أقرب الذين يتحتم عليهم رعاية الطفل هم والديه وإلا غالبا ما كان معنى التقصير فى ذلك هو الإساءة إليه. وتأتي أهمية دراسة ظاهرة الإساءة اذا ما أدركنا أن الأطفال الذين يتعرضون للإساءة لديهم احتمال أكبر من حيث التعرض لخطر الاصابة بالمشكلات أو الاضطرابات النفسية . وعليه فهذه الفئة من الأطفال – المساء إليهم – عادة يصبحون شخصيات سوسيوباتية ، هؤلاء الذين يتسمون بالسلوك المضاد للمجتمع ( Antisocial Behavior)، فهم لا يستطيعون التعاطف أو التفاهم مع الآخرين أو الشعور بهم كما أنهم يتميزون بضحالة الانفعال ، والأنانية ، والقسوة على الآخرين دون قلق او شعور بالذنب ...
والإساءة للطفل ليست ظاهرة معزولة عن المجتمع فلا يمكن عزل اضطراب الطفل عن الطريقة التى يفكر بها ، وما يحمله من أراء وأفكار عن نفسه ، وعن العالم من حوله ، وهذا مما يزيد من أهمية التدخل المبكر للوقاية ، والعلاج. ومن هذا المنطلق فقد سعت الدراسة الحالية نحو دراسة الاضطرابات لدي طفل الروضة ، أى منذ مرحلة مبكرة له . أضف إلى ذلك أن الباحثة عملت على دراسة بعض الاتجاهات ، حيث يعبر الاتجاه عن استعداد مبكر قبل الوصول إلى مرحلة المرض والتى تجسدت هنا فى - بعض – الاتجاهات السوسيوباتية ، وهى جملة من السلوكيات المضادة للمجتمع ، والتى منها بالدراسة الحالية : الاعتداء ( اللفظي والبدني ) التخريب ، مخالفة القوانين والقسوة ، وهى فى جملتها تنم عن الضرر الفعلي للآخرين وتأخذ – غالبا – شكل السلوك الظاهر ، والتى تحدث لدي الطفل – عينة الدراسة– بناءا على توجيه الإساءة إليه بأحد الشكلين: الأول هو ( البدني أو اللفظي )،والثاني هو( الإساءة بالنبذ والإهمال )
ولما كان العلاج المعرفي السلوكي يتعامل مع الاضطرابات من منظور ثلاثي الأبعاد ( معرفيا – انفعاليا – سلوكيا ) ، بحيث يستخدم العديد من الفنيات سواء من المنظور المعرفي أو الانفعالي او السلوكي .. فقد توجهت الباحثة نحو استخدامه لتحسين تلك الاتجاهات لدي طفل الروضة ، وذلك من خلال توظيف فتياته فى إطار برنامج أعدته لهذا الغرض ، حيث نجد هذا الشكل من أشكال العلاج يساعد من ناحية على تدعيم أفكار ومفاهيم وسلوكيات ايجابية فى الأطفال ، والكبار أيضا ، ومن ناحية أخري إجلاء أو تعديل أفكار وسلوكيات ومفاهيم أخري سلبية لديهم ، وذلك من خلال الممارسات والنشاطات المعرفية والسلوكية التى يتدربون عليها ويكتسبونها بالبرنامج مما يتيح لهم الفرص كي يسيروا بخطوات معرفية وسلوكية منظمة تساعدهم على فهم وإدراك الواقع الذي يوجه إليهم ، وبالتالي التعامل مع المواقف بالشكل المناسب واختبار الاستجابات الملائمة التى تتسم بالصحة النفسية.
وذلك من خلال استخدام فنيات هذا الشكل من أشكال العلاج والتى كان منها : ( الحديث الذاتى وإعادة البنية المعرفية ، النمذجة المعرفية ، التدريب على حل المشكلات ، التحكم الذاتي ، التعزيز ، والأنشطة المنزلية ) ، وهكذا فان هذا الاتجاه المعرفي السلوكي يستند بشكل رئيسي الى التشفير المعرفي للمعلومات من خلال العمليات العقلية الذي يري ان فى فترات الألم النفسي يصبح تفكير الفرد أكثر جمودا وتشويها ، ويصبح معتقده الأساسي هو نفسه والعالم محدودا بدرجة كبيرة وبالتالى تتأثر انفعالاته ، وكذلك ردوده السلوكية محدودة ومشوهة.
وصفوة القول أن الأسلوب المعرفي السلوكي يسعى نحو تعديل كل من الفكر والانفعال والسلوك ، ولما كان تأثير الاتجاهات السوسيوباتية تأثيرا واسعا حيث لا يقتصر على الطفل ، وإنما يمتد إلى المجتمع والأفراد الآخرين ، لذا فتعد العلاقة الدافئة مع راشد يقدم النظام المعتدل والمتسق ومنذ مرحلة مبكرة ، عامل هام يحول بين الطفل وبين تعرضه للمصادر غير الضرورية للضغوط .
ويدعم ذلك اذا ما تم باكرا خاصة مع كون الاتجاهات لا تتغير غالبا ، أو لا تستبدل بنفس السهولة التى تكتسب بها ، بل يصبح الاتجاه بعد نشأته جانبا مندمجا فى شخصية الفرد يؤثر على أسلوبه السلوكى ككل ، ولكن غالبا ما تنجح المحاولات الاولى جيدة التخطيط لتعديل الاتجاهات فى تغيير الفكرة المعقدة .
