أنتج الفارق البيولوجى بين الرجل والمرأة فارقاً ثقافياً، صارت الأنوثة بموجبه سبباً يفضى بالضرورة إلى إقصائها من ساحة البلاغة، إلى أن تكون البلاغة صفة ذكورية لكونها منذ بدئها خطابا حجابياً يرتبط بالجدل والخصومة، فى حين أن الأنوثة تؤدى إلى عدم إبانة الحجة والعجز عن البيان.
ومن ناحية أخرى، فإن البلاغة تحتاج إلى عقل راجح فى حين وصفت الثقافة السائدة المرأة بنقصان العقل، وهكذا وزعت الثقافةالعربية والعى توزيعاً جنسيا: البلاغة للرجل، والعى للمرأة.
ولقد كان الوضع المتدنى للمرأة فى سلم التراتب الطبقى والاجتماعى فى موازين الثقافة قد ألقى بظلاله على وضع المرأة فى الخطاب البلاغى، وكان لهذا أثره فى الصورة التى أظهرتها البلاغة للمرأة.
وتسعى الدراسة إلى تعرية هذه الأبينية المجازية والمقولات التى أدت إلى ترسيخ صورة نمطية للمرأة عبر البناء التخييلى الذى أقرَّ هذه الصورة وأحالها إلى واقع يوجه سلوك الناس، وما من سبيل على تغيير هذا السلوكإلا بتفكيك هذه البنى المجحازية وتعريتها، بغية تحرير المخيلة من هذه الصورة التى استقرت فيها وجردت المرأة من إنسانيتها والتى شكلت عائقا يحول دون إنسانية الإنسان وسعيه نحو الكرامة والعدل.
|