أستهدفت الدراسة تحليل وقياس العلاقة بين رأس المال البشري والعدالة الاجتماعية في غمار التوجه نحو النمو الاحتوائي في مصر خلال الفترة (1990- 2020)، وذلك لبناء إطار متكامل لتعزيز علاقة رأس المال البشــري والعدالة الاجتماعية بالنمو الاحتوائي في مصر في ضوء نتائج الدراسة. ولتحقيق هذا الهدف، قامت الدراسة على ثلاث فرضيات، وهي: يرجع ضعف التأثير التنموي لمكونات رأس المال البشري على العدالة الاجتماعية في مصر إلى التحديات التي تواجه مكونات رأس المال البشري(الفرضية التحليلية)، وكذلك هناك علاقة توازنية طويلة الأجل معنوية تتجه من مكونات رأس المال البشري إلى العدالة الاجتماعية في مصر خلال الفترة 1990- 2020(الفرضية القياسية). وأخيراً، يمكن تحفيز التوجه نحو النمو الاحتوائي في مصر، من خلال تعزيز العلاقة بين رأس المال البشري والعدالة الاجتماعية.
ولإختبار هذه الفرضيات، اعتمدت الدراسة على منهجيين مختلفين: الأول المنهج الاستقرائي(الأداة الوصفية والأداة التحليلية). والأخر المنهج القياسي (مصفوفة الارتباط، ونموذج الانحدار الذاتي بفترات إبطاء موزعة).
وتوصلت الدراسة في الجزء التحليلي، إلى وجود إنخفاض في قيمة مؤشر رأس المال البشري خلال الفترة (1990- 2020)، والتي بلغت في المتوسط نحو (0.384)، وكذلك وجود اتجاه عام لإرتفاع قيمة الرقم القياسي للعدالة الاجتماعية، والتي بلغت في المتوسط نحو(0.662). كما جآءت جميع العلاقات بين مكونات رأس المال البشري والعدالة الاجتماعية مخالفة للنظرية والأدبيات الأقتصادية، ويرجع ذلك إلى التحديات التي تواجه مكونات رأس المال البشري في مصر، والتي تحد من دوره التنموي في التأثير على أبعاد العدالة الاجتماعية، وهذا يعني قبول الفرضية التحليلية. كما توصلت الدراسة إلى أنه يمكن التوجه نحو تحفيز النمو الاحتوائي في مصر، من خلال: تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع يحابي الفقراء، وإحداث تراكم في رأس المال البشري، وخلق فرص عمل ذات قاعدة واسعة، والاهتمام بالقضايا البيئية، والتخفيف من الفقر، وتحقيق مستوي معيشي مرتفع.
بينما توصلت الدراسة في الجزء القياسي، إلى وجود أثر (غير معنوي) لأدلة رأس المال البشري على العدالة الاجتماعية في الأجلين الطويل والقصير بإستثناء دليل الثقافة والترفيه، وهذا ما يعنى رفض الفرضية القياسية بالنسبة لأدلة ( التعليم، المعرفة والحصول على المعلومات، الصحة، التوظف)، وقبولها بالنسبة لدليل الثقافة والترفية. كما بلغت قيمة معامل التحديد المصحح نحو 90% ، وهذا يدل على أن المتغيرات التفسيرية الممثلة في النموذج تفسر نسبة كبيرة من سلوك المتغير التابع (الرقم القياسي للعدالة الاجتماعية). وأخيراً كانت معلمة تصحيح الخطأ ذات دلالة إحصائية عند مستوي معنوية أقل من (1%)، وتحمل إشارة سالبة، مما يعني أن الاختلال في التوازن طويل الأجل يصحح بسرعة تعادل (1.117) سنوياً.
وفى ضوء ذلك، قامت الدراسة ببناء إطار متكامل لتعزيز علاقة رأس المال البشري والعدالة الاجتماعية بالنمو الاحتوائي في مصر، من خلال تقديم مجموعة من السياسات والبرامج لتعزيز تلك العلاقة، إضافة إلى وضع الإطار المنطقي لتنفيذ ومتابعة هذه السياسات. وأخيراً، تحديد الإطار المؤسسي لمتابعة تنفيذ ذلك الإطار المتكامل. وهذا ما يعني قبول الفرضية الثالثة، والتي مفادها: يمكن تحفيز التوجه نحو النمو الاحتوائي في مصر، من خلال تعزيز العلاقة بين رأس المال البشري والعدالة الاجتماعية. واقترحت الدراسة بعض الدراسات المستقبلية.
|