فاعلية برنامج لتنمية الذكاء الانفعالي لدى عينة من المراهقين ذوى الميول الاندفاعية العدوانية
مجلة كلية التربية بالزقازيق، العدد 48 سبتمبر 2004 ، 233- 287
للانفعالات دور هام في حياتنا نظرا للدور التواصلي الذي تقوم به، والذي ينطلق بلا من أحكام تقييمية في أصلها، وبها تتحدد النوايا السلوكية ومضامين الرسائل التي نود أن نوصلها للآخرين، وبخاصة إذا ما وضعنا في اعتبارنا أن الانفعالات لا توجد في صورة مجردة بل تتداخل مع غيرها، ولقد حظي موضوع الانفعالات باهتمام العديد من علماء النفس سواء في المجال السوى أو المرضى، وتم تناوله من عدة زوايا نظرا لأهميته النظرية والعملية، وقد تباينت وجهات نظر العلماء بشأن طبيعة الانفعالات وعلاقتها بالمعرفة والذكاء، وتكمن أهمية الدراسة في الاهتمام برعاية وتدريب الأبناء المراهقين على مهارات الذكاء الانفعالي الذى يجب أن يحظى بالأولوية في مهام ومسئوليات النشئة والتربية والتعليم. والهدف منها هو التحقق من فاعلية برنامج لتنمية الذكاء الانفعالي، وتتبع مدى استمرارية فاعلية هذا البرنامج فيما أحدثه من تدخل نمائي. وأعدت الباحثة مقياس الذكاء الانفعالي وقائمة تشخيص ذوى الميول الاندفاعية العدوانية. وقامت بالتحقق من الصلاحية السيكومترية لكل منها، كما أعدت برنامجا لتنمية الذكاء الانفعالي.
وبالرجوع إلى الاطار النظري للدراسة وإلى الدراسات السابقة تمثلت فروض الدراسة فيما يلي:
1- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات المجموعتين التجريبية والضابطة في القياس البعدي للذكاء الانفعالي بأبعاده المختلفة لصالح المجموعة التجريبية.
2- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات القياسين القبلي والبعدي للمجموعة التجريبية للذكاء الانفعالي بأبعاده المختلفة لصالح القياس البعدي.
3- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات الذكور والإناث في القياس البعدي للذكاء الانفعالي بأبعاده المختلفة.
4- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي وبعد فترة المتابعة على مقياس الذكاء الانفعالي بأبعاده المختلفة.
وتم اختيار عينه الدراسة من طلبة وطالبات المدارس الثانوية بمحافظة القليوبية، وبلغ عدد أفرادها (120) طالبا وطالبة، تتراوح أعمارهم بين (15-18) عاماً.
واستخدمت الدراسة المنهج التجريبي متمثلا في تقسيم أفراد عينه الدراسة إلى مجموعتين تجريبية وضابطة (ذكور- وإناث) حيث يشارك أفراد المجموعة التجريبية دون الضابطة، وتستخدم الباحثة المقارنات الاحصائية لتقييم مدى فاعلية البرنامج في تنمية الذكاء الانفعالي، وجاءت نتائج الدراسة تشير إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين التجريبية والضابطة في القياس البعدي للذكاء الانفعالي بأبعاده المختلفة لصالح المجموعة التجريبية وبين القياسين القبلي والبعدي للمجموعة التجريبية لصالح القياس البعدي وهي نتيجة تتفق مع نتائج دراسات عدة سابقة، وأثبتت نتائج الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية في متوسط درجات الذكور والإناث في القياس البعدي للذكاء الانفعالي في بعدي التعاطف والمهارات الاجتماعية لصالح الإناث وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط دركات الذكور والإناث في القياس البعدي للذكاء الانفعالي في الدرجة الكلية لصالح الذكور، وبذلك تلتقي هذه النتيجة مع رؤية أوسع لمفهوم الذكاء الانفعالي متفقة مع مقتضيات نحاج الأفراد من الجنسين في الحياة، فقد تجاوب الأفراد من الذكور مع أفكار ونشاطات البرنامج التي تعد بحق الحجر الأساسي في تنمية الذكاء الانفعالي، وهي الوعي بالذات وضبط الذات، حيث رغبوا في أن ينتهوا من البرنامج وقد تعلموا ألا يقعوا تحت رحمة اندفاعهم وحدة انفعالهم، وأن يثقوا في كل ما يتخذونه من قرارات، ويتخلصوا من التجهم والقلق وسرعة الاستثارة، كما تعلموا أن الوعي باذات هو مفتاح النجاح في العلاقات من الآخرين وتوجيه السلوك، أما التعاطف أو التقمص أو الوجداني والمهارات الاجتماعية ففي مهارات أخرى تتأسس إنسانيا بشكل جوهري منذ سنوات النمو الأولى عند الإناث لتتبدى في موهبة التواصل وفن التعامل مع الآخرين، وبذلك يتضح أن البرنامج قد لمس في البنين القدرة الأكبر على الصمود لا غيا ما هو متعارف عليه في عمليات التنشئة الاجتماعية من استهجان صور الاندفاع والعدوان التي تصدر عن الفتيات وقبولها من غير تحفظ في بعض الأحيان من جانب البنين، ولذلك جاء إنجاز البنين خلال جلسات البرنامج تأسيسها أوليا حققوا فيه مكاسب سيكولوجية أعمق، بينما تخطت الفتيات إلى ما تعتقدن أنه الأهم والأجدر بالتعاطي وهو التعاطف والتواصل وكسب ود الآخرين، وقد ثبت للبرنامج فاعلية في إحداث تحول واضح وملموس في تواصل أفراد العينة وتأثرهم بالبرنامج تأثرا حقيقاً، والتقت نتائج الدراسة الحالية مع الأدبيات النظرية التي تشير إلى أن عدم القدرة على فهم واستقراء انفعالات الآخرين يترتب عليه سوء فهم واضطراب في العلاقات، وأن بالإمكان تنمية الذكاء الانفعالي وتطويره من خلال أنشطة وطرائق متعددة إذا ما أعطيناه الاهتمام الواجب منذ لحظة الميلاد وحتى الصبا والشباب، فالذكاء مفهوم واسع شامل وله دوره الخطير وبخاصة في مرحلة المراهقة التي وإن كانت منعطفا خطيرا في حياة الفرد، تختلج فيه نفسه بثورات الإندفاع والعنف وتساوره مشاعر الضيق والتبرم والاحتجاج، وبخاصة حيال حياته الأسرية وعلاقاته بالوالدين والأقران وغيرهم من الراشدين من حوله، إلا أن لها تأثيرا كبيرا على تكوينه النفسي والاجتماعي وعلى شخصيته بوجه عام، وكان من توصيات الدراسة:
1- التركيز على التأكيد على العلاقة الدينامية الهامة بين الأسرة والمدرسة لما تبذلانه من جهد في تنمية الذكاء الانفعالي لدى أبنائنا.
2- نوعية الوالدين والمعلمين بأهمية الذكاء الانفعالي والتي لا تقل أهمية عن الذكاء المعرفي.
3- التركيز على فئة المضطربين انفعاليا وسلوكيا والاهتمام بإعداد برامج إرشادية تنموية تخفف من وطأة اضطراباتهم وتقدم لهم خدمات نفسية تنمي جوانب شخصياتهم المختلفة.
|