يتمثل الهدف الرئيسى للبحث في دراسة مدى ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة وفقًا لمعيار التقرير المالى الدولى رقم (13) – الذى تم تطبيقه إبتداءً من 1 يناير 2013 - وذلك في ضوء قواعد ومعايير حوكمة الشركات بجمهورية مصر العربية الصادرة عن مركز المديرين المصريين التابع لوزارة الاستثمار في فبراير 2011. وقد اعتمد الباحثان على اختبار مجموعة من الفروض التى تتمثل في: تعتبر ملاءمة معلومات المستوى الأول والثانى من مستويات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة أكثر ملاءمة من معلومات المستوى الثالث، ومدى تأثير قواعد حوكمة الشركات على ملاءمة معلومات مستويات قياس القيمة العادلة، ومدى وجود اختلاف جوهرى في تأثير قواعد حوكمة الشركات بشكل مستقل على درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة.
وقام الباحثان في سبيل تحقيق هذا الهدف بإجراء دراسة ميدانية لاختبار العلاقة بين ملاءمة معلومات التسلسل الهرمي لقياس القيمة العادلة وقواعد حوكمة الشركات حيث تم توزيع (113) استمارة استقصاء على عينة من المديرين الماليين والمحاسبين، ومراقبي الحسابات، وأعضاء هيئة التدريس، ومستخدمى التقارير المالية المنشورة.
وتوصلت الدراسة إلى أن معلومات المستوى الثالث لقياس القيمة العادلة أقل ملاءمة من معلومات المستوى الأول والثانى، ووجود تأثير معنوى لقواعد حوكمة الشركات على درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة – وبخاصة المستوى الثالث – كما أن كفاءة مراقب الحسابات أكثر قواعد حوكمة الشركات تأثيرًا في تحسين درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة.
وقد أوصى الباحثان في نهاية الدراسة بضرورة وجود معيار محاسبى مصرى يقابل معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) بما يتلاءم مع البيئة المصرية؛ بالإضافة إلى ضرورة الالتزام بقواعد حوكمة الشركات الصادرة في فبراير 2011.
المصطلحات الأساسية:
معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) – القيمة العادلة – التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة – حوكمة الشركات.
1/ القسم الأول: الإطار العام للبحث
1/1 مقدمة:
لقد شهد العالم في الآونة الأخيرة العديد من الظواهر الاقتصادية المتعددة من أهمها: نظام العولمة وما تضمنه من سيطرة اقتصاد السوق وانتشار نظم تكنولوجيا المعلومات وتطور أسواق المال، وقد كان لذلك أثر على مهنة المحاسبة من خلال الاتهامات الموجهة إلى المعلومات المحاسبية بالقصور عن إظهار الوضع المالى للمنشآت مما يفقد التقارير المالية أهميتها (التهامى، 2009، ص 107).
وأدى ذلك إلى الاتجاه التدريجي نحو تطبيق محاسبة القيمة العادلة في الآونة الأخيرة لما تحققه من مزايا من أهمها: زيادة جودة المعلومات المحاسبية والعمل على تحسين عملية اتخاذ القرار من قبل مستخدمى التقارير المالية المنشورة، بالإضافة إلى المحافظة على رأس مال المنشآت وعدم تآكله فى ظل الارتفاع المستمر فى الأسعار والتعرف على الوضع الحالى والمستقبلى للمنشآت.
كما يرجع الاهتمام بمحاسبة القيمة العادلة في الآونة الأخيرة إلى اتجاه جهود كل من مجلس معايير المحاسبة الدولية ومجلس معايير المحاسبة الأمريكية، سواء من خلال العمل الفردى أو العمل المشترك فيما بينهما لإصدار المعايير والتفسيرات لمحاولة الحد من الانتقادات الموجهة إلى قياس القيمة العادلة.
وصدر مؤخرًا معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) بعنوان "قياس القيمة العادلة"، ومن أهم أهداف المعيار تخفيض التعقيد وتحسين الاتساق بالإضافة إلى تحسين الشفافية وزيادة التقارب بين معايير التقارير المالية الدولية (IFRSs) ومبادئ المحاسبة الأمريكية المقبولة عموماً (US GAAP).
ومن ناحية أُخرى فإن قواعد حوكمة الشركات تعمل على تحسين الملاءمة والشفافية في التقارير المالية، وما يترتب على ذلك من تدعيم ثقة المستثمرين في المعلومات المحاسبية، وبصفة خاصة عند تطبيق قياسات القيمة العادلة وفق (IFRS 13).
1/2 مشكلة البحث:
إن الظروف الاقتصادية تتسم بالحركة الديناميكية المتغيرة والمتقلبة بشكل دائم ومستمر، وتتغير القوة الشرائية لوحدة النقد بتغير هذه الظروف في الحالات المختلفة، ومن ثَمَّ تم التوجه للقيمة العادلة. (صالح، 2009، ص 39)
ولذلك قام مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكى (FASB) بإصدار معيار القيمة العادلة رقم (157) بعنوان "قياسات القيمة العادلة" عام 2006م، وقد أدى هذا المعيار إلى تدعيم عملية القياس المحاسبى بالقيمة العادلة سواء بالنسبة للأصول أو الالتزامات.
