صدر التوجيه الأوربى رقم (849) لعام 2015 بتاريخ 20 مايو 2015 عن البرلمان والمجلس الأوربى ، والمتعلق بحظر استخدام النظام المالى بهدف غسل رؤوس الأموال أو تمويل الارهاب ، وهو ما يسمى بالتوجيه الرابع لمكافحة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب ( ) . ويضع هذا التوجيه على عاتق الشركات والكيانات القانونية ، باستثناء الشركات المقيدة بسوق الأوراق المالية ، إلتزاماً بتحديد مستفيديها الفعليين .
ويهدف هذا الإلتزام إلى تحديد والإعلان عن هؤلاء المستفيدين الفعليين بايداع أسمائهم قلم كُتاب المحكمة التجارية لإرفاقه بالسجل التجارى وسجل الشركات ، حتى تتمكن الجهات المعنية من ممارسة الرقابة على الأشخاص الذين يختفون خلف أشخاص طبيعية أو إعتبارية لإخفاء جرائمهم المالية ، وهم فى الحقيقة المستفيدون الفعليون فى الشركة .
وقد تم نقل أحكام هذا التوجيه إلى القانون الداخلى الفرنسى بمقتضى المرسوم رقم 1635 لعام 2016 الصادر فى الأول من ديسمبر لعام 2016 ( ) .
ثم أعقب ذلك صدور قانونSapin II ( ) ، والذى ينص على التزام الشركات، باستثناء الشركات المقيدة بسوق الأوراق المالية ، والكيانات القانونية الملتزمة بالقيد فى سجل التجارة والشركات بتحديد والإعلان عن مستفيديها الفعليين .
موضوع الدراسة :
أولى التوجيه الأوربى الرابع رقم (849) لعام 2015 إهتماماً بالغاً بفكرة المستفيد الفعلى وضرورة تحديده من قِبل الشركات والكيانات القانونية المعنية .
ومن أجل ذلك فرض إلتزاماً عاماً على جميع الشركات والكيانات القانونية الملتزمة بالقيد فى سجل التجارة والشركات ، بضرورة تحديد مستفيديها الفعليين والإعلان عنهم. وذلك إعمالاً لفلسفة التوجيه المذكور التى تتمثل فى ضرورة إلتزام كافة الدول الأعضاء فى الإتحاد الأوربى ، بتوسيع نطاق تطبيق هذا الإلتزام سواء بالنسبة للشركات أو الكيانات القانونية الأخرى.
وقد إعتمد التوجيه المشار إليه ، فى سبيل تحقيق هذا الهدف ، وهو تحديد المستفيدين الفعليين فى الشركات ، معياران أساسيان إذا توافر أحدهما فى شخص أو أشخاص طبيعيين ، كان مستفيداً فعلياً فى الشركة ، وتعين عليها الإعلان عنه . وهذان المعياران هما معياراً كمياً وآخر نوعياً .
ويتمثل المعيار الكمى فى تجاوز ملكية الشخص لأكثر من 25% من رأس مال الشركة أو حقوق التصويت ، بينما يتمثل المعيار النوعى ، فى ممارسة السيطرة على الشركة بأى وسيلة أخرى .
والتزام الشركات والكيانات القانونية بتحديد والإعلان عن مستفيديها الفعليين الذى تضمنه التوجيه الأوربى المذكور ، والذى تم نقله للقانون الداخلى الفرنسى ، قد دخل حيز التنفيذ فى الأول من أغسطس لعام 2017 بمقتضى المواد 561-46 ومابعدها من القانون النقدى والمالى ، وتم تفصيلها فى المواد من 561- 55 ومايلها من ذات القانون .
وقد تم النص على هذه الالتزامات فى مبحث جديد ، وهو المبحث التاسع ، بعنوان" سجل المستفيدين الفعليين " .
أهمية موضوع الدراسة :
تستهدف دراسة المستفيد الفعلى فى الشركات رفع النقاب عن سلسلة من الأشخاص الطبيعيين أو الإعتباريين الوسطاء للوصول إلى الشخص الطبيعى الذي هو المستفيد الفعلى من أى نشاط إقتصادى للشركة .
والمستفيد الفعلى هو ذلك الشخص الطبيعى الذى يتم التصرف نيابة عنه ، أو الذى يستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من خدمة أو منتج ، أو هو من يمارس السيطرة على الشركة أو على الكيان قانونى . إنه ، فى النهاية ، سبب وجود القانون الاقتصادى بصفة عامة .
ولا شك أن الغرض من الإلتزام بتحديد والإعلان عن المستفيدين الفعليين هو ضمان شفافية أكبر فى الحياة الاقتصادية والمالية ، وتيسير مراقبة الهيئات المسؤولة عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
وتجدر الإشارة إلى أنه فى حين أن الغرض من تحديد المستفيدين الفعليين هو اكتشاف الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم مالية ، إلا أنه فى الأصل نظاماً وقائياً .
خطة الدراسة :
تستلزم دراسة الإلتزام بتحديد والإعلان عن المستفيدين الفعليين ، معرفة الأطراف المعنية بتنفيذ هذا الإلتزام ، ومعايير تحديد هؤلاء المستفيدين الفعليين .
وبناء على ماتقدم نقسم هذه الدراسة إلى فصليين على النحو التالى :
الفصل الأول : نطاق تطبيق الإلتزام بتحديد والإعلان عن المستفيدين الفعليين.
الفصل الثانى : تحديد المستفيدين الفعليين .
|