لاشك أن تاريخ الحضارة البشرية مليىء بالشرائع الأخلاقية المختلفة والمعايير الاجتماعية المتباينة ، إلا أن الدراسات الانثربولوجية الحديثة قد كشفت عن وجود تقارب كبير بين هذه الشرائع . وقد أكد سقراط قديما أن الفضيلة علم والرذيلة جهل ، أي أن معرفة الفضيلة تؤدي إلي اكتسابها ، فيستحيل علي المرء أن يعرف الفضيلة ولا يمارسها ، لأنها خير ، كما لا يمكن للإنسان أن يفعل الشر وهو يعلم انه شر ، وهذه دعوة سقراط إلي المعرفة.
ولا شك أيضا أن التقدم العلمى فى المرحلة الحديثة اثر سلبيا على الأخلاق ..وهذا ما أكده ولترستيس فى دراسته لاثر النتائج التى نبعت من الثورة العلمية فى القرن السابع عشر ، وما تلاها من سيطرة العلم على العقل الحديث على الأفكار الأخلاقية وأعلن فى البداية أنه لا توجد رابطة منطقية على الإطلاق بين مكتشفات العلم وأى مشكلة أخلاقية : فلا فارق يمكن أن يؤثر فى مشكلة الأخلاق سواء أكانت الأرض تدور حول الشمس أو الشمس هى التى تدور حول الأرض . ولا يمكن أن تتغير واجباتنا لو كانت الكواكب تتحرك فى مدارات إهليليجية (بيضاوية) بدلا من الدوائر ، ولا يمكن أن تكون واجباتنا أكثر صدقا وأمانة وأشد إخلاصا وعدالة لو أخذنا بقانون الحركة عند جاليليو بدلا من قانون الحركة عند أرسطو ، أو أخذنا بقانون الجاذبية عند نيوتن بدلا من الدوامات |