قضت المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1967 في قضية Katz v. United States بأن " ما يعرضه الشخص بإرادته لجمهور الناس ، حتى لو في منزله أو مكتبه ، ليس موضوعًا لحماية التعديل الرابع للدستور الفيدرإلي " ، ويقصد بذلك أن الشخص ليس لديه تمتع بالحق في الخصوصية بشأن المعلومات التي يقدمها طواعية إلي أطراف ثالثة ، ويطلق علي هذه القاعدة في النظام القانوني الأمريكي قاعدة الطرف الثالث .
وينص التعديل الرابع للدستور الأمريكي علي أنه "من حق المواطنين أن يكونوا أمنين علي أشخاصهم ومنازلهم وأوراقهم وأمتعتهم ضد عمليات التفتيش والضبط غير القانونية ، لا يجوز انتهاكها ، ولن تصدر أي أوامر ، بذلك ولكن بناء علي وجود سبب أو شك محتمل " .
وقد تعرضت قاعدة الطرف الثالث لانتقادات شديدة لتقييدها دون داعٍ للحق في الخصوصية ، ولكن بغض النظر عن رأي المحكمة العليا في القاعدة القائلة بأن المواطنين ليسوا مستحقين لحماية التعديل الرابع عندما يشاركون المعلومات مع بعضهم البعض ، فإن قاعدة الطرف الثالث مترسخة إلي حد كبير في مجالات أخرى في السوابق القضائية للتعديل الرابع .
وتكمن أهمية الدراسة في أن نظام الإجراءات الجنائية في أي دولة يهدف إلي حماية حق الدولة في العقاب إلي جوار حرصه علي حماية الأبرياء ، وتتحقق الحماية المقررة لحق الدولة في العقاب من خلال الوصول للحقيقة ، غير أن طريق الوصول للحقيقة محفوفا بمخاطر الافتئات علي حقوق الأبرياء ، لذلك يجب علي كل نظام إجرائي أن يكفل الوسائل اللازمة لمنه المساس بالحقوق والحريات ، ومن أجل تلك الغاية تم اقرار التعديل الرابع لدستور الولايات المتحدة الأمريكية والذي أقر الحق في الخصوصية بحيث يأمن الأفراد من تعسف سلطات انفاذ القانون في عمليات التفتيش والضبط ، غير أن الواقع العملي يفرض بعض الاعتبارات ، وفي هذه الدراسة نتعرض لأحدي القواعد المستقرة في النظام القضائي بالولايات المتحدة الأمريكية وهي قاعدة الطرف الثالث ومدي تعارضها مع الحق في الخصوصية في ضوء التعديل الرابع للدستور ، وكذلك أثر التطور العلمي في مجال الاتصالات الحديثة عليها .
|