استحوذ الدين علي اهتمام الإنسانية سواء كان ذلك من قبل الرافضين للدين أو المؤيدين له نتيجة تأثيره المباشر والعميق . ونتيجة الأهمية التي يمثلها الدين حاول الكثيرون تقديم تعريف للدين ، وإن كانت الآراء قد تعددت في هذا الشأن ، نجد من أهم هذه التعريفات ، التعريف الوصفي والتعريف المعياري " فالتعريف الوصفي يتناول حقائق التجربة الدينية دون الحكم عليها ، ويوضح أن هناك معتقدات تسود عند وجود الدين .... أما التعريف المعياري فإنه يشير إلي ما ينبغي أن يكون عليه الدين ، وإن كان يتجاهل الوحي أو الإلهام المتواجد عند بعض العقائد " ( )
وإن كان علينا أن نحدد موقف بيري من تعريف الدين سنجد أن موقفه غير محدد ومعالمه ليست واضحة وإن كان بشكل عام أقرب إلي التعريف المعياري ، نتيجة معاصرته وتأثره المباشر بأستاذه وليم جيمس الذي لم يرفض الدين تماماً وكذلك لم يؤيده كما يعتقد الإنسان المتدين ولا سيما في المسيحية " لأن الدين عند جيمس لم يتخذ شكل العقيدة التعسفية الجازمة ولا شكل الولاء لمذهب . فقد كان جيمس رجل إيمان ، وإن لم يكن مشايعاً لأية كنيسة أو مذهب أو ملة أو عقيدة ضد باقي العقائد " ( )
وتأكيدنا علي تأثر بيري بفلسفة جيمس بصفه عامة ولا سيما فيما يتعلق بموقفه من الدين نجد تأييده لموقف جيمس من الدين بشكل عام ، ومدافعاً عنه ضد من ينتقد موقفه من الاعتقاد الديني ، حيث وجه إليه النقد من قبل " ناقدوه بالمرافعة عن الرخصة في الاعتقاد في حين أنه علي النقيض كان غرضه صياغة قواعد للاعتقاد . وأيا ما كان رأي المرء في التطبيقات الدينية الواسعة لقواعده فإن أطروحته في غاية البساطة . ولقد ذهب بأنه في حالات معينة حين يكون كل من الاعتقاد والشك ممكنين فعلي الأرجح الوصول إلي الحقيقة بالاعتقاد أكثر مما يحدث بالشك أو علي الأقل تتساوى كفتا الترجيح مع إضافة المزايا والفوائد الأخري
|