ألقت الأيديولوجيا بتأثيرها على مبحث المجاز بعامة، وعلى درس المجاز العقلى على نحو خاص، وتُعنَى هذه الدراسة بتجلية هذا التأثير، فى محاولة لرصد علاقة الخطاب البلاغى فى درسه للمجاز العقلى خاصة بالأيديولوجيا.
وقد رأينا تجلية هذا الجانب تتحق من خلال التعرف على مفهوم "الفاعل" فى البلاغة العربية، ورؤيتها للفاعل الذى يمكن أن يسند إليه الفعل على سبيل الحقيقة أو المجاز، لأن ذلك يمثل جوهر الدرس البلاغى للمجاز العقلى.
وقد نشأ المجاز العقلى فى ظل المساجلة أو الجدل حول معضلة الفاعل، وتبدت ملامح درس المجاز العقلى المبكرة أثناء الصراع علىا السلطة زمن معاوية، وإن لم يتخذ فى ذلك الوقت معنى اصطلاحيا تقعيديا، ولم يحمل ذلك الاسم الذى عرفته به البلاغة بعد ذلك، فقد رفع حكام بنى أمية عن أنفسهم مسئولية مقتل على بن الحسين ونسبوها إلى الله، وأما الشيعة فإنهم ينسبون هذا الفعل إلى الحاكم الأموى.
ولقد سعت السلطة الحاكمة ومن دار فى فلكها من العلماء إلى تسخير المقولات البلاغية لخدمة أغراض سياسية ذات ميول محافظة، حين تساعد قوى الرجعية على بقاء سلطتها، بحيث يغدو الفكر البلاغى، على هذا النحو، أداة من أدوات السلطة يقدم لها الغطاء الأيديولوجى الذى يبرر قهر الإنسان، ويحكم قبضتها عليه
|