشفاً عن الحكم الشرعي لا منشئاً له .
بينما يتعارض الاحتجاج بالقياس في العقوبات في الأنظمة الوضعية مع هذين المبدأين ، نظراًّ لضيق مفهوم مبدأ الشرعية وحدته وجموده في تلك الأنظمة ، وذلك لكونه محصوراً في النصوص القانونية المكتوبة فقط .
7- إن عقوبة التعزير لا تغني القاضي في النظام الجنائي الإسلامي عن الحاجة إلي القياس ؛ لأن في ذلك جموداً علي حرفية النصوص وإهداراً لعللها ؛ وهو ما ينافي قواعد الشريعة ومقاصدها العامة .
8- سبق الشريعة الإسلامية للأنظمة الوضعية في تقرير مبدأ تفريد العقوبة وتوسيع سلطة القاضي التقديرية .
9- تفتقردراسة علم الفقه إلي فهم القواعد الأصولية للمذاهب الفقهية ، وتحقيق الخلاف فيها ، كما تعظم دراسة علم الأصول في ضوء الاجتهادات الفقهية للمذاهب .
هذا والله العلي العظيم أسأل أن يجعل هذا البحث سبباً لاتصال الصالح من العمل إذا فرع الأجل وانقطع العمل وفي غير رحمة الله انقطع الرجاء والأمل . وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم علي خاتم النبيين والمرسلين وعلي آله وصحبه أجمعين .
|