بدأ الإحساس بمشكلة البحث الحالي، من خلال قيام الباحثة بزيارات ميدانية لبعض مراكز ضعاف السمع، بمدينة بنها محافظة القليوبية، حيث لاحظت قصور العديد من المهارات بين الأطفال ضعاف السمع ومنها مهارات التفكير البصري، وقد اتضح لها أن تركيز الأنشطة المقدمة لهم في تلك المراكز، ينصب على الأنشطة التي تهتم بالتحصيل الأكاديمي، وخاصة أنشطة اللغة والتخاطب والقراءة والكتابة والرياضيات، لإرضاء وتحقيق أهداف أولياء أمورهم، في حين أن الباحثة تؤكد من خلال اطلاعها على الأبحاث والدراسات في هذا المجال، أن الهدف الأساسي من تلك المراكز ليس قاصرا على ما سبق فحسب، وإنما هو إعداد الطفل ضعيف السمع وتأهيله في جميع المهارات اللازمة ليندمج في المجتمع المحيط به بشكل طبيعي، ومن أهمها مهارات التفكير البصري.
وقد أكدت نتائج وتوصيات الدراسات والبحوث في مجال الأطفال ذوي الإعاقة، ضرورة توفير قدر أكبر من الاهتمام والرعاية لهذه الفئة مقارنة بالأطفال العاديين؛ فهم يحتاجون قدرا أكبر من الدعم المستمر والمكثف في أنشطة الحياة، ليتمكنوا من العيش مع أفراد المجتمع بشكل طبيعي.
فقد أكد عيسى وخليفة(2017، ص110 ) زيادة نسبة الإعاقة في المجتمعات التي تعاني من الفقر والجهل والمرض؛ لذا فالمجتمعات النامية أكثر مجتمعات العالم زيادة في نسبة المعوقين، وأكدت الدراسات كدراسة مصلح(2020)، أمين(2018 ) أن الإعاقة السمعية من أكثر الإعاقات شيوعا؛ حيث تشير الإحصاءات إلى أن عدد المعاقين سمعيًا على مستوى العالم وصل إلى (70)مليونا، وهي كذلك من أكثر الإعاقات صعوبة؛ لأن المعاق سمعيًا غير قادر على أن يستجيب للمثيرات من حوله، فيشعر بالعجز والإحباط .
وعلى الرغم مما سبق، فإن الباحثة قد وجدت أن هناك ندرة في الدراسات والأبحاث التي تناولت تنمية مهارات أطفال الروضة ضعاف السمع، وهذا ما أكدته الدراسات، كدراسة القطاوي (2012)، ودراسة أبو رضوان (2020)،كما أكد صندوق منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف (2014) أن الأطفال ذوي الإعاقة السمعية هم من بين أشد الفئات حرمانا من المشاركة في التعليم، نظرا لعدم تكيف نظم التعليم وتجهيزاتها بشكل يلبي احتياجاتهم، وأوصى بضرورة بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية لهم؛ لضمان تعليم جيد النوعية وبيئة تعليمية مناسبة للتعلم، ومدرسة مرحبة بجميع الأطفال، مهما كانت حالتهم الاجتماعية والجسمية .
وقد أوضحت الدراسات كدراسة أبو شعبان (2016، ص 72) أن معاناة الطفل ضعيف السمع من ضعف التحصيل الأكاديمي، تكون نتيجة لما يعانيه من مشكلات في متطلبات عملية التعلم، كالانتباه والتركيز والإدراك والتذكر، والتي يجب أن تعالجها عناصر البيئة التي يتلقى قيها تعليمه، بأن تكون بيئة ثرية غنية بالمثيرات التي تجذب انتباهه وتزيد من دافعيته نحو التعلم.
لذا أوصت دراسة الحاجي وحنفي (2019)، ودراسة النجار ( 2020 ) بضرورة الكشف المبكر عن المشكلات التي يواجهها الطفل ضعيف السمع، وزيادة عدد المؤسسات التي تهتم بشئون الأطفال ضعاف السمع، وإثرائها ببرامج كافية ومناسبة لتلك المرحلة ،وضمان مدى فاعليتها وملاءمتها لخصائصهم؛ كما نادت دراسة Golos; Moses(2015) بإتاحة جميع سبل الاهتمام والرعاية للطفل الذي يعاني من ضعف السمع، ومواجهة المشكلات الناتجة من هذا الضعف بطريقة ملائمة وشيقة.
وقد أشار العديد من الدراسات كدراسة Bavelier; Tomann; Hutton; Mitchell; Liu; Neville(2010) ؛ Bosworth( 2010) ؛ سلطان (2012) ؛ Remington; Swettenham; Lavie (2012) ؛ Christopher;Susan; Amy (2013) ؛ (Gary(2013؛ Adamo; Doublestein; Martin (2013) ؛زايد(2016)؛ زنقور(2015) ؛ (Temurova (2020 إلى ضرورة الاهتمام بالثقافة البصرية للأطفال ضعاف السمع؛ لما لها من أثر فعال في عملية تعليمهم وتعلمهم التعلم، وقد أكد ذلك الدراسات كدراسة كل من صبري ومحمد( 2009)؛ الطراونة (2014)؛خليل والأنور وعبد العزيز وأبوناجي (2015 )؛ طلبة(2017) ؛ محمد وميخائيل (2017) ؛الكرت وزنقور (2019).
وقد أوصت الدراسات مثل: خليفة (2020)، ودراسة محمد وصالح ومبارز(2016)، ودراسة (Moorman (2015 ؛عبد الفتاح (2014)، ودراسة Schnotz,Ains worth (2014))، ودراسة (Sudakov;Bellskey;Usenyuk;Ployakova(2014) بضرورة إكساب الطفل ــ وخاصةً ضعيف السمع في مراحل مبكرة ــ مهارات التفكير البصري التي تمثل أحد أهم المداخل الأساسية التي تساعده على التعلم البصري الأكثر ملاءمة لطبيعته وخصائصة وقدراته.
وعلى الرغم مما سبق، فقد وجدت الباحثة أن الدراسات في مجال التفكير البصري للطفل قليلة، كدراسة المنير (2015 )؛علي(2014) ؛ Kim;Wee; Han;Sohn;Hitchens(2017) والتي أظهرت قصورا واضحا في تناول مهارات التفكير البصري وطرق تنميتها لطفل الروضة بصفة عامة وطفل الروضة ضعيف السمع بصفة خاصة.
ولأن تفكير الطفل يغلب عليه الطابع الحسي، نجد أن مسرح العرائس من أفضل الطرق التعليمية التي يمكن من خلالها إكسابه العديد من المهارات والمفاهيم في صورة حسية، لما له من دور فعال في توفير خبرات تعليمية ممتازة للطفل عن طريق التعلم بالملاحظة أو التعلم بالنموذج Modeling، وقد أكد ذلك دراسة شعبان (2008،ص 18)؛ ودراسة الكلاك (2013، ص106)؛ودراسة عبد المؤمن (2018،ص 391)، ودراسة أبو مغلي وهيلات(2008،ص 112).
وقد أكدت دراسة رقاقدة وبن زاهي(2014،ص 74)؛ودراسة اللبودي(2017،ص74) أن استخدام الأنشطة المسرحية تعد بمثابة لغة تعبيرية للطفل المعاق سمعيًا، تجذبه نحو المشاركة في المواقف التعليمية، وتقوي مهارته في الملاحظة والانتباه والإصغاء، إلا أن هناك قصورًا واضحًا في مهارات إعداد وتنفيذ مسرح العرائس بصفة عامة، وخيال الظل بصفة خاصة لدى المعلمات؛ نتيجة للفهم المحدود لمصطلح المسرح التعليمي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأكد ذلك دراسات موسى(2016، 230) ؛ Abdulrahmana ; Ismailb;Perumalc (2020,p.403,406) التي أوصت بضرورة رفع كفاءة المعلمات في هذا المجال، وغرس مواقف إيجابية لديهن نحو استخدام المسرح لتعليم الفئات الخاصة ؛لأنه يعد منهجا يتيح للمتعلم التعلم من خلال تجاربه وحركاته، مما ينعكس أثره على تكوينهن للعديد من المهارات والمعارف والحقائق.
ومن هنا جاءت فكرة البحث للباحثة في أنه يمكن استخدام برنامج مسرحي بخيال الظل، بكل ما يتضمنه من عناصر ومؤثرات بصرية ومادية، أكثر من اعتماده على المثيرات السمعية في تنمية مهارات التفكير البصري لدى طفل الروضة ضعيف السمع، وهو ما قد يعوض ما فقده من قدرات سمعية.
ومما سبق تتحدد مشكلة البحث في السؤال التالي:
- ما فاعلية برنامج باستخدام مسرح خيال الظل في تنمية بعض مهارات التفكير البصري لدى أطفال الروضة ضعاف السمع؟
ويتفرع منه الأسئلة الفرعية التالية:
1- ما الخصائص النمائية للطفل الروضة ضعيف السمع؟
2- ما مهارات التفكير البصري المناسب تنميتها لدى أطفال الروضة ضعاف السمع؟
3- ما معايير استخدام مسرح خيال الظل مع طفل الروضة ضعيف السمع؟
4- ما أثر استخدام مسرح خيال الظل في تنمية بعض مهارات التفكير البصري لدى أطفال الروضة ضعاف السمع؟
|