من وقت لآخر ينهض رجال يجسدون طبائع ومزاج شعوبهم أو مطامحهم بقوة يحققون معها تأثيراً غير عادي ورفعة رمزية ينسب إلىأشخاصهم أكثر مما ينسب لإنجازاتهم . وقد عرفنا بعضاً من أمثال هؤلاء الرجال في عصرنا وكلهم تقريباً في المجال السياسى، و إنه لأمر اكثر قدرة بالنسبة لثمة كاتب أن يصبح التجسيد المعترف به لروح شعبه ، لأن مجال عمله بطبيعته الحقيقية محدوداً أكثر من العمل العام ، ومع ذلك فقد يصل إلى تميز عام شامل من خلال استكشاف فكره الخاص وفكر الأمة الذى يجد نفسه معروفاً من خلاله . وأعتقد ان تلك هي حالة الأسبانيميجيل ديأونامونو( ) .
يرفض أونامونو أن يضع معنى محدد للإنسان ، ويرتبط هذا بفكرهالوجودى الذى يري أن الإنسان من الصعب أن نضعه في إطار محدد ، لأنه متجدد بإستمرار ويتناقض تماماً مع القوالب الجامدة . والإنسان لا يتميز فقط بالفكر ، بل إن أهم ما يميزه هو الإحساس والمشاعر والوجدان وهي تتسم بالحيوية والتجدد . ولذلك كان اهتمامه الدائم بالتنقيب فىأعماق الإنسان الفرد الذى يعد بداية انطلاقه نحو الخارج . واستحوذ علي اهتمامه المصير الإنساني ، إنطلاقاًمن الأبعاد الوجودية التي تتمثل في القلق واليأس والحرية والمعاناة والشك والصراع ، وغير ذلك من الأبعاد التى تلتصق بالمصير الإنساني .
وكانت فلسفته تعبيراً صادقاً عما يؤرقه ويزعزع استقراره النفسي ويزلزله بسبب تدنيه ، ومحاولته إيجاد صيغة مناسبة تساعده علي تقوية موقفة الديني ،ولا سيما فيما يتعلق بالخلود ، وأن هذا الخلود لا يمكن فصله عن الألوهية المسيحية
|