مشكلة الدراسة :
وقد أتت مشكلة الدراسة من خلال القراءات والأدبيات النظرية وأيضا من ملاحظات الباحثة التى جاءت عن زيارتها لعدد من الروضات ، وعليه قيامها بإجراء لقاءات وحوارات مع والدي الأطفال ، وبعض المعلمات والإداريات بالروضات والتى أوضحت بعض الآثار السلبية التى تنجم عن ممارسات الايذاءات اللفظية والبدنية والنفسية كالإهمال والنبذ ) المختلفة للأطفال وذلك على أنفسهم ، وما يتبعه من انحراف لسلوكه المجتمعي أيضا ، والتى كان منها الاتجاهات السوسيوباتية كالعداء ، التدمير ، الأنانية ، القسوة ،... الخ .
فروض الدراسة :
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين القبلي والبعدي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية لصالح القياس البعدي.
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والتتبعي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية لصالح القياس التتبعي.
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين القبلي والبعدي على أبعاد مقياس إساءة معاملة الطفل والدرجة الكلية لصالح القياس البعدي.
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والتتبعي على أبعاد مقياس إساءة معاملة الطفل والدرجة الكلية لصالح القياس التتبعي.
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس البعدي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية.
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس التتبعي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية.
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس البعدي على أبعاد مقياس إساءة معاملة الطفل والدرجة الكلية.
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس التتبعي على أبعاد مقياس إساءة معاملة الطفل والدرجة الكلية.
إجراءات الدراسة :
- وقد استخدمت الباحثة على النحو السابق عينة من أطفال مرحلة الروضة ، راعت في اختيارهم من الخصائص الإجرائية ، وصل عددهم النهائي الى (16) طفلا وطفلة نصفهم من الذكور والنصف الآخر من الإناث.
- واعتمدت الدراسة على المنهج شبه التجريبي الذي يعتمد على تصميم المجموعة الواحدة.
- كما استعانت بعدد من الأدوات وهى ( مقياس الإساءة لطفل الروضة " 4 – 6 " إعداد الباحثة وقد شمل بعدين رئيسين هما الإساءة بالنبذ والإهمال للطلبة والإساءة البدنية واللفظية
- و مقياس الاتجاهات السوسيوباتية " السلوك المضادة للمجتمع " لأطفال الروضة إعداد الباحثة وقد شمل فى صورته النهائية أربعة أبعاد وهى التخريب ، الاعتداء ، مخالفة القوانين ، والقسوة ، وبرنامج الدراسة وهو برنامج للتدخل المبكر باستخدام فنيات العلاج السلوك المعرفي لتحسين الاتجاهات السوسيوباتية لدي اطفال الروضة المساء اليهم )
ومع الأدبيات العلمية النظرية وإتباع الإجراءات المنهجية للدراسة فقد توصلت نتائجها الى :
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية فى القياسين القبلي والبعدي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية لصالح القياس البعدي.
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية فى القياسين البعدي و التتبعي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية لصالح القياس التتبعي. وبناءا عليه فهذا يعني تحقق الفرض الأول والفرض الثانى من فروض الدراسة والخاصين بالتطبيق والخاصين بدورهما بالتحسن فى الاتجاهات السوسيوباتية مع تطبيق البرنامج ، وكذلك توصلت الدراسة الى :
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية فى القياسين القبلي و البعدي على أبعاد مقياس الاساءة والدرجة الكلية لصالح القياس البعدي.
- توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية فى القياسين البعدي و التتبعي على أبعاد مقياس الإساءة والدرجة الكلية لصالح القياس التتبعي.
وبناءا عليه فهذا يعنى تحقق الفرضين الثالث والرابع من فروض الدراسة ، والخاصين بالتطبيق ، والخاصين بدورهما بالتحسن على درجة الاستجابة على مقياس الشعور بإساءة المعاملة . وايضا توصلت الدراسة الى :
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس البعدي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية.
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس التتبعي على أبعاد مقياس الاتجاهات السوسيوباتية والدرجة الكلية.
وعليه فهذا يعنى تحقق الفرضين السابقين من فروض الدراسة ، والخاصين بمتغير جنس الأطفال على مقياس الاتجاهات السوسيوباتية كما توصلت الدراسة الحالية الى :
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس البعدي على أبعاد مقياس إساءة معاملة الطفل والدرجة الكلية.
- لا توجد فروق دالة إحصائيا عند مستوي ≤ 0.01 بين متوسطي درجات أفراد المجموعة التجريبية من الجنسين ( ذكور / إناث ) في القياس التتبعي على أبعاد مقياس إساءة معاملة الطفل والدرجة الكلية.
وبناءا عليه فهذا يعنى تحقق الفرضين السابقين من الدراسة والخاصين بمتغير جنس الأطفال ( ذكور / إناث ) على مقياس إساءة المعاملة .
وفى تفسير الباحثة للنتائج فقد أرجعتها إلى عدة جوانب مترابطة ، وكان منها :( عوامل ارتبطت بالطفل نفسه وخصائصه ، عوامل ارتبطت بالبيئة المحيطة بالطفل ، وعوامل ارتبطت ببرنامج الدراسة وفنياته ) ، ومع التنظير الخاص بمتغيرات الدراسة ، ومن خلال الدراسة التجريبية لها ، وما توصلت اليه من نتائج فقد عملت الباحثة على تقديم عدد من التوصيات التى كان منها ضرورة الاستمرار فى اعداد البرامج التى تيسر من تحسين وتعديل الجوانب السلبية لدى الطفل ، والمحاولات الدءوبة نحو حث الوالدين خاصة والمجتمع المحيط بالطفل عامة على التفاعل الإيجابي فى إطار ما يعد من هذه البرامج
|