يستنبط المتأمل فى حديث النقاد العرب عن لغة الشعر مفهومين للمعجم الشعرى، أما أولهما فيستند إلى ثنائية ضدية هى ثنائية الشعر/ النثر بما يترتب عليها من القول باستقلال الشعر بمعجم يتميز به عن النثر، ويتأسس هذا المفهوم على الإيمان بأن الشعر هبة من لدن الله للعرب، ولذلك يتخذ فى الثقافة العربية طابع القداسة. ويتأسس المفهوم الثانمى على رصد تميز لغات الشعراء أنفسهم، واستقلال كل منهم عن صاحبه بمعجم خاص يمكن أن يُعرف به.
ورغم الأهمية التى يحظى بها المعجم الشعرى فى الشعرية العربية، فإنه لم يلق العناية الكافية من الدرس النقدى الفاحص، وهو الأمر الذى تسعى الدراسة إلى الوقوف عليه، عبر دراسة المعجم الشعرى بين الشفاهية والكتابية، ودراسته فى ضوء البيئة والتقاليد الشعرية، وتجلية موقف النقد العربى من استخدام لغات العامة والدخيل فى النص الشعرى، ثم دراسة اختلاف المعجم بحسب الأجناس الأدبية.
وهذه الدراسة فى سعيها للوقوف على أبعاد هذه القضية، تتبنى منهجا لا يعزل النقد العربى القديم عن إطاره التاريخى، ولا يلقى به بعيداً عن هموم الخطاب النقدى المعاصر، ولذلك فإنها تضع النقد العربى فى إطاره من الشعرية الكلاسيكية، كما تستعين ببعض منجزات اللسانيات، والنقد المعاصر، بغية هذه القضية
|