بين الإنسانِ والكِتَابِ علاقةٌ حقيقيةٌ، كما بين الإنسان ونظيره؛ فبينهما الحُب، والعشق، والشوق، والحنين، وبينهما الكُرْه، والبُغض، والخوف، والرهبة، إلا أن علاقة الحب كانت أقواها، فبدأت بالحب، وتطورت إلى العشق، والهوس، والإدمان، والجنون؛ وكان من مظاهرها حب القراءة، وعشق الكتب ذاتها، ثم هوس اقتنائها وجمعها، وكان لهذه العلاقة أثَرٌ قويٌ على سلوكيات الإنسان وحياته، مما كان له الأثر الإيجابي على الحضارة الإنسانية.
لذا كانت هذه الدراسة لإظهار علاقة العشق بين الإنسان والكِتَابِ في كلا الحضارتين الإسلامية والغربية، من خلال تصنيف مظاهر البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية، وإظهار أيهما كان أكثر تنوعًا، وحصر مقتنيات الببليومانيين الإسلاميين والببليومانيين الغربيين، ورصد وتحليل التخصصات العلمية والمهنية للببليومانيين الإسلاميين والغربيين، ومقارنة التخصصات العلمية لكلا الببليومانيتين، واكتشاف الامتداد الجغرافي للبِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية، وتحديد البلدان الإسلامية والغربية التي ظهرت فيها البِبْلِيُومَانْيَا، واستبطان أسباب ظهورها في هذه الدول بعينها، وكذلك استنتاج العمق الزمني للبِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية، ورصد فترات ازدهار وخفوت البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية.
وقد استخدمت الدراسة المنهج التاريخي، ثم استخدمت المنهج المقارن لتحقيق أهداف الدراسة والإجابة على تساؤلاتها، ولهذا تناولت مظاهر البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية، وحجم مقتنيات الببليومانيين الإسلاميين والغربيين، وتخصصاتهم العلمية، والمهنية، بالإضافة إلى جغرافية البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية، وتطورهما التاريخي، منذ الميلاد والازدهار والخفوت.
وخلصت الدراسة إلى أن البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية كانت أسبق في الظهور من البِبْلِيُومَانْيَا الغربية بما يزيد عن خمسة قرون، وكانت البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية أوسع جغرافيًا من البِبْلِيُومَانْيَا الغربية، فشملت الأولى (11) دولة، بينما شملت الثانية (8) دول فقط، كما كانت أشمل علميًا؛ فقد شملت (15) تخصصًا علميًا، بينما اقتصرت البِبْلِيُومَانْيَا الغربية على (9) تخصصات علمية فقط، ولم يكن للبِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية أية مظاهر سلبية، بينما كان للبِبْلِيُومَانْيَا الغربية مظاهر سلبية، مثل سرقة الكتب، أو قتل بائعيها. كما خلصت الدراسة إلى أن ازدهار وخفوت ظاهرتي البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية ارتبط بمدى قوة وضعف الحضارتين، وأنه لا يكاد يوجد عالم مشهور، في الحضارة الإسلامية أو الغربية، إلا وهو عاشق للكتب اقتناءً ومطالعةً، وأن البِبْلِيُومَانْيَا الإسلامية والغربية ساهمت في حفظ النتاج الفكري الإنساني؛ فحفظوا الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة.
|