وتناولت العديد من الدراسات (Peter & Kutasovic, 2010, pp. 119-125; Chea, 2011, pp. 12-19) معيار المحاسبة الأمريكى رقم (157) من عدة زوايا منها: علاقته بالأزمة المالية العالمية وكذلك خصائص جودة المعلومات التى يوفرها هذا المعيار، وفعالية القياس المحاسبى للقيمة العادلة في ضوء هذا المعيار. وقد ظهرت العديد من الانتقادات التى وجهت إلى المعيار رقم (157) ومن أهمها: عدم التفرقة بين قياس القيمة العادلة للأصول المالية وغير المالية؛ بالإضافة إلى انخفاض متطلبات الإفصاح عن قياسات القيمة العادلة.
ونتيجة للجهود المشتركة بين مجلس معايير المحاسبة الدولية ومجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكى لتخفيض التعارض بينهما، فقد تم إصدار معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) بعنوان "قياس القيمة العادلة".
وبتحليل الأدبيات المحاسبية يتضح للباحث ندرة الدراسات التي تناولت تحليل معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) نظرًا لحداثة المعيار حيث يتم تطبيقه في بداية عام 2013، ومن ثَمَّ تتمثل مشكلة البحث في الأسئلة التالية:
1- ما هي طبيعة قياسات القيمة العادلة التي يوفرها معيار التقرير المالى الدولى رقم (13)؟
2- هل أساليب قياسات القيمة العادلة وفق (IFRS 13) توفر معلومات ذات درجة عالية من الملاءمة لقرارات مستخدمى التقارير المالية المنشورة؟
3- ما هي متطلبات الإفصاح التي يوفرها معيار التقرير المالى الدولى رقم (13)؟
4- ما هو أثر تطبيق قواعد حوكمة الشركات المصرية على زيادة درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة؟
1/3 أهـداف البحث:
يتمثل الهدف الرئيسى للبحث في تحديد مدى ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة وفق (IFRS 13)، وأثر قواعد حوكمة الشركات على تحسين ملاءمة هذه المعلومات. ويشتق من الهدف الرئيسى مجموعة من الأهداف الفرعية تتمثل فيما يلى:
1- تحديد مفهوم واضح ومحدد للقيمة العادلة، والتعرف على كيفية قياس القيمة العادلة للأصول والالتزامات وأدوات حقوق ملكية المنشأة وفق (IFRS 13).
2- التعرف على التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة؛ بالإضافة إلى متطلبات الإفصاح وفق (IFRS 13).
3- التحقق من ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة من خلال استطلاع رأى عينة البحث.
4- التحقق من أثر قواعد حوكمة الشركات على تحسين درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة من خلال استطلاع رأى عينة البحث.
1/4 أهمية البحث:
تتضح أهمية البحث من خلال الاهتمام المتزايد بمحاسبة القيمة العادلة من جانب المنظمات المهنية – وبخاصة مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكى ومجلس معايير المحاسبة الدولية -، والتي تُطالب الشركات بضرورة الالتزام باستخدام القيمة العادلة في قياس جميع عناصر المركز المالى، ومن ثَمَّ تتمثل أهمية البحث في:
الأهمية العلمية: إن المحاسبة عن القيمة العادلة من الموضوعات التي نالت اهتمامًا من الباحثين سواء في البيئة الأجنبية أو العربية، إلا أن معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) لم يحظ بالاهتمام الكافى نظرًا لحداثة تطبيقه، ومن ثَمَّ فهناك حاجة لمحاولة تحديد أساليب تقييم القيمة العادلة، ومدى الثقة فى مدخلات أساليب التقييم، مما يساعد فى زيادة درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى للقيمة العادلة.
الأهمية العملية: إن الوصول إلى منهج محاسبى لقياس القيمة العادلة وتحديد متطلبات الإفصاح المرتبطة به، مع توضيح دور قواعد حوكمة الشركات في زيادة درجة ملاءمة معلومات مستويات قياس القيمة العادلة يساعد الشركات في الوصول إلى مصداقية وعدالة الإفصاح عن المركز المالى للشركات، ومن ثَمَّ تحسين الشفافية وجودة المعلومات المحاسبية مما ينعكس على زيادة الاعتماد على المعلومات المحاسبية في التقارير المحاسبية لاتخاذ القرارات.
1/5 منهج البحث:
اعتمد الباحثان على كل من المنهج الاستقرائى والاستنباطى، حيث يقوم الباحثان باستخدام المنهج الاستنباطى من خلال التحليل النظرى للدراسات والبحوث السابقة – على المستوى الأكاديمى – التي تناولت قياس القيمة العادلة؛ بالإضافة إلى معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) - على المستوى المهنى – والذى يُلزم الشركات بضرورة الالتزام بالقيمة العادلة كنموذج للقياس والإفصاح عن جميع عناصر المركز المالى. وذلك بهدف الوصول إلى استنتاجات منطقية عن مدى أهمية معلومات مستويات قياس القيمة العادلة، بالإضافة إلى التوصل إلى مقاييس يمكن استخدامها في التعبير عن التطبيق الجيد لحوكمة الشركات.
