الحمد لله الدي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، والصلاة والسلام على معلم البشرية ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
فموضوع هذه الرسالة هو : أسلوب الاستثناء في القرآن الكريم ، دراسة وصفية تحليلية ، وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع عدة أسباب ، هي :
أولا : اختلاف إعراب المستثنى من جملة إلى أخرى ، فأردت الوقوف على هذه الصور المتباينة بالدرس توصيفا وتحليلا .
ثانيا : محاولة الوقوف على أصل جملة الاستثناء من حيث كونها جملة بسيطة أو مركبة .
ثالثا : مجيء القواعد النحوية مخالفة لبعض التراكيب الاستثنائية في القرآن الكريم .
والحقيقة أن هذه الدراسة - وغيرها من الدراسات التي تتعلق بالقرآن الكريم – لهي معاناة شاقة ؛ ذلك أن القرآن الكريم – دون غيره – يحتل مكانة من التقديس والإجلال ، تجعل المرء على حذر تام في معالجة قضاياه ، فإذا كانت تلك القضايا نحوية فإن الصعوبات تزداد خطرا ومغامرة ؛ لأن التوجيه الإعرابي يترتب عليه توجيه المعنى ، وكذلك العكس ، مما يكون له كبير الأثر في التفسير القرآني ، ورغم ذلك فقد شمرت عن سعد الجد ، وتناولت هذا الموضوع تحت إشراف أستاذي ومعلمي الأستاذ الدكتور / محمد إبراهيم عبادة .
هذا وقد سبقني في تناول هذا الموضوع من القدماء : شهاب الدين القرافي ، المتوفى سنة 682 هـ ، والذي تناول الموضوع بصورة يغلب عليها الطابع التقليدي الذي عهدناه لدى النحاة في معالجتهم لموضوع الاستثناء. وتناوله من المحدثين الدكتور/ محمد عبد الخالق عضيمة ، وهو لم يخرج في منهجه عن المنهج الذي سبقه إليه القرافي ؛ لذلك أصبحت الحاجة ملحة في إعادة طرح هذا الموضوع من منظور جديد يتمشى مع مناهج البحث الحديثة ، فكان المنهج الذي اتبعته كالآتي :
• المنهج الإحصائي : حيث قمت بإحصاء الآيات المشتملة على الاستثناء في القرآن الكريم ، ثم قمت بتصنيفها إلى أنماط انطلاقا من معياري البنية والدلالة ، فأما معيار البنية فقد صنفت على أساسه الجملة الاستثنائية في الشواهد القرآنية إلى جملة تامة ، وأخرى ناقصة ، وقصدت بالتامة ما توافر فيها ركنا الإسناد قبل (إلا) ، أما الناقصة فهي التي فيها جاءت (إلا) فاصلة بين ركني الإسناد . وأما معيار الدلالة فقد قمت على ضوئه بتصنيف الجملة إلى مثبتة ومنفية ، وقصدت بالمثبتة ما لم يأت في أولها أداة نفي صريحة أو مؤولة،أما المنفية فهي ما توافر فيها ذلك النفي .
• المنهج الوصفي التحليلي : وقمت من خلاله بتحليل كل شاهد من شواهد الاستثناء على حدة ، واستعرضت من خلاله آراء النحاة والمفسرين، واكتفيت بالإشارة إلى أقوال بعض الجمهور في صلب الرسالة ، وبعضهم الآخر أشرت إليهم في الهامش ، وقد ختمت كل نمط من أنماط الرسالة بتحليل لنظام الجملة ، استخدمت فيه الرموز التي استخدمها الدكتور / محمود نحلة في كتابه " نظام الجملة في شعر المعلقات" ، وقد تناولت بالتحليل العناصر الأساسية (العمد الأساسية) في تركيب الجملة ، وتجاوزت عن تحليل المتماثل منها والمتشابه.
هذا وقد جاءت الرسالة في تمهيد وبابين ، تناولت في التمهيد معنى الاستثناء بين اللغة والاصطلاح ، ثم أتبعته بتوضيح الغرض من الاستثناء ، ثم عرجت على أدوات الاستثناء ، فتناولتها بالتوضيح ، وتجاوزت عن ذكر الأدوات التي ليست بأصل في هذا الباب (الاستثناء) ، ثم بينت العامل في الاستثناء واختلاف الجمهور فيه ، ثم ختمت التمهيد ببيان المقصود بمعنى الاتصال والانقطاع .
أما الباب الأول فجاء مشتملا على الجملة الخبرية ، وبدأته بتوطئة بينت فيها المقصود بالجملة الخبرية ، وقد جاء هذا الباب في ثلاثة فصول:
الأول : عرضت فيه للجملة التامة المثبتة ، وقد جاءت مشتملة على ثلاثة أنماط .
الثاني : عرضت فيه للجملة التامة المنفية، وقد جاءت مشتملة على ستة أنماط .
الثالث : عرضت فيه للجملة الناقصة ، وجاءت مشتملة سبعة أنماط.
أما الباب الثاني فقد جعلته للجملة الطلبية ، وبدأته بتوطئة بينت فيها المقصود بالجملة الطلبية ، ثم قسمته إلى فصلين :
الأول : تناولت فيه الطلب بالأمر والتحضيض ، وقد جاء على نمطين اثنين .
الثاني : عرضت فيه الطلب بالنهي ، وقد جاء على أربعة أنماط .
هذا وقد ختمت كل باب من البابين السابقين بجداول تكرارية ورسوم بيانية ، توضح توزيع الأنماط بعضها إلى بعض .
ثم جاءت الخاتمة مشتملة على أهم النتائج التي رصدتها من خلال هذه الدراسة ، أتبعتها بإجمال الجداول التكرارية ، والرسوم البيانية الواردة في الرسالة ، ثم أنهيت الدراسة بقائمة بأسماء المصادر والمراجع التي استعنت بها ، ثم أتبعتها بالفهارس الفنية التي جاءت على قسمين :
الأول : فهرس الآيات القرآنية .
الثاني : فهرس الأبيات الشعرية وأنصاف الأبيات .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
|