"الحرية الإدارية وعلاقتها بالإلتزام التنظيمى لدى العاملين بمراكز الشباب بمحافظة القليوبية"
محمد احمد منصور
مقدمة البحث:
لا شك أن مفهوم الحرية يعد من المفاهيم الشائكة في تعريفها والاتفاق حول مفهوم واحد لها، وذلك نظرًا لتداخلها مع مفاهيم الحرية والعدالة، وحرية التعبير، وكافة حريات حقوق الإنسان المنصوص عليها فى المواثيق الدولية، فضلًا عن أن مفهوم الحرية الادارية قد مر بمراحل وتطورات عبر تاريخ المؤسسات منذ العصور الوسطى حتى الآن، كما أن هناك اختلاف وتباين حول طبيعة واستخدام وأهمية هذا المفهوم بالنسبة للحياة الرياضية، وتعظيم الحرية داخل المنشأت الرياضية.
ويعد الالتزام التنظيمي أحد أهم المتغيرات في بيئة المنظمة، وقد أكدت العديد من الأدبيات التي تناولته على أهميته وتأثيره في نجاح وتميز المنظمات الإدارية، فيرى المخلافي (2001) أنه مفتاح أساسي ومهم في تحديد مدى انسجام العاملين مع منظماتهم، فإذا كان هناك التزام عالٍ بالمنظمة فسيكون هناك استعداد كاف لتكريس كل الجهود والتفاني في إنجاز المهام والسعي للبقاء في المنظمة والاستمرار في العمل بها، أما الالتزام التنظيمي المنخفض فستتبعه آثار سلبية ومكلفة على المنظمة كالتسرب والغياب المتكرر وغيرها. (11 : ٩٧)
ويقرر ستيرز (Steers) أن العاملين الأكثر التزاماً لديهم رغبة أقوى للبقاء في المنظمة، فهم يستمرون بالمساهمة في تحقيق الأهداف التنظيمية، فضلاً عن استعدادهم لبذل المزيد من الجهود من أجل نجاح المنظمة، كما يؤكد براغ (Bragg) بأن العاملين يختلفون في التزامهم التنظيمي، وأن ذلك ينعكس على أدائهم، فيقول : "وقد تبين أنه يوجد عاملون في المنظمات المختلفة ذوو التزام تنظيمي جيد وآخرون دون ذلك، ولا شك أن ذوى الالتزام أفضل إنتاجية وأداء واستقراراَ في العمل ممن لا يوجد لديهم هذا الالتزام". (13 : ٣٠٥ - ٣٠٨)
ولفهم مصدر الالتزام التنظيمي فإن كثيراً من الباحثين كما يشير سلامة (2003) ويتفق على وجود رؤيتين للالتزام التنظيمي هي الأشهر في أدبيات هذا الموضوع، وهما :الرؤية الفكرية التي تفترض أن منشأ الالتزام هي علاقة الموظف بالمنظمة ، وبالتالي احترامها والعمل على بذل الجهد لنجاحها، والرؤية السلوكية التي ترى أن مصدر الالتزام هي مصلحة الفرد، ومحاولته الحفاظ على بقائه في المنظمة وتجنب الخسائر التي قد تنتج عند ترك المنظمة. (8 : ٤١)
ويمر الالتزام التنظيمي بثلاثة مراحل رئيسية وهي: مرحلة الالتزام، حيث إن التحاق الفرد بالمنظمة يكون مبنيا على الفوائد التي يحصل عليها من المنظمة وتبعا لذلك فهو يتقبل سلطة الآخرين ويلتزم بما يطلب منه سعيا للحصول على الفوائد المختلفة من المنظمة، ومرحلة التطابق بين الفرد والمنظمة، حيث يتقبل الفرد سلطات الآخرين لرغبته في الاستمرار في العمل بالمنظمة، فهو يشعر بالفخر والاعتزاز لإنتمائه لها، ومرحلة التبنى، أي قبول الفرد بأهداف وقيم المنظمة كما لو كانت أهدافه وقيمه الخاصة. (7 : 127)
وهناك ثلاثة أنواع من الالتزام التنظيمي، هي: أ- الالتزام الاستمراري Continuance Commitment: يرى (Greenberg, Baron, 2004) بأن هذا النوع يشير إلى قوة رغبة الفرد ليبقى في العمل بمنظمة معينة لاعتقاده أن ترك العمل فيها يكلفه الكثير، فكلما طالت مدة خدمة الفرد في المنظمة، فإن تركه لها سيفقده الكثير مما استثمر فيها على مدار الوقت، وكثير من الأفراد لا يرغب في التضحية بتلك الأمور، ومثل هؤلاء الأفراد يقال عنهم أن درجة التزامهم الاستمراري عالية. ب- الالتزام العاطفي Affective Commitment: يرى (Greenberg, Baron, 2004) بأن هذا النوع "يعبر عن قوة الفرد في الاستمرار بالعمل في منظمة معينة لأنه موافق على أهدافها وقيمها ويريد المشاركة في تحقيق تلك الأهداف". ج- الالتزام المعياري Normative Commitment: يرى الشوادفي (200م) بأنه "نوع آخر من الالتزام التنظيمى ويعبر عن الالتزام الأدبى والشخصى بالتمسك بقيم وأهداف المنظمة ويكون ناتجا عن التأثير بالقيم الاجتماعية والثقافية والدينية".
(14 : 200)
مشكلة البحث :
تعد الحرية الادارية هى امكانية التفكير والتعبير واتخاذ القرارات فى ظل اطار يحقق للفرد استقلاليته وامكانية تحديد وممارسة الواجبات والمسؤوليات وتحديد علاقات الرئيس بالمرؤوس والالتزام بالحدود المتاحة من الحرية الفردية التي تنتهى عند بدء حرية الاخرين وبذلك يكون تحقيق الحرية مرتبط بمفهوم تحقيق الالتزام التنظيمى.
وانطلاقًا من حيوية الحرية الادارية وأهمية الالتزام التنظيمى في أداء المنظمات الإدارية اتجه الباحث إلى تناول هذين المتغيرين بالدراسة من أجل استقصاء طبيعة العلاقة بين الحرية الادارية والالتزام التنظيمى لدى العاملين بمراكز الشباب بمحافظة القليوبية.
بما إن الإلتزام التنظيمى له دور هام في تحقيق الأهداف المخطط لها للمنظمة بكفاءة وفاعلية كان لابد وأن يتميز العاملين في الشباب والرياضة بالتخصص والمهنية العالية، كما أنهم يعتمدون على زملائهم في تطوير معارفهم وما يمتلكونه من خبرات مختلفة، وكل من يعمل في الشباب والرياضة له ما يميزه عن زملائه، وهذا ما يسمح له بالحوار والمناقشة وتبادل الأفكار ووجهات النظر، مما يؤدي إلى تسهيل مهمة متخذ القرار في إيجاد حلول إبداعية بخصوص المشكلات التي تواجههم فى العمل، وتشير الأبحاث والدراسات الحديثة إلى أهمية مشاركة العاملين في صنع القرار بصورة عامة، لأنها تعزز الشعور بالانتماء للمنظمة وحياة عمل إيجابية، كما ثبت بان المشاركة تؤدى إلى إنتاجية أعلى، وتقليص الدوران الوظيفى ومزيد من الرضا الوظيفى. (4 : 95)
وعلي الرغم من أن الإلتزام التنظيمى يعد أحد أهم عناصر النجاح الإدارى فى الدول المتقدمة، إلا أن هذا الموضوع لم يلق الاهتمام الكاف حتى الآن من قبل الباحثين والدارسين فى مجال الإدارة الرياضية، كما أنه لا توجد دراسات قامت بتناول طبيعة العلاقة بين الحرية الادارية والالتزام التنظيمى لدى العاملين بمراكز الشباب بمحافظة القلوبية على الرغم من أهمية المفهومين وما لهما من تأثير على نجاح عمليات الإدارة لجعلها تواكب عصر التطور الذي نعيشه.
ويمكن حصر مشكلة البحث فى محدودية فهم وإدراك العاملين لدور الحرية الادارية وأهميتها فى تعزيز وتحسين الالتزام التنظيمى وبناء هيئة عامة فعالة من خلال القيادة العاملة .
أهمية البحث :
الأهمية العلمية :
وتبرز أهمية الدراسة من أن الحرية الادارية والالتزام التنظيمى لم ينالا حظًا كافيًا من العناية والاهتمام من الباحثين والممارسين للإدارة في المنظمات الإدارية بصفة عامة، فالدراسات ما تزال محدودة إن لم تكن نادرة في هذين المجالين، وبذلك يؤمل أن تفيد هذه الدراسة في إثراء المعرفة بالتأثيرات المختلفة الحرية الادارية على سلوك العاملين والمديرين وعلى مستويات التزامهم التنظيمى وكفاءة أدائهم ونشاطاتهم المؤدية إلى تحقيق أهدافهم وأهداف منظماتهم وبذلك تسهم في سد الفراغ الذى تعاني منه مراكز الشباب وتأثيرها على الالتزام التنظيمى.
الأهمية التطبيقية :
وتتمثل الأهمية التطبيقية في إمكانية استفادة القيادات الإدارية بمراكز الشباب من النتائج التي ستصل إليها الدراسة في فهم القيم الثقافة السائدة في مراكز الشباب وتأثيراتها في بيئة العمل والالتزام التنظيمي للعاملين ومن ثم اتخاذ قراراتهم الملائمة لإدارة التطوير والتغيير وفعالية الأداء .
هدف البحث :
يهدف البحث الى التعرف على :-
|