تعد العلاقة الآمنة الدافئة التي يعمها الحب فيما بين الطفل ووالديه تجسد ، عاملا هاماً يدفع الطفل إلى الشعور بالثقة والأمان , في حين إن افتقاده لتلك العلاقة يقلل من قدراته على إقامة علاقات اجتماعيه ايجابية في المستقبل والذي بدوره يصبح أداه حيوية وفعالة لشعوره بالوحدة النفسية والقلق والاكتئاب .
وفي ضوء ذلك فمن المتعارف عليه بين المختصين في دراسات الطفولة أن من أفضل السبل وأكثر كفاءة لتحقيق نمواً سوياً للأطفال وتعليمهم هي الأساليب التي تعتمد من ناحية ما علي التسلية والإمتاع ، ومنح الفرص للتفاعل ومن ناحية ثانية تعبر وترتبط بخصائص الطفولة ومن ناحية ثالثة تيسر الغور في أعماق الإنسان لتدخل معه الي عالم مشكلاته الداخلية لتبحث عنها وتمكنه من طرحها وإسقاطها علي الواقع الخارجي عبر ما يقوم به الفرد من تداعي حر وبالفعل والحركة لما يعتلج، بداخله وبالتالي تفريغ ما بتلك الأعماق من مواقف وخبرات سلبية والعمل علي مواجهتها بطرق مناسبة ، وبالتالي التغلب عليها والتخلص منها وهنا نجد أنشطة السيكودراما (Psychodrama) والتي تعد أحد أساليب العلاج النفسي الجماعي حيث تعتمد في أساسها علي وجود الفرد داخل الجماعة التي تعمل علي تهيئة الفرص له للتعبير التلقائي عن مشاكله النفسية – والتي تتمثل الدراسة الحالية في شعوره بالوحدة النفسية - ويتخذ هذا التعبير أشكالاً ذات طبيعة درامية متعددة من خلال التعبير اللفظي والأدائي بالحركة والفعل .
ومع الإشارة إلي مفهوم الوحدة النفسية فهي قصور الطفل وعجزه عن التقاعل الايجابي وعن إقامة علاقات اجتماعية مثمرة مع الآخرين نتيجة عدم توافر المهارات الاجتماعية اللازمة للتفاعل لديه نتيجة شعوره بالإهمال وافتقاده الحب والتقبل ، مما يتبعه الشعور بالنبذ والرفض الاجتماعي .
أما عن مفهوم السيكودراما فهي واحداً من أساليب العلاج الجماعي تعتمد علي الأداءات الدرامية في المواقف التي تدور حول بعض المشكلات النفسية وهي بالدراسة الحالية الشعور بالوحدة النفسية ومن خلال التعبير الحر الطليق والتلقائي للأطفال وقيامهم بطرح ما بداخل أعماقهم وإسقاطه علي الخارج كل حسب الدور الذي ارتضاه من أدوار المواقف ، يتم التنفيس الانفعالي ومن ثم الاستبصار الذاتي بمشكلاتهم التي تدور حولها هذه المواقف السيكودرامية ، والذي غالباً ما تؤسس علي خبرات ترتبط باضطراب هؤلاء الأطفال الذين يشاركون في الاداء والتأليف للمواقف وتعتمد جلسات السيكودراما العلاجية علي عدة عناصر أساسية وهي البطل – الموضوع – المخرج – الأدوات المساعدة ، وباقي الأطفال .
ولذا كانت السيكودراما والتي من شأنها أن تدفع الأطفال الي التفاعل في إطار مواقف درامية اجتماعية جماعية متنوعة يقوم فيها الطفل بالأخذ والعطاء كما بالواقع ... وعليه كانت من أنسب - في حدود علم الباحثة – الأساليب للتعامل مع تلك المشكلة ومساعده الطفل كي ينخلع عن شعوره بالوحدة النفسية مع المحيطين به . خاصة وأنها تتضمن العديد من الفنيات التي من شأنها أن تتيح للأطفال الاشتراك في أياً منها ومن تلك الفنيات لعب الأدوار , قلب الأدوار ، تقديم الذات ، النقاش والحوار ، المرآة ، التعزيز وكذلك ممارسة النشاط المنزلي .
مشكلة الدراسة
وقد أتت بصفة رئيسية من خلال ملاحظات الباحثة أثناء زياراتها لبعض المؤسسات الإيوائية حيث لاحظت بعض المظاهر النفسية – غير السوية – علي الأطفال منها الانعزال ، الافتقار إلي الأصدقاء , الرغبة في تجنب الآخرين , الشعور بافتقاده التقبل والحب , عدم الثقة بالنفس , والتقييم السلبي للذات وللآخرين ... وعليه دعمت ملاحظاتها من خلال التراث النظري ومن ثم قامت بدراستها الاستطلاعية ومع ما سبق عملت علي صياغة مشكلة الدراسة في جملة من التساؤلات التالية :-
• هل توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين القبلي والبعدي علي مقياس الشعور بالوحدة النفسية ؟
• هل توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والتتبعي علي مقياس الشعور بالوحدة النفسية ؟
• هل توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس البعدي علي مقياس الشعور بالوحدة النفسية ؟
• هل توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس التتبعي علي مقياس الشعور بالوحدة النفسية ؟
فروض الدراسة
1- لا توجد فروق دالة إحصائياً عند مستوي ≤ أ.ر.بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين القبلي والبعدي علي أبعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية .
2- لا توجد فروق دالة إحصائياً عند مستوي ≤ أ.ر.بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والتتبعي علي أبعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية .
3- لا توجد دالة إحصائياً عند مستوي ≤ أ.ر.بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) فى القياس البعدي علي أبعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية .
4- لا توجد دالة إحصائياً عند مستوي ≤ أ.ر.بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس القبلي والبعدي علي أبعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية .
إجراءات الدراسة :-
• فقد استخدمت الباحثة عينه من أطفال مرحلة رياض الأطفال (4-6) سنوات الأيتام والملتحقين بأحدي المؤسسات الإيوائية ، راعت فيهم مجموعة من الشروط وإتباع إجراءات التجانس فيما بينهم في كل من الذكاء العام ودرجة الشعور بالوحدة النفسية .
• كما اعتمدت علي المنهج شبه التجريبي الذي يعتمد علي تصميم المجموعة الواحدة .
• وقد استخدمت الدراسة أدواتها للوصول إلي النتائج وكانت مقياس الشعور بالوحدة النفسية لأطفال المؤسسات الإيوائية الأيتام (4-6) سنوات إعداد الباحثة والذي شمل أربع أبعاد رئيسية هي الشعور بالوحدة النفسية بالمؤسسة – الشعور بالوحدة النفسية بالأماكن العامة – الشعور بالوحدة النفسية بأماكن الدراسة – الشعور بالوحدة النفسية بالتجمعات وبرنامج الدراسة باستخدام السيكودراما إعداد الباحثة والذي هدف بشكل عام نحو مساعدة الأطفال عينه الدراسة علي تخفيف الشعور بالوحدة النفسية لديهم ومساعدتهم علي مواجهة هذا الإحساس والتغلب عليه بالمستقبل وتنمية طرق سليمة للتعامل مع ذويهم والمحيطين بهم .
• كما استعانت الباحثة ببعض الأساليب الإحصائية وهي اختبار ويلكوكسون (WILCOXON test ) واختبار مان وتيني (Mann Whitney test ) ، وقد توصلت الدراسة في نتائجها إلي :-
- عدم تحقق الفرض الأول من فروض الدراسة والذي دل على انه توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية فى القياسين القبلي والبعدي على ابعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية لصالح القياس البعدي وهذا مما يعنى فاعلية برنامج الدراسة والذي استخدم فنيات السيكو دراما .
- تحقق الفرض الثانى من فروض الدراسة والذي دل على عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية فى القياسين البعدي والتتبعي على أبعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية وهذا مما يعنى استمرار فاعلية برنامج الدراسة فى تأثيره على أفراد العينة التجريبية .
- تحقق الفرض الثالث وكذلك تحقق الفرض الرابع والخاصين بقياس متغير جنس الأطفال ( ذكور / إناث ) والذين أوضحا انه لا توجد فروق دالة إحصائيا بين متوسطي درجات الأطفال من الجنسين ( ذكور / إناث ) فى كل من القياس البعدي والقياس التتبعي على أبعاد مقياس الشعور بالوحدة النفسية .
وقد تناولت الباحثة النتائج بالتفسير والمناقشة فى ارتباطها بعدة عوامل منها عوامل ترتبط بالأطفال أنفسهم وخصائصهم ، عوامل ترتبط بالبيئة المحيطة بالطفل ، عوامل ترتبط ببرنامج الدراسة القائم على السيكودراما.
ومع التراث النظري للدراسة ، ومن خلال الدراسة التجريبية ، وما أسفرت عنه من نتائج فقد قدمت الباحثة بعض التوصيات منها تشجيع وتيسير التفاعل والاندماج الاجتماعي لطفل المؤسسات الايوائية مع الأقران العادين فى مواقف الحياة العامة ، ومن خلال الزيارات المتبادلة وعقد الدورات التدريبية للأخصائيين والقائمين على رعاية أطفال المؤسسات الايوائية
|