منذ بداية الخليقة ويحاول الإنسان تسهيل الحياة علي نفسه من خلال اختراع الالات والأدوات التي تسهل عليه حياته اليومية ، فمنذ العصر الحجري مرورا بالثورة الصناعية في أوربا ووصولا إلي مرحلة الالات التي لديها القدرة علي التفكير والتصرف علي نحو يحاكي السوك البشري ، وهذه الآلآت يطلق عليها أنظمة أو كيانات الذكاء الاصطناعي .
وفي ضوء ماسبق صار من اللازم اتخاذ نهجاً منظماً للتعامل مع هذه الكيانات ورسم سياسة مستقبلية لذلك تشمل توضيح الأسس والمفاهيم الأساسية الخاصة بهذه الكيانات ، وكذلك توضيح مدي إمكانية تطبيق قواعد المسئولية بكافة صورها علي هذه الكيانات للتمكن من مواجهة المشكلات القانونية التي ستظهر من جراء هذه الكيانات .
ولم يسن المشرع المصري حتي الأن تشريعا جنائيا فيما يتعلق بالكيانات التي تعمل بتقنيات الذكاء الإصطناعي ، ولا فيما يتعلق بقواعد المسئولية المدنية في هذا الشأن وهذا حال أغلب مشرعي دول العالم وذلك بالنظر إلي حداثة الموضوع ، غير أنه أتخذ بعض الإجراءات في هذا الشأن ، حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2889 لسنة 2019 بشأن إنشاء مجلس وطني للذكاء الإصطناعي ( تم نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ، في العدد رقم 47 مكرر ، بتاريخ 24 نوفمبر 2019 ) ، علي أن يكون تابعا لمجلس الوزراء ، ويختص هذا المجلس بوضع الإستراتيجيات الوطنية فيما يتعلق بالذكاء الإصطناعي ، والإشراف علي متابعة تنفيذها وتطويرها ، وكذلك اعداد التوصيات الخاصة بالتشريعات ذات الصلة بمجالات الذكاء الإصطناعي .
ولقد أعتمد البرلمان الأوربي مشروع قرار بشأن الوضع القانوني للربووتات في السادس عشر من فبراير 2017 ، وذلك بغرض منحها الهوية أو الشخصية الإعتبارية الإلكترونية ، ومن ثم تمتعها بالحقوق والإلتزامات المحددة ، بحيث لا يمكن اعتبار الربووتات أداة في أيدي أصحابها أو مطوريها أو مستخدميها .
وفي النظام القانوني الأمريكي علي المستوي الفيدرالي : على الرغم من انتشار الذكاء الاصطناعي في كل مكان في جميع مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية ، لا يوجد تشريع فيدرالي شامل بشأن الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة حتى الآن ، ومع ذلك فقد سن الكونجرس الأمريكي ويدرس العديد من التشريعات التي ستنظم جوانب معينة من الذكاء الاصطناعي ، وتواصل السلطة التنفيذية اعتماد التوجيهات ووضع القواعد التي ستؤثر على استخدام الذكاء الاصطناعي .
علي مستوي الولايات : فيما يتعلق بالأضرار التي قد تنجم عن كيانات الذكاء الإصطناعي أقرت العديد من الولايات تشريعات فيما يتعلق بالمركبات ذاتية القيادة للمساعدة في معالجة الالتزامات المرتبطة بالسيارات ذاتية القيادة .
في هذا الموضع من الدراسة نعرض للحجج أو الاعتراضات التي ساقها أنصار الاتجاه المعارض لتقرير المسئولية الجنائية للكيانات التي تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي ، وكذلك أنصار الرأي المؤيد لتقرير المسئولية الجنائية للكيانات التي تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي ، ثم نعرض لأحكام المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تقع نتيجة وجود هذا الكيانات الذكية في الحياة اليومية داخل المجتمع .
|