كما تم الاعتماد على المنهج الاستقرائى فى الدراسة الميدانية التى تمت بهدف التعرف على اتجاهات أعضاء هيئة التدريس ومراقبى الحسابات والمديرين الماليين والمحاسبين ومستخدمى التقارير المالية المنشورة نحو مدى ملاءمة معلومات التسلسل الهرمي لقياس القيمة العادلة ومدى تأثير قواعد حوكمة الشركات في تحسين درجة ملاءمة هذه المعلومات.
1/6 حدود البحث:
1- يقتصر البحث على قياس القيمة العادلة ومتطلبات الإفصاح، دون التطرق إلى دور مراقب الحسابات في مراجعة قياس القيمة العادلة إلا بالقدر الذي يخدم هدف البحث.
2- يقتصر البحث على معيار التقرير المالى الدولى رقم (13)، دون التطرق إلى معيار المحاسبة المالية الأمريكى رقم (157) إلا بالقدر الذى يحقق هدف البحث.
3- يقتصر البحث على أثر قواعد حوكمة الشركات في تحسين درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة، دون التطرق إلى الإطار الفكرى لحوكمة الشركات.
4- يقتصر البحث على استطلاع آراء عينة الدراسة وهم أعضاء هيئة التدريس، ومراقبو الحسابات، والمديرون الماليون والمحاسبون، ومستخدمو التقارير المالية المنشورة نحو مدى ملاءمة معلومات مستويات قياس القيمة العادلة والعلاقة بين قواعد حوكمة الشركات وملاءمة هذه المعلومات. دون غيرهم من الفئات.
1/7 فـروض البحث:
لتحقيق أهداف البحث تم اشتقاق فروض البحث، والتي سيتم اختبارها في بيئة الممارسة المصرية، وتتمثل فى:
الفرض الأول: تعتبر معلومات المستوى الأول والثانى من مستويات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة أكثر ملاءمة من معلومات المستوى الثالث.
الفرض الثانى: قواعد حوكمة الشركات ذات تأثير معنوى أكبر على تحسين ملاءمة معلومات المستوى الثالث مقارنة بمعلومات المستوى الأول والثانى.
الفرض الثالث: يوجد اختلاف جوهرى فى تأثير قواعد حوكمة الشركات بشكل مستقل على درجة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة.
1/8 تنظيـم البحث:
تحقيقًا لأهداف البحث واختبار فروضه تم تقسيمه إلى ستة أقسام وذلك على النحو التالى:
القسم الأول: الإطار العام للبحث.
القسم الثانى: الدراسات السابقة المرتبطة بموضوع البحث.
القسم الثالث: دراسة تحليلية لمستويات قياس القيمة العادلة طبقًا لمعيار التقرير المالى الدولى رقم (13).
القسم الرابع: أثر قواعد حوكمة الشركات على زيادة درجة ملاءمة معلومات التسلسل الهرمى لقياس القيمة العادلة.
القسم الخامس: الدراسة الميدانية.
القسم السادس: الخلاصة والنتائج والتوجهات البحثية المستقبلية.
القسم الثانى: الدراسات السابقة المرتبطة بموضوع البحث
تعددت الدراسات التى تناولت محاسبة القيمة العادلة؛ وذلك نتيجة لاتجاه كل من مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB) ومجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) نحو قياس بعض الأصول والالتزامات بالقيمة العادلة في السنوات الأخيرة.
فقد تناولت هذه الدراسات عدة أبعاد منها المقارنة بين محاسبة القيمة العادلة وبدائل القياس الأخرى مثل محاسبة التكلفة التاريخية، كما تناولت بعضها الآثار المترتبة على استخدام القيمة العادلة على خصائص جودة المعلومات وعلى أسعار الأسهم. بالإضافة إلى دور محاسبة القيمة العادلة في الأزمة المالية العالمية.
وفيما يلى بعض الدراسات التي تناولت قياس القيمة العادلة طبقًا لمعايير المحاسبة الدولية والأمريكية والتي يمكن أن يستخدم الباحثان نتائجها في تقييم ملاءمة معلومات مستويات قياس القيمة العادلة:-
1- دراسة (Hope et al., 2006) :
تهدف الدراسة إلى تحديد أهم المشاكل والتحديات التي تواجه عملية تبنى معايير التقارير المالية الدولية في الدول التي تشملها العينة. حيث تمثلت العينة في (38) دولة حول العالم. كما قامت الدراسة باختبار مجموعة من العوامل التي قد يكون لها تأثير على قرارات هذه الدول في عملية تبنى المعايير الدولية. وتتمثل هذه العوامل في قوانين أسواق المال والالتزام ببناء سوق مالية مفتوحة للاستثمارات الأجنبية وانتقاء المصالح الشخصية للإدارة.
وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية بين الوصول إلى أسواق رأس المال عالية الكفاءة، وتبنى معايير التقارير المالية الدولية. كما توصلت أيضًا إلى أن تبنى معايير التقارير المالية الدولية يؤدى إلى تحسين سياسات الإفصاحDisclosure Policies والنظم المحاسبية Accounting Systems. ويعتبر هذا خطوة مهمة لتحسين جودة التقارير المالية. كما أن تبنى هذه المعايير يؤدى إلى تعزيز الدمج بين الأسواق المالية المحلية والأسواق المالية العالمية مما يؤدى إلى زيادة معدل النمو الاقتصادى.
2- دراسة (Penman, 2007):
تهدف الدراسة إلى التعرف على إيجابيات وسلبيات محاسبة القيمة العادلة من خلال مدخل الطلب Demand Approach كما قامت الدراسة بطرح مجموعة من الأسئلة – ومحاولة الرد عليها – والتى تتمثل فيما يلى:
- متى تكون محاسبة القيمة العادلة مناسبة؟
- ما هي الظروف التى تجعل القيمة العادلة إيجابية أو سلبية؟
- هل القيمة العادلة تعمل على تحسين التقييم العادل؟
وتوصلت الدراسة إلى ما يلى:
من أهم إيجابيات محاسبة القيمة العادلة التعرف على القيمة العادلة لحقوق الملكية من خلال قائمة المركز المالى دون إجراء أى تحليلات إضافية، بالإضافة إلى أن قائمة الدخل توضح الإنجازات لتحديد القيمة المعرضة للخطر. كما أن القيمة العادلة تقوم على أساس القياس المبنى على السوق حيث أنها لا تتأثر بعوامل محددة لوحدة معينة، كما أنها تعكس جوهر الوضع الاقتصادى الحقيقى للأصول والالتزامات، بالإضافة إلى أن محاسبة التكلفة التاريخية أصبحت غير ملائمة لتقييم المركز المالى الحالي للوحدة. ومن أهم السلبيات صعوبة تنفيذ عملية المقابلة بين الأصول والالتزامات، بالإضافة إلى أن القيمة العادلة قد تؤدى إلى وجود ارتفاع وهمى فى الأسعار داخل القوائم المالية.
القياس المحاسبى للأصول والالتزامات فى حالة وجود سوق نشط يساعد في التحقق من القيمة العادلة للبند محل القياس. وتعتبر هذه القيمة ميزة لعملية إعداد وعرض التقارير المالية من خلال تحسين محتوى المعلومات للتقارير، بينما تطبيق محاسبة القيمة العادلة في حالة عدم توافر سوق نشط للأصول والالتزامات تجعل هذه القيمة نظرية ليس لها وجود في الوقع العملى، ويتم تقدير القيمة بناء على مجموعة من الافتراضات، ومن ثَمَّ قد يؤدى إلى أخطاء في التقدير.
3- دراسة (Lantto, 2007):
استهدفت الدراسة التحقق من أن تطبيق معايير التقارير المالية الدولية (IFRSs) تُحسن من فائدة المعلومات المحاسبية في دولة فنلندا، والتى تمتلك نظام قوى لبيئة قانونية ومعايير محاسبية محلية عالية الجودة.
وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
1- أن المعلومات المحاسبية التى يتم توفيرها عن طريق معايير التقارير المالية الدولية تكون ملائمة وذات اعتمادية عالية.
2- أن المعلومات المحاسبية التي يتم إعدادها عن طريق استخدام الأحكام والتقديرات وفقًا لمعايير التقارير المالية الدولية تكون ملائمة.
3- أن المستجيبين – بصفة عامة – محايدون تجاه موثوقية واعتمادية المعلومات المحاسبية التى يتم إعدادها عن طريق استخدام الأحكام والتقديرات وفقًا لمعايير التقارير المالية الدولية.
4- دراسة (Bhat, 2008):
تهدف الدراسة إلى التحقق فى ما إذا كانت نوعية مكاسب وخسائر القيمة العادلة للبنك من وجهة نظر المشاركين فى السوق هى دالة لإدارة المخاطر. وقد تم التطبيق على عينة مكونة من 180 من البنوك التجارية الأمريكية خلال الفترة من 2003- 2005.
وتوصلت الدراسة إلى ما يلى:
1- تشير الاختبارات المستندة إلى نموذج العوائد إلى أن هناك ارتباط جوهرى بين مكاسب وخسائر القيمة العادلة وعوائد الأسهم عندما يكون مشروط بالإفصاح.
2- يعتبر كل من ارتباط مكاسب وخسائر القيمة العادلة مع عوائد الأسهم وكذلك مساهمة التباين النسبى لمكاسب وخسائر القيمة العادلة للتقلبات فى عوائد الأسهم غير المتوقعة متزايدًا مع زيادة الإفصاح.
3- تم تصنيف الإفصاح حسب نوع الخطر، حيث تم التوصل إلى أن كل من: ارتباط مكاسب وخسائر القيمة العادلة مع عوائد الأسهم، ومساهمة التباين النسبى لمكاسب وخسائر القيمة العادلة للتقلبات في عوائد الأسهم غير المتوقعة يتزايد مع مستوى الإفصاح المتعلق بخطر معدل الفائدة، وخطر الائتمان، وخطر المشتقات المالية للبنوك التى تكون معرضة للمخاطر الثلاثة.
5- دراسة (أبو الخير، 2009):
تناولت الدراسة استخدام القيمة العادلة كأساس للتقرير المحاسبى عن الأصول غير المالية بالتطبيق على شركات الاستثمار العقارى. حيث أن مشكلة استخدام القيمة العادلة كأساس للتقرير المحاسبى تكمن فى صعوبة الحصول على أسعار سوقية قابلة للمشاهدة للأصول غير المالية دون تحمل تكلفة.
وتوصلت الدراسة إلى ما يلى:
1- تعتبر معلومات القيمة العادلة ملائمة لاتخاذ القرارات ولكن بصورة محددة حيث لم يكن لقيم فروق القيمة العادلة تأثير كبير على أسعار أسهم الشركات التي تبنت القيمة العادلة.
2- تختار الإدارة توقيت الاعتراف بفروق القيمة العادلة، الأمر الذى يعنى أن الإدارة يمكنها استخدام القيمة العادلة فى تطويع الربح المحاسبى.
3- ترتفع درجة التقلب في الربح للشركات التى تتبع نموذج القيمة العادلة عن الشركات التي تتبع نموذج التكلفة التاريخية. بينما جاءت السلسلة الزمنية لأسعار أسهم الشركات التى تبنت القيمة العادلة أكثر ترابطًا من السلسلة الزمنية لأسعار أسهم الشركات التى تبنت التكلفة التاريخية.
6- دراسة (Song et al., 2010):
تهدف الدراسة إلى اختبار ملاءمة القيمة العادلة لمستويات القياس الثلاثة وفقًا للمعيار (FAS 157)، وقد تم التطبيق على عينة من التقارير المالية الربع سنوية في عام 2008.
وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية :
1- المستوى الأول والثانى لقياسات القيمة العادلة ذات قيمة ملائمة أكبر من المستوى الثالث.
2- اختلاف ملاءمة القيمة العادلة حسب قوة آليات حوكمة الشركات داخل المنشأة؛ حيث أن قياسات القيمة العادلة تكون ذات قيمة ملائمة أكبر كلما كانت حوكمة الشركات جيدة (وبصفة خاصة المستوى الثالث) والتي تؤدى إلى تقليل ظاهرة عدم تماثل المعلومات Information Asymmetry ، وتخفيف أخطاء التقدير Mitigating Estimation Errors، والتحيز في تقديم التقارير Reporting Biases.
3- المستوى الثالث لقياس القيمة العادلة يكون أقل ملاحظة مما يؤدى بطبيعة الحال إلى زيادة عدم تماثل المعلومات بين المستثمرين والإدارة. كما أنه يكون ذات طبيعة ذاتية في القياس مما يجعله أكثر تعرضًا إلى أخطاء التقدير من قبل الإدارة. ويؤدى كل من عدم تماثل المعلومات وأخطاء التقدير إلى إنتاج معلومات محاسبية تزيد من الاختيار العكسى للمستثمرين Investors' Adverse Selection، وخطر السيولة Liquidity Risk، وتكاليف إعداد المعلومات.
4- المستوى الأول لقياس القيمة العادلة يمكن التحقق منه بسهولة عن طريق المستثمرين، أما بالنسبة للمستوى الثانى فأنه يُقدم أساس وسط من الموثوقية حيث أنه يعتمد على مدخلات السوق المرئية ولكن فى بعض الحالات يكون من الصعب على المستثمرين التعرف بشكل مباشر لماذا قام مديرو البنوك بتبنى هذه المدخلات للتقرير عن القيمة العادلة لأن مرئية مدخلات المستوى الثانى من المفترض أن تؤدى إلى زيادة مصداقية وموثوقية قياسات القيمة العادلة. وعلى الرغم من ذلك فإن موثوقية المستوى الثانى تكون أكبر من المستوى الثالث لأنها تعتمد على طريقة السعر السوقى Market – to – Market بينما في المستوى الثالث فإنها تعتمد على طريقة استخدام النماذج Market – to Model.
7- دراسة (شيتوى، 2012):
تسعى الدراسة إلى اختبار مدى العلاقة بين المحاسبة على أساس القيمة العادلة وزيادة الخطر الشامل فى القطاع المصرفى، كما تسعى الدراسة إلى اختبار مدى زيادة قوة العلاقة بين المحاسبة على أساس القيمة العادلة وزيادة الخطر الشامل خلال فترات نقص سيولة السوق.
وقد كشفت الدراسة عن وجود علاقة بين زيادة التوجه العام إلى استخدام محاسبة القيمة العادلة وتفشى عدوى الأزمات بين البنوك، حيث تزداد عدوى الأزمات بين البنوك أكثر خلال فترات نقص السيولة، بالإضافة إلى كشف تحليل القطاع المستعرض للبنوك عن مزيد من انتقال عدوى الأزمات المالية المرتبطة باستخدام محاسبة القيمة العادلة إلى البنوك التى تعانى من ضعف نسبة كفاية رأس المال، والتى تتضمن قائمة مركزها المالى نسبة أكبر من الأصول والالتزامات بالقيمة العادلة.
8- دراسة (Laghi et al., 2012):
تقوم الدراسة بتحليل المستوى الحقيقى للشفافية والمنفعة لمستويات قياس القيمة العادلة التي تم تطبيقها على الأدوات المالية من خلال معيار التقرير المالى الدولى (IFRS 7) بعنوان الأدوات المالية: الإفصاح.
واستهدفت الدراسة التحقق من وجود علاقة بين مستويات قياس القيمة العادلة والمتغيرات المرتبطة برأس المال السوقى، وصافى الدخل.
وقد توصلت الدراسة لما يلى:
1- يرتبط كل من رأس المال السوقى وصافى الدخل بقيمة الأصول التى يتم تقييمها فى المستويات المختلفة للقيمة العادلة. وهذا الدليل يكون ذات قوة بالنسبة لعينة فرعية من السوق الأمريكى.
2- بالنظر إلى العلاقة بين صافى الدخل والتغيرات فى قيمة الأصول التي تم تقييمها طبقًا للمستويات المختلفة للقيمة العادلة، فقد أوضحت النتائج أن المستوى الثالث للقيمة العادلة يعتبر أداة لمواجهة التقلبات الدورية Countercyclical Tool فى الفترات السيئة مثل الفترة بين (2009 - 2011) والتي تعرف بالأزمة المالية.
3- يعتبر المستوى الثالث من مستويات قياس القيمة العادلة هو المقياس الأكثر ذاتية في قياس الأدوات المالية.
4- لم يتم الإفصاح عن مستويات قياس القيمة العادلة على نطاق واسع، حيث أنه بالنظر إلى عينة مكونة من أكثر من (2500) بنك، تبين أن هناك (281) بنك فقط يشمل إفصاحهم على المستويات المختلفة لقياس القيمة العادلة وفقًا للمبادئ المحاسبية (IFRS 7)، (SFAS157).
ويستنتج الباحثان من خلال عرض الدراسات السابقة ما يلى:
أولاً: ركزت بعض الدراسات على مدى أهمية تطبيق المعايير الدولية، وقد توصلت معظم الدراسات إلى أن المعلومات التى توفرها المعايير الدولية تكون أكثر قابلية للمقارنة، كما أنها ملائمة وذات اعتمادية عالية، بالإضافة إلى تحسين جودة التقارير المالية، إلا أن هذه الدراسات لم تقم بالتركيز على معايير محددة والتعرف على مدى ملاءمة المعلومات التى توفرها، حيث يقوم الباحثان من خلال هذه الدراسة بالتركيز على معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) "قياس القيمة العادلة" والذى يتم تطبيقه بداية من عام 2013.
ثانياً: قامت بعض الدراسات بالتركيز على مدى ملاءمة معلومات محاسبة القيمة العادلة سواء بالنسبة للأدوات المالية أو الأصول غير المالية، حيث أشارت الدراسات إلى أن معلومات القيمة العادلة تعتبر ملائمة لاتخاذ القرارات في حالة وجود سوق نشط للبند محل القياس، ولكن فى حالة عدم توافر سوق نشط فإن القيمة تعتبر قيمة نظرية ليس لها وجود في الوقع العملى حيث أنها تبنى على مدخلات أخرى بخلاف أسعار السوق، وقد تكون القيمة العادلة فى هذا الحالة ملائمة ولكن بشرط أن تتحقق فيها الموضوعية ودقة القياس، إلا أن المشكلة تكمن فى أن الإرشادات التى يتم استخدامها فى كيفية قياس القيمة العادلة غير متناسقة بصفة دائمة في مختلف المعايير الدولية التى تشير إلى القيمة العادلة ويرجع سبب عدم تناسق متطلبات قياس القيمة العادلة والمعلومات المتعلقة بقياسات القيمة العادلة إلى التنوع في الممارسة العملية. ويؤدى عدم التناسق إلى الحد من إمكانية مقارنة المعلومات التى يتم توفرها في التقارير المالية. ولم تتعرض أيًا من الدراسات السابقة إلى دراسة تحليلية لأساليب قياس القيمة العادلة وفقًا لمعيار التقرير المالى الدولى رقم (13) والذى يهدف إلى وضع متطلبات مشتركة لقياس القيمة العادلة بالإضافة إلى توفير المعلومات المتعلقة بقياسات القيمة العادلة، وذلك تماشيًا مع معايير التقارير المالية الدولية والمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عامًا.
ثالثاً: نقص الدراسات السابقة على المستوى العالمى عموماً والعربى تحديدًا التي تناولت العلاقة بين ملاءمة معلومات مستويات قياس القيمة العادلة وفقاً لمعيار التقرير المالى الدولى رقم (13) وحوكمة الشركات، وقد يرجع ذلك إلى حداثة إصدار المعيار من جهة، بالإضافة إلى أن معظم الدراسات التى تناولت هذه العلاقة تمت في بيئات أجنبية من جهة أخرى، كما أن معظمها أهتم بالتركيز على المعيار الأمريكى رقم (157).
القسم الثالث: دراسة تحليلية لمستويات قياس القيمة العادلة طبقًا لمعيار التقرير
المالى الدولى رقم (13)
يتم تطبيق معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) بعنوان "قياس القيمة العادلة" ابتداء من 1 يناير 2013 أو بعد ذلك مع السماح بالتطبيق المبكر. ويوضح هذا المعيار كيفية قياس القيمة العادلة بالتقارير المالية ولا يقتضى المعيار قياسات للقيمة العادلة بالإضافة إلى ما تسمح بها وتقتضيها معايير التقارير المالية الدولية الأخرى. (IFRS, 13, IN. 3-4).
وقد نشر كل من مجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) ومجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكية (FASB) مذكرة تفاهم في عام 2006، والتى كانت بمثابة الأساس لجهود المجلسين المبذولة لوضع مجموعة مشتركة من معايير المحاسبة العالمية ذات الجودة العالية. ويعتبر معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) هو نتيجة جهود المجلسين بهدف وضع متطلبات مشتركة لقياس القيمة العادلة والإفصاح عن المعلومات المتعلقة بقياسات القيمة العادلة بما يتفق مع معايير التقارير المالية الدولية، والمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عامًا (IFRS, 13, IN. 7).
وتتمثل أهداف مجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) من إصدار معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) فيما يلى: (Spector, 2011, p. 2)
تخفيض التعقيد وتحسين التناسق فى تطبيق قياسات القيمة العادلة من خلال وضع متطلبات واحدة لجميع قياسات القيمة العادلة.
توصيل هدف القياس بشكل أكثر وضوحًا من خلال توضيح تعريف القيمة العادلة.
تحسين الشفافية من خلال تعزيز الإفصاح عن قياسات القيمة العادلة وزيادة التقارب بين معايير التقارير المالية الدولية، والمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عامًا.
ويتناول الباحثان فيما يلى الأبعاد الأساسية لمعيار التقرير المالى الدولى رقم (13):
3/1 تعريف القيمة العادلة:
يتم تعريف القيمة العادلة بأنها "السعر الذى يتم الحصول عليه لبيع أصل أو الذى يتم دفعه لنقل (تحويل) التزام في عملية منظمة بين المشاركين في السوق في تاريخ القياس" (IFRS, 13, para. 9).
ويعتبر التعريف السابق للقيمة العادلة لا يختلف جوهرياً عن التعريفات السابقة في معايير التقارير المالية الدولية، والذى يمثل "المبلغ الذى يمكن من خلاله مبادلة أصل أو تسوية التزام بين أطراف مطلعة وراغبة في عملية تجارية"، إلا أن تعريف القيمة العادلة وفق (IFRS 13) يوضح ما يلى : (Ernst & Young, 2012, p.15)
أن القيمة العادلة تمثل سعر الخروج الحالي Current Exit Price وليس سعر الدخول Entry Price.
أن سعر الخروج للأصل أو الالتزام من الناحية المفاهيمية يختلف عن سعر الدخول، على الرغم من أن أسعار الدخول والخروج قد تكون متطابقة فى العديد من الحالات.
أن قياس القيمة العادلة تركز على عملية بيع الأصل أو نقل (تسوية) الالتزام وليس عملية لتعويض المخاطر المرتبطة بالأصل أو الالتزام.
أن القيمة العادلة هى قياس قائم على آليات السوق Market Based Measurement وليس قياس خاص بالوحدة Entity – Specific Measurement، وعلى هذا النحو فإنه يتم تحديدها بناء على الافتراضات التى يستخدمها المشاركون فى السوق فى تسعير الأصل أو الالتزام.
عملية بيع الأصل أو تحويل الالتزام هى عملية افتراضية Hypothetical Transaction فى تاريخ القياس.
ويمكن توضيح تعريف القيمة العادلة من خلال أربعة عناصر هم:
(IFRS, 13, para. 11- 36)
العنصر الأول: الأصل أو الالتزام The Asset or Liability
إن قياس القيمة العادلة يكون لأصل أو التزام محدد، ومن ثَمَّ يجب على المنشأة عند قياس القيمة العادلة أن تأخذ فى الاعتبار خصائص الأصل أو الالتزام. وتشمل هذه الخصائص، على سبيل المثال:
1- حالة الأصل وموقعه؛ و
2- القيود المفروضة على بيع الأصل أو استخدامه، إن وجدت.
العنصر الثانى: العمليةThe Transaction
يفترض قياس القيمة العادلة أن الأصل أو الالتزام يتم تبادله في عملية منظمة بين المشاركين فى السوق لبيع الأصل أو نقل (تحويل) الالتزام في تاريخ القياس وفقًا لظروف السوق الحالية، بالإضافة إلى أن عملية بيع الأصل أو نقل الالتزام تحدث أما:
1- فى السوق الأساسى للأصل أو الالتزام .
2- فى غياب السوق الأساسى يكون السوق الأكثر مزايا للأصل أو الالتزام.
ويعرف السوق الأساسى بأنه السوق ذو الحجم الأكبر ومستوى النشاط الأعلى للأصل أو الالتزام. بينما يعرف السوق الأكثر مزايا بأنه السوق الذى يعظم القيمة التى سيتم الحصول عليها من بيع الأصل أو يقلل من القيمة التى سيتم دفعها لنقل الالتزام بعد الأخذ فى الاعتبار تكاليف البيع والنقل.
ويرى الباحثان أنه من الأفضل التركيز على السوق الأساسى حيث أنه يعتبر السوق الذى يحدث فيه عمليات بيع للأصل أو نقل للالتزام بشكل كبير نظرًا لارتفاع حجم ومستوى نشاط السوق، ومن ثَمَّ يعتبر السوق فى هذه الحالة أكثر سيولة للأصل أو الالتزام، وبالتالي فإنه يوفر مدخلات أكثر تمثيلاً لقياس القيمة العادلة. ومن ثَمَّ يجب على الوحدة أن تأخذ فى الاعتبار السوق الأساسى وذلك بشرط الوصول إلى تلك السوق فى تاريخ القياس.
العنصر الثالث: المشاركون في السوق Market Participants
تقوم الوحدة بقياس القيمة العادلة للأصل أو الالتزام باستخدام الافتراضات التى سيستخدمها المشاركون فى السوق عند تسعير الأصل أو الالتزام، وذلك على أساس أن المشاركين فى السوق يتصرفون بما فيه مصلحتهم الاقتصادية.
ويقصد بالمشاركين فى السوق (Ernst & Young, 2011, p. 3) المشترون والبائعون فى السوق الأساسى (أو الأكثر فائدة) للأصل أو الالتزام، والذى يتوافر لديهم كافة الخصائص التالية:
( أ ) الاستقلالية عن بعضهم البعض، أى أنهم لا يكونوا من الأطراف ذوى العلاقة.
(ب) المعرفة، والفهم بدرجة كافية عن الأصل أو الالتزام باستخدام كافة المعلومات المتاحة والتى تشمل معلومات تم الحصول عليها من خلال بذل العناية الواجبة.
(ج ) القدرة على إبرام العملية للأصل أو الالتزام.
( د ) الرغبة في إبرام العملية للأصل أو الالتزام.
ويرى الباحثان أن من خصائص المشاركين في السوق طبقًا لهذا المعيار أنهم مستقلون عن بعضهم البعض، مما يعنى أن العملية الافتراضية تحدث بين المشاركين فى السوق وفى تاريخ القياس، وليس بين وحدة التقرير والمشاركين الآخرين فى السوق. وهذا يختلف مع المعيار الأمريكى (FASB, 157, para. 10) الذى ينص على أن من خصائص المشاركين في السوق الإستقلالية عن وحدة التقرير، كما أن الباحثين لا يتفقا مع معيار التقرير المالى الدولى رقم (13) وذلك فيما يتعلق باستخدام السعر فى معاملة الأطراف ذوى العلاقة كمدخلات لقياس القيمة العادلة إذا كان لدى الوحدة دليل على أن العملية أبرمت بناء على شروط السوق (IFRS, 13, Appendix A, Defined Terms, p.34) حيث أن إثبات ذلك أمر يصعب التحقق منه، كما أنه يعطى فرص للإدارة للتلاعب في الأرباح.
العنصر الرابع: السعر The Price
القيمة العادلة هى السعر الذى سيتم استلامه لبيع الأصل أو سيتم دفعه لنقل (لتحويل) الالتزام فى عملية منظمة في السوق الأساسى (أو الأكثر مزايا) في تاريخ القياس وفقًا لظروف السوق الحالية (أى سعر الخروج) بغض النظر عما إذا كان هذا السعر ملحوظًا بشكل مباشر أو يتم تقديريه باستخدام أسلوب تقييم آخر.
ويرى الباحثان أنه يجب على الوحدة عند قياس القيمة العادلة أن تأخذ فى الاعتبار أن سعر العملية الذى يمكن ملاحظته لا يعتمد فقط على مستوى النشاط فى السوق بل علي وجود عملية منظمة أيضًا. حيث من الممكن أن يكون السوق أقل نشاطًا إلا أن العملية قد تكون منظمة. وبناءً عليه يجب على الوحدة الاعتماد على سعر العملية الذى يمكن ملاحظته إلا إذا كان هناك دليل على أن العملية غير منظمة. وإذا كانت الوحدة ليس لديها معلومات كافية لتحديد ما إذا كانت العملية منظمة فإنه يجب عليها إجراء المزيد من التحليل لقياس القيمة العادلة.
وبناءً على ما تقدم فإن القيمة العادلة من وجهة نظر الباحثين تتمثل فى القيمة التى يتم على أساسها مبادلة أصل أو التزام من خلال عملية منظمة بين المشاركين فى السوق النشط بشرط توافر الاستقلالية والمعرفة بالبند محل القياس والقدرة والرغبة فى إتمام العملية، وفى حالة عدم وجود سوق نشط يتم استخدام افتراضات وأساليب تقييم بديلة عن القيمة السوقية، والتى تتناسب مع البند محل القياس وذلك فى وقت القياس.
3/2 القيمة العادلة للأصول غير المالية:
إن قياس القيمة العادلة للأصل غير المالى يأخذ فى الاعتبار قدرة المشارك فى السوق على توليد المنافع الاقتصادية من خلال استخدام الأصل بأفضل وأحسن استخدام أو بيعه لمشارك آخر سيستخدم الأصل بأفضل وأحسن استخدام له .(IFRS, 13, para. 27)
ويرى الباحثان أن معيار (FASB, 157, para. 12-14) قام بتطبيق المفاهيم المحددة لأفضل وأحسن استخدام وفرضية التقييم عند قياس القيمة العادلة دون تميز بين الأصول المالية والأصول غير المالية، ولكن بعد أن أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB) