الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
فقد توصلت في ختام البحث إلي عدة نتائج وتوصيات ، ومن أهمها ما يأتي :
1- عناية الفقه الإسلامي بقضية الشروط المقترنة بعقد الزواج لما لها من عظيم الأثر على صحة العقد واستقرار الحياة الزوجية وتمام الرضا بين الأزواج بل وأسرهم .
2- اتفاق الفقهاء على مشروعية الشروط الملائمة لمقتضي عقد الزواج ، واتفاقهم أيضاً على عدم مشروعية الشروط المنافية لمقتضي العقد .
3- اختلاف الفقهاء في مشروعية الشروط التي لا تلائم عقد الزواج ولا تنافيه وقد رجح البحث بالأسانيد العلمية مشروعيتها وفقاً لما اتجه إليه الفقه الحنبلي ، فهو أوسع المذاهب الفقهية في ذلك وأقربها إلي تحقيق مقاصد الشارع الحكيم .
4- اتفاق الفقهاء على عدم تأثير الشرط الملائم لمقتضى الزواج في صحته لأنه من موجبات العقد ، واختلافهم في تأثير الشرط المنافي لمقتضى الزواج في صحة العقد ، وقد رجح البحث قول المالكية بفساد العقد وفسخه قبل الدخول مع مضية بعد الدخول بمهر المثل مراعاة لخلاف من أبطل الشرط وحده ، ومن أبطل الشرط والعقد معاً .
5- اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة على عدم تأثير الشرط غير الملائم ولا المنافي للزواج في صحة العقد خلافاً للظاهرية فيبطل الشرط والعقد معاً .
6- اختلاف الفقهاء في لزوم الشرط غير الملائم ولا المنافي لمقتضى عقد الزواج ، وقد رجح البحث بالأسانيد العلمية قول الحنابلة بلزومه ، وثبوت الحق في الفسخ لمشترطه عند عدم الوفاء به خلافاً للجمهور ؛ لأن فيه فقهاً دقيقاً وعملاً بمقتضى النقل والعقل ، أما النقل فلعدم وجود دليل شرعي على مخالفة الشرط للشرع ، وأما العقل فلاستصحاب الإباحة الأصلية الثابتة للعقود والشروط ، ورعاية مصالح العباد المنوطة بشروطهم المقترنة بالعقد .
7- التفريق بين الزوجين لعدم الوفاء بالشرط ليس إلزاماً ، بل هوخيار لصاحب الشرط إن شاء استعمله وإن شاء أسقطه . دفعاً لتوهم أن في إقرار العمل بالمذهب الحنبلي فتحاً لباب انقطاع عقود الزوجية . وأيضاً قد رجح البحث القول بافتقاره إلى حكم القاضي احتياطاً لشأن الفرقة .
8- نظم الفقه الحنبلي أحكام التفريق لعدم الوفاء بالشرط تنظيماً دقيقاً تمثل في وضع ضوابط لثبوت هذا الحق وكيفية استعماله وأسباب سقوطه وأثره على المهر والمتعة والعدة والنفقة على النحو المبين في البحث .
9- عدم معالجة قانون الأحوال الشخصية المصري حتي لحظة الانتهاء من البحث قضية الشروط المقترنة بعقد الزواج ، ومن ثم يكون قول السادة الحنفية ببطلان تلك الشروط وصحة العقد وعدم جواز التفريق لعدم الوفاء بها هو الواجب التطبيق كما هو معلوم .
10- كان للمشرع المصري محاولات عديدة في الاتجاه إلى الأخذ بالمذهب الحنبلي في الشروط المقترنة بعقد الزواج لكن لم يكتب لشئ منها أن يقر تشريعياً .
11- يوصي البحث بضرورة استجابة المشرع الوضعي لحاجة المجتمع المصري إلى تقنين مسألة الشروط المقترنة بعقد الزواج أخذاً من المذهب الحنبلي تيسيراً على الناس ورفعاً للضيق والحرج عنهم ورعاية مصالحهم .
. . . هذا وأتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يعم به النفع وأن يتجاوز عن التقصير والزلل ، وأن يجعل ما بذلت فيه من جهد سبباً للمغفرة والرحمة يوم الحساب لي ولوالدي ولأساتذتي ولكل مطلع عليه ممن يحب العلم ويوقر أهله .
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على خاتم النبيين والمرسلين .
﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾
|