يعد موضوع المشاركة المجتمعية من الموضوعات المهمة التي تمس حاضر الإنسان وتؤثر في علاقاته الاجتماعية، فالطفل كائن اجتماعي بطبعه، يتفاعل مع مجتمعه ، يؤثر فيه ويتأثر به؛ فهو بحاجة إلى تعلم مهارات التفاعل والاتصال، وإن إكساب الفرد مهارات المشاركة المجتمعية وتنميتها منذ الصغر سيجعلها عادة سلوكية في حياته المستقبلية، وهو ما ينعكس إيجابياً عليه وعلى مجتمعه ، فتدريب الأطفال على العمل بروح الفريق يعد أحد أهم القيم التي لها العديد من الآثار الإيجابية التي تنعكس على سلوك وشخصية الطفل، وتخلّصه من النزعة الفردية والتمركز حول الذات. وعلى الرغم من ذلك اتضح للباحثة من خلال إشرافها على طالبات قسم رياض الأطفال، بكلية التربية النوعية ، جامعة بنها ،في أثناء فترة التدريب الميداني قصور واضح لدى معلمات رياض الأطفال في ممارسة أنشطة المشاركة المجتمعية، كالمشاركة في الأنشطة التطوعية، وأنشطة المساندة الاجتماعية وغيرها؛ اعتقادًا منهن بأن هذه المهارات لا يمكن إكسابها للطفل في هذه المرحلة العمرية ، وقد أكدت دراستا كل من عسكر (2016) ، وعلي ( 2009) انخفاض مهارات المشاركة في الخدمات المجتمعية لدى أطفال الروضة ،وأوصتا بضرورة تنمية المهاارت الاجتماعية لدى الطفل، والتي تجعل منه فرداً إيجابياً في مجتمعه ، في حين أكد العديد من الدراسات أن المشاركة المجتمعية ليست شعاراً تربوياً مجتمعياً، وإنما هي ضرورة اجتماعية ، يجب أن تتحول إلي واقع في هذه المرحلة، وضرورة تنميتها في المراحل العمرية المختلفة بشكل عام ومرحلة رياض الأطفال بشكل خاص ، كدراسة (Anarino (2009 التي أوصت بضرورة اتجاه المجتمعات نحو تعليم أبنائها كيفية المشاركة بالأنشطة المجتمعية المختلفة، ودراسة Teater(2009) التي توصلت نتائجها إلى أهمية إكساب الأطفال مهارات الحياة الاجتماعية والعمل الجماعي، من خلال ما يقدم لهم من أنشطة وبرامج ومشروعات داخل المدرسة ، ودراسة مطر (2010) التي أكدت ضرورة تدعيم صور المشاركة المجتمعية برياض الأطفال ، ودراسة عبد السلام (2011) التي نادت بحق الفرد في إبداء رأيه حول ما يواجه مجتمعه من مشكلات، وتقديم الحلول المناسبة لها ،ودراسةMORIS 2012) )التي أكدت أن التنمية لن تأتي إلا إذا توفرت مظاهر المشاركة المجتمعية، والتي تتضمن مشاركة المواطنين بجميع فئاتهم في تطوير مجتمعهم لأنهم أصحاب المصلحة الحقيقيون ، ودراسة ( Efrat (2013 التي أكدت ضرورة تخصيص برامج تعليمية تتبلور فيها صور المشاركة المجتمعية التي تحقق قيم التنمية المتواصلة ، ودراسة (Pablo (2014التي أكدت ضرورة الاهتمام بطرائق التدريس والأنشطة التي تدعم مفاهيم المشاركة المجتمعية، وضرورة إكساب أفراد المجتمع بمختلف المراحل العمرية المهارات اللازمة لممارسة أنشطة المشاركة المجتمعية ، مما يعود على كل من الفرد والمجتمع بالعديد من الفوائد،عن طريق العمل الجماعي الذي يجعلهم مستعدين لمواجهة المشكلات التي قد يتعرض لها المجتمع والتصدي لها بحلول علمية وعملية، ودراسة ( Ulrike (2014التي هدفت إلى تدريس قيم المشاركة المجتمعية في المراحل التعليمية المختلفة وخاصة قيم المواطنة التشاركية ،ودراسة القيق (2014) التي أشارت نتائجها إلى وجود رغبة وتوجه إيجابي لدى الأفراد نحو المشاركة المجتمعية، وإداركهم أهمية الدور الذي يقومون به في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، ودراسة Foundation 2015) )التي أكدت أن أطفال الروضة الذين يميلون أكثر إلى إظهار سلوكيات المشاركة المجتمعية وسمات "الكفاءة الاجتماعية" - مثل المشاركة أو التعاون أو مساعدة الأطفال الآخرين، لا يحتاجون لتلقي أي تدخل أو علاج إضافي لتحسين مهاراتهم الاجتماعية بعد رياض الأطفال، ويكونون أكثر تقبلاً للتحصيل الدراسي والالتحاق بالمستويات العليا من التعليم، وأكدت دراسة (Tyler (2016ضرورة توفير مناهج وطرائق تدريس لتعليم قيم المشاركة المجتمعية، والاهتمام بتأهيل النشء وإكسابهم سلوكيات تعليمية تساعدهم في ممارسة أنشطة المشاركة المجتمعية شكلاً ومضموناً.
وهنا نؤكد أن تنمية مهارات المشاركة المجتمعية يسهم في تأصيل عادات الطفل وسلوكياته الإيجابية ، كما تنمي لديهم مشاعر الانتماء، وتقضي على مظاهر السلبية والاتكالية لديهم، فإكساب الطفل لتلك المهارات ينمي لديه العديد من المهارات المتصلة بتكوين علاقات مع الآخرين، وتعرّف مشكلات المجتمع والمشاركة في وضع حلول لها.
(المعيلي،2014،ص 160)
كما يعد الترويح حقاً إنسانياً لكل فرد، فالأنشطة الترويحية من أحب وأنسب الأنشطة لطفل الروضة، فهي تسهم في إكسابه العديد من المهارات والقيم والمعلومات ، وقد أكد ذلك بعض الدراسات كدراسة سليم (2010) التي أكدت الدور الذي تؤديه الأنشطة الترويحية في تنمية كفاءة الأطفال، وذلك من خلال الارتقاء بقدراتهم في مواجهة المشكلات، وإكسابهم أنماطا سلوكية حميدة، والتمسك بالعادات الحسنة ، ونمو العلاقات الاجتماعية الطيبة، ودراسة Roy( 2011) التي أوضحت أن ممارسة الأنشطة الترويحية أو اللاصفية نقطة ارتكاز حقيقية من أجل تحقيق النجاح في عملية التعليم والتعلم ،ودراسة عبد الرحيم (2012) التي أشارت إلى أن المشاركة في الأنشطة الترويحية تتيح قدرا كبيراً من الخبرات التي ترسخ القيم التربوية، وتثري حياة الفرد وتزوده بالعديد من أساليب التكيف مع نفسه ومع المجتمع ، مما يجعل لها أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع ، ودراسة( Mailloux ( 2013 التي أكدت أن مشاركة التلاميذ في الأنشطة الترويحية تحفز لديهم الإحساس بالنشاط والفعالية، وترفع من استعدادهم لخوض التحدي، وتسمح لهم بتطويرمجموعة من المهارات، التي يمكن استخدامها في الحياة اليومية، ودراسة السمنودي ؛ الذهبي ؛ محمد (2014 ) التي أشارت إلى دور الأنشطة الترويحية في تحقيق التمكين الاجتماعي، وذلك من خلال وعي الأفراد بأهمية ممارسة الأنشطة الترويحية، ودورها في اكتساب المهارات الاجتماعية التي تساعد في الاندماج والتكيف والتفاعل مع الآخرين، وممارستهم للأنشطة التي تتميز بالمتعة والأمان ومناسبتها لقدراتهم، ودراسة أبو النجا (2015)التي أشارت إلى ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻔﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ، والتي يمكن استخدامها في الحياة اليومية، ودراسة ﻣﺤﻤﺪ ،النشمي(2018)التي أوصت باستخدام طفل الروضة للأنشطة الترويحية في اسثمار وإدارة أوقات فراغهم ، ودراسة أحمد(2018) التي نادت بضرورة استخدام برامج الترويح المتنوعة لتنمية مهارات طفل الروضة.
وكان اختيار الباحثة للأنشطة الترويحية؛ لأن تلك الأنشطة تسهم في جعل وقت الفراغ وقتاً مثمراً ونافعاً للطفل، بدلاً من إضاعته فيما لا يفيد بممارسة أنماط سلوك غير هادفة وغير منظمة قد تؤدي إلى إزعاج الآخرين من حوله ومضايقتهم، فيصبح منبوذاً منهم، ويفقد ثقته بنفسه، مما يؤدي إلى معاناته من العديد من المشكلات السلوكية التي تؤثر على شخصيته.
وقد وقع اختيار الباحثة على استخدام الأنشطة القصصية كنوع من الأنشطة الترويحية؛ لما للقصة من أهمية وتأثير قوي على الطفل في شتى الجوانب؛ فقصص الأطفال تعطي للطفل خبرات متنوعة شاملة ومتكاملة ، والطفل يتلقى من هذه الخبرات ما يعده للاستجابة بطريقة إيجابية بمواقف حياته القادمة ، فهو يتعلم من خلال تلك الخبرات التي يعايشها أنه متميز، ويمكنه السيطرة على وظائفه ،ويمكنه إنجاز الخبرات الجديدة وحل المشكلات ، بل يتم تدريبه على إعادة التوافق مع ظروف الإحباط والفشل، من خلال محاولات التوصل للحلول المناسبة.
( حجازي ،2009،ص 227)
يتضح مما سبق القصور الواضح في ممارسات معلمات الروضة لأنشطة تتناول تنمية مهارات المشاركة المجتمعية لدى طفل الروضة، والتي تعد هدفاً أساسياً في تربية النشء ليكونوا قادرين على القيام بأدوارهم المستقبلية تجاه مجتمعاتهم، لتواكب ركب التقدم والتنمية المنشودة، مما دعا الباحثة إلى التفكير في إجراء هذا البحث الذي تناول استخدام الأنشطة الترويحية القصصية، لتنمية بعض مهارات المشاركة المجتمعية لدى طفل الروضة.
وتتحدد مشكلة البحث في السؤال التالي:
- ما فعالية استخدام برنامج أنشطة ترويحية قائم على القصة لتنمية بعض مهارات المشاركة المجتمعية لطفل الروضة؟
ويتفرع منه الأسئلة الفرعية التالية:
1- ما مهارات المشاركة المجتمعية المناسب تنميتها لدى طفل الروضة؟
2- ما التصور المقترح لتصميم أنشطة البرنامج الترويحي القائم على القصة لتنمية بعض مهارات المشاركة المجتمعية لدى طفل الروضة ؟
|