استهدفت الدراسة الحالية اكتشاف وتحليل أهم الجذور والآثار الاقتصادية للفساد في مصر في ضوء مراحل التحول الاقتصادي المختلفة. وبعبارة أخرى، فقد سعت الدراسة إلى استعراض أهم صور وأشكال الفساد، وبيان الجهود الدولية والإقليمية المبذولة بشأن مكافحته بالتركيز على الآليات المتبعة في هذا الصدد. أضف إلى ذلك، فقد اهتمت الدراسة بتحليل أسباب تفاقم الفساد بمصر ومدى فعالية الأجهزة الرقابية المعنية في مصر في مكافحته خلال الفترة الممتدة من عام 1974 حتى 2010. وقد قامت الدراسة باختبار ثلاث فرضيات. تتمثل الفرضية الأولى في أن الفساد يؤثر سلباً على كل من الاستثمارات المحلية والأجنبية ومن ثم معدل النمو الاقتصادي. أما الفرضية الثانية فتتمثل في تأثير برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي الذي اتبعته مصر منذ بداية التسعينات في زيادة معدلات الفساد والرشوة. أما الفرضية الثالثة فتتمثل في أن تعدد الأجهزة الرقابية في مصر لم يؤدِ إلى تراجع معدلات الفساد.
وقد توصلت الدراسة إلى أن أهم العوامل المؤثرة في زيادة معدلات الفساد خلال فترة الدراسة تتمثل في تدني أجور موظفي الحكومة وانخفاض مستويات المعيشة، وانخفاض مستوى كفاءة الجهاز الإداري الحكومي، تعقد اللوائح والقوانين، وغياب الديمقراطية وتدني مستوى نزاهة القيادات السياسية. كما أكدت الدراسة نتائج الدراسات التطبيقية الأخرى بأن الفساد يؤثر سلبياً على معدل النمو الاقتصادي. أضف إلى ذلك، فقد ساهمت سياسات الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي المتحيزة ضد الفقراء ومحدودي الدخل في زيادة معدلات الجريمة والفساد، ولم تلعب الأجهزة الرقابية دوراً فعالاً في مكافحة الفساد، بل إن تعددها قد أدى إلى تداخل اختصاصاتها مما ساهم في زيادة معدلات الفساد والاعتداء على المال العام
|