تعد المنظرة السياسية حنة أرندت( ) من رواد الفكر السياسي الغربي في القرن العشرين . إن ميلاد أرندت في بداية القرن العشرين حتي وفاتها في النصف الأخير من هذا القرن ، جعلها تشاهد بنفسها أو بمعني آخر شاهد عيان علي المصائب الكبرى التي حدثت للإنسانية . مما يجعلنا نذهب إلى القول بأن سيرتها الذاتية تعد تجسيداً حياً لأهم الأحداث الدموية التي حدثت في القرن العشرين . إنها ترفض كل أنواع الاستبداد أيا كان ، وتدافع عن حرية الإنسان بصدق . وليس أدل علي ذلك من موقفها المعارض للصهيونية ، بعد أن كانت تؤيده في البداية وساعدت في هجرة اليهودإلى فلسطين ، ولكن عندما علمت بما يحدث هناك من إبادة كاملة للفلسطينيين أخذت موقفاً عدائياً ، واعتبرها الصهاينة معادية لهم .
إن السمة الأساسية والغالبة التي لا يخطئها إنسان هي أن القرن العشرين هو قرن الحروب والثورات ، وبالتالي فإنه أيضاً القرن الأكثر عنفاً . ولقد شهد القرن العشرين حربين عالميتين لم تشهد الإنسانية مثلهما في تاريخها . وفي هذا القرن أيضاً ظهرت أيديولوجيا شمولية تزعم في تقديم حلول لكافة الأزمات والمشاكل الإنسانية ، وأعطت الأمل للجماهير البائسة في تحقيق مستقبل أفضل .
إن فكر حنة أرندت السياسي مرتبط بشكل مباشر بالأزماتالتي عاصرتها في القرن العشرين ، وعاشت بنفسها تجربة النازية مع هتلر ، ولم ينقذها من الموت سوى هروبها خارج ألمانيا . مثل هذه التجربة جعلها تتناول النمطين الأبرز للهيمنة التوتاليتاريةألا وهما النازية الألمانية ، والستالينية الروسية .
|