يتناول هذا البحث موقف الشيخ الأشموني في كتابه "منهج السالك إلى ألفية ابن مالك" من آراء الكوفيين النحوية، وهذه الآراء بلا شك تمثل مذهبا نحويا له سماته التي تميزه عن باقي المدارس النحوية، وقد وسمته بـ: موقف الأشموني من آراء الكوفيين.
وقد كان الدافع وراء اختيار هذا الموضوع الآتي:
1- أن شيخنا الأشموني وهو من أبرز النحاة المصريين في القرن التاسع الهجري، قد تعرض في شرحه للآراء والمذاهب النحوية، وناقشها مناقشة علمية، وافق بعضها، وخالف بعضها الآخر، وساق في سبيل ذلك الأدلة، والنصوص الواردة عن العرب، كما أنه قدم لنا صورة لكثير من آراء النحاة ممن ضاعت كتبهم.
2- أن كتاب "منهج السالك" يعد من أهم المراجع التي عنيت بشرح ألفية الإمام ابن مالك. فهو مرجع علمي عظيم الفائدة، جليل القدر، ويتجلى ذلك في غزارة مادته، وكثرة شواهده المتنوعة، وتميزه بالتنبيهات النحوية، والخواتيم التي يضعها في آخر بعض الأبواب. وكان من جملة ما تعرض له شيخنا آراء مدرسة الكوفة، حيث وافق أصحابها في مسائل، وخالفهم في أخرى.
وقد حاولت في هذا البحث دراسة موقف الأشموني من آراء الكوفيين النحوية وتحليلها؛ محاولا تلمس معالم مذهبه النحوي الذي سار عليه في بناء موافقته أو مخالفته لآراء الكوفيين.
3- أن هذا الموضوع – في حدود علم الباحث – موضوع بكر، حيث لم يتعرض له أحد من الباحثين من قبل؛ فهو يطرق بابا غير مطروق.
وقد اعتمدت المنهج الإحصائي، حيث قمت بإحصاء المواضع التي كان لشيخنا فيها رأي صريح فقط من آراء الكوفيين، وهي سبعة عشر موضعا. ثم عرجت على المنهج الوصفي التحليلي، حيث تناولت من خلاله كل مسألة على حدة، بينت في بدايتها رأي النحاة وما ساقوه من أدلة وبراهين تؤكد وجهة نظرهم، وذلك على اختلاف مذاهبهم النحوية، ثم قمت بتوثيق آراء الكوفيين وذلك بالرجوع إلى مظانها في المراجع النحوية الأخرى، ثم ثنيت بذكر رأي شيخنا الأشموني الصريح فيها، سواء أوافق فيها الكوفيين أم خالفهم، ثم بينت الرأي النحوي الذي أميل إليه، مؤيدا ذلك بالدليل، سواء أكان هذا الرأي موافقا رأي شيخنا الأشموني أم مخالفا له.
وقد نهض هذا البحث على تمهيد وسبعة عشر مبحثا، ذكرت في التمهيد ترجمة مختصرة للأشموني. ثم أعقبته بسبعة عشر مبحثا، تناولت في كل مبحث مسألة. وقد جاءت هذه المسائل في البحث مرتبة وفق ورودها في شرح الأشموني. ثم جاءت الخاتمة مشتملة على أهم النتائج.
|
