1. مشكلة البحث:
يُعدّ الإفصاح عن المخاطر قضية فكرية وعملية ذات أهمية بالغة، ليس فقط لأصحاب المصالح، وإنما أيضًا للمجتمعات العالمية في الوقت الراهن، وذلك نظرًا لما يشهده العالم من عدم استقرار، وما يترتب على ذلك من تغييرات في أسعار السلع الاستهلاكية، مما يؤثر بشكل مباشر على بقاء الشركة واستمراريتها، وكذلك على أدائها المالي وقيمتها السوقية.
اهتمّ الأدب المحاسبي بالدور المهم لعضوية المرأة في مجلس الإدارة، لما توفره من تنوع فكري داخل المجلس، وتباين في المهارات القيادية بين الأعضاء من الذكور والإناث. هذا التنوع يُسهم في تعزيز استقلالية مجلس الإدارة، ويحدّ من قدرة المديرين التنفيذيين على التلاعب، مما يؤدي إلى رفع مستوى الحكمة والرشد في القرارات الاستثمارية للمجلس، وبالتالي تحسين الأداء المالي للشركات ودعم قيمتها السوقية.
أشارت إحدى الدراسات إلى أن المديرات أكثر نشاطًا مقارنة بنظرائهن من الرجال، ومن المرجح أن يشاركن في لجان المراجعة ويحضرن اجتماعات مجلس الإدارة بانتظام. كما توفر المديرات نهجًا تعاونيًا في القيادة وصنع القرار، مما يُسهم في تعزيز التواصل بين أعضاء مجلس الإدارة، وهو ما يؤدي بدوره إلى اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق نتائج إيجابية للشركات، بما في ذلك الأداء والإفصاح، بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود المديرات في مجلس الإدارة يُثري عملية المداولات من خلال تقديم آراء ووجهات نظر متنوعة، مما يعزز جودة القرارات المتخذة.
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في إبراز أهمية الإفصاح عن المخاطر المالية وغير المالية، مثل زيادة تعقيد العمليات التشغيلية في العديد من الشركات، إلى جانب التعقيد الموجود أصلاً في هياكل الأعمال، بالإضافة إلى التغيرات المتسارعة في البيئات الاقتصادية والتنظيمية العالمية، وهذه العوامل دفعت مجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) إلى إصدار المعيار IFRS 7 بعنوان "الأدوات المالية: الإفصاح"، الذي يُلزم الشركات بالإفصاح عن المخاطر ويهدف إلى تحسين شفافية المعلومات المحاسبية، إلى جانب ذلك، جاءت آليات بازل 3 في عام 2010، ثم إصدار المعيار الدولي لإدارة المخاطر "أيزو 31000" في عام 2013، بهدف المساهمة في تحسين مستوى الإفصاح عن المخاطر لتلبية احتياجات أصحاب المصالح من المعلومات التي تساعدهم على اتخاذ القرارات الاستثمارية ودعم قيمة الشركة.
يؤثر مستوى الإفصاح عن المخاطر بشكل كبير على الأداء المالي للشركات وقيمتها السوقية. حيث إن الإفصاح الدوري والمنظم عن المخاطر التي تواجهها الشركات، ودرجة تعقيدها وتشابكها، يُسهم في تقليل مخاطر عدم تماثل المعلومات، ويخفض تكلفة رأس المال المستثمر. كما يساعد على تحسين تنبؤات المحللين الماليين بشأن التدفقات النقدية ومستويات الربحية للشركة. إضافة إلى ذلك، يُمكن أصحاب المصالح من اتخاذ قرارات استثمارية أكثر رشداً، مما ينعكس إيجابًيا على تحسين الأداء المالي للشركات وزيادة قيمتها السوقية.
لذلك تحاول الدراسة الحالية الإجابة على التساؤل الرئيس التالي:
ما أثر عضوية المرأة في مجلس الإدارة على مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة؟
وللإجابة على هذا التساؤل يجب الإجابة على تساؤلات فرعية وهى كما يلي:
ما أثر عضوية المرأة في مجلس الإدارة على مستوى الإفصاح عن المخاطر؟
ما أثر عضوية المرأة في مجلس الإدارة على قيمة الشركة؟
ما أثر مستوى الإفصاح عن المخاطر على قيمة الشركة؟
ما أثر عضوية المرأة فى مجلس الإدارة على العلاقة بين مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة؟
2. أهداف البحث:
يهدف البحث إلى سد الفجوة في مجال الإفصاح عن المخاطر وعضوية المرأة فى مجلس الإدارة ، وهو أمر غير مستكشف نسبيًا، إن التنوع بين الجنسين باعتباره عنصرًا حاسمًا في حوكمة الشركات يمكن أن يعمق الفهم بشأن هذه الفكرة في ظل دولة نامية مثل مصر، لذا يهدف هذا البحث إلى اختبار أثر عضوية المرأة في مجلس الإدارة على العلاقة بين مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة، وذلك للشركات المساهمة غير المالية المقيدة في البورصة المصرية وذلك خلال الفترة من عام (2019) حتى عام (2023)، ويشمل الهدف الرئيسي مجموعة أهداف فرعية وهي كما يلي:
- دراسة وتحليل عضوية المرأة في مجلس الإدارة وأثر ذلك على مستوى الإفصاح عن المخاطر.
- دراسة وتحليل عضوية المرأة في مجلس الإدارة وأثر ذلك على قيمة الشركة.
- دراسة وتحليل مستوى الإفصاح عن المخاطر وأثره على قيمة الشركة.
- تقديم دليل عملي من بيئة الأعمال المصرية عن أثر عضوية المرأة في مجلس الإدارة على العلاقة بين مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة للشركات المساهمة غير المالية المقيدة بالبورصة المصرية.
3. أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث من تقديمه دليلاً تطبيقياً من البيئة المصرية كمثال هام على الإقتصاديات النامية عن تأثير عضوية المرأة في مجلس الإدارة على طبيعة العلاقة بين مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة للشركات المساهمة غير المالية والمقيدة بالبورصة المصرية.
كما أن نتائج هذا البحث قد تكون محل إهتمام مجالس الإدارات وأصحاب المصالح والهيئات المهنية والرقابية، بسبب مساهته في زيادة الوعي بأهمية عضوية المرأة في مجلس الإدارة وإدراك الشركات المصرية لإنعكاس ذلك على قيمة الشركة بجانب أهمية الإفصاح عن المخاطر لدى أصحاب المصالح لضمان تقييم عادل لهذه الشركات، وتحسين شفافية المعلومات والحد من عدم تماثل المعلومات وبالتالي الرشد في اتخاذ القرارات الاستثمارية وحسن توجيهها لتعظيم العائد منها.
4. حدود البحث:
الحدود الزمنية: يغطي البحث الفترة من عام 2019 حتى عام 2023.
الحدود الموضوعية: يركز البحث على دراسة أثر عضوية المرأة في مجلس الإدارة على العلاقة بين مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة، كما يقتصر على الشركات المقيدة بالبورصة المصرية، مع استبعاد الشركات المالية والبنوك نظراً لطبيعتها الخاصة وخضوعها لقواعد وإجراءات قانونية ونظامية مختلفة، بالإضافة إلى قابلية تعميم النتائج مشروطة بقيود الدراسة التطبيقية.
الحدود المكانية: يقتصر البحث على الشركات المقيدة بالبورصة المصرية.
5. فروض البحث:
يمكن صياغة فروض البحث على النحو التالى:
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على مستوى الإفصاح عن المخاطر.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على قيمة الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لمستوى الإفصاح عن المخاطر على قيمة الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على العلاقة بين مستوى الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة.
6. خطة البحث:
انطلاقًا من أهمية البحث وتحقيقًا لأهدافه المنشودة وللإجابة على تساؤلاته البحثية، تم تقسيم هذا البحث على النحو التالي: يعرض القسم الأول الاطار العام للبحث، ويتناول القسم الثاني الإطار النظري للبحث، بينما يتناول القسم الثالث تحليل الدراسات السابقة واشتقاق الفروض، وتركز الباحثتان في القسم الرابع على تصميم الدراسة التطبيقية وبناء نماذج الدراسة، بينما يتناول القسم الخامس تحليل ومناقشة نتائج الدراسة التطبيقية واختبار الفروض البحثية، وأخيرا يتناول القسم السادس النتائج والتوصيات والتوجهات البحثية المستقبلية.
7. نتائج البحث:
تتمثل أهم نتائج البحث التي يمكن استخلاصها من الدراسة النظرية والتطبيقية وتحليل الدراسات السابقة ذات الصلة فيما يلي:
- انخفاض مستوى الإفصاح عن المخاطر لشركات العينة سواء فيما يتعلق بمدى تغطية الإفصاح عن المخاطر لكلاً من المخاطر المالية وغير المالية أو كمية الإفصاح عن المخاطر.
- اهتمام تلك الشركات بالإفصاح عن المخاطر المالية التى قد تتعرض لها الشركة وعدم الإفصاح عن معظم المخاطر غير المالية.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على تغطية الإفصاح عن المخاطر مقاساً بمؤشر يحتوى على عدد من المخاطر المالية وغير المالية التى تواجه الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على كمية الإفصاح عن المخاطر مقاساً بالاعتماد على نسبة عدد الجمل فى التقرير المالى السنوى للشركة التى تحتوى على كلمات دالة على المخاطر إلى إجمالى عدد الجمل بالتقرير المالى السنوى.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على قيمة الشركة، حيث أن تنوع أعضاء مجلس الإدارة من حيث الجنس والمهارات والخبرات يعمل عل تحسين قيمة الشركات وأداءها المالي، وذلك لأن تزويد المجلس بأعضاء ذوى رؤى ووجهات نظر جديدة يساعد المجلس في معالجة المشكلات من خلال تقديم أساليب وطرق إبتكارية في إدارة الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لتغطية الإفصاح عن المخاطر على قيمة الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لكمية الإفصاح عن المخاطر على قيمة الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على العلاقة بين تغطية الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة.
- يوجد تأثير معنوى لعضوية المرأة فى مجلس الإدارة على العلاقة بين كمية الإفصاح عن المخاطر وقيمة الشركة.
8. توصيات البحث:
في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها، توصى الباحثتان بما يلي:
- التوعية بضرورة التنوع بين الجنسين فى مجلس الإدارة، لما يترتب عليه من إضفاء تنوعاً وتوسعاً فى الأفكار ووجهات النظر فى اجتماعات مجلس الإدارة.
- تشجيع الشركات على استقطاب الكفاءات النسائية فى عضوية مجلس الإدارة بحيث يكون تواجد المرأة بناءً على خبرتها وكفاءتها.
- توجيه اهتمام مجالس معايير المحاسبة بضمان المزيد من الإفصاح عن المخاطر للجمهور في مصر نظرًا لإنخفاض الإفصاح عن المخاطر في الشركات المدرجة في البورصة المصرية.
- الإفصاح طواعية عن المزيد من المعلومات حول المخاطر حيث يمكن أن يزيد ذلك من قيمة شركتهم.
- ضرورة قيام الشركات المدرجة بالبورصة المصرية بتحسين وزيادة مستوى الإفصاح عن المخاطر بالتقارير السنوية من خلال توفير الإفصاح الكافى والملائم من حيث الكمية ومدى تغطيتها للمخاطر المالية وغير المالية.
|
