تتعدد كيفيات تلقى النص الأدبى، ومن بينها –كما يشير هانز روبرت ياوس- أن يستجيب القارىء للعمل الأدبى بإنتاج نص جديد أو إعادة صياغة النص الأصلى.
ويندرج جانب كبير من كتابات المنفلوطى (1826- 1924) فى هذا الإطار، فلقد أراد أن يصل نفسه بما وصل بعض شيوخه ومعاصريه أنفسهم به من ألوان الثقافة الغربية، الفرنسية خاصة، وحاول أن يوجد صيغة يربط نفسه عن طريقها بهذه الثقافة، وإن لم يُجِد لغتها، فوجد ضالته فى صيغة إعادة كتابة بعض ما ترجم من هذه اللغة، يريد أن يلفت النظر إلى جمال صياغته، الأمر الذى يستعيض به عن جهله باللغة الأجنبية حين يدخل نفسه فى مباراة بيانية مع المترجم، ليظهر أننصه أجدر بالبقاء والانتساب إلى روائع الأدب، بل لعله يصنع بإعادته لصياغة الترجمة نصاً جديداً ينافس النص الأصلى، كما يهدف، من ناحية اخرى، إلى أن يوجه النص الأجنبى الوجهة الأيديولوجية التى يريد.
وتسعى الدراسة إلى أن تعرض لمجمل أعمال المنفلوطى التى اعاد فيها صياغة النصوص الأدبية، وأن تكشف النقاب عن بعض المصادر المجهولة التى اعاد صياغتها، وأن تبين أسباب اتجاهه هذه الوجهة، وأسباب اختياره لهذه النصوص، وأن تُجَلِّى أشكال إعادة الصياغة وأبعادها البيانية والأيديولوجية، من خلال الدرس التطبيقى المقارن على ثلاثة نصوص:
1- قصيدة فكتور هوجو: "Les Pauvres Gens” التى أعاد صياغة ترجمتها فى قصته القصيرة : "فى أكواخ الفقراء".
2- قصيدة فكتور هوجو: "La Priere Pour tous” التي أعاد كتابة ترجمتها فى مقالة له عنوانها : "الدعاء".
3- رواية شاتوبريان: "Les aventures du dernier Abencerage: التى أعاد صياغة ترجمتها فى قصته القصيرة: "الذكرى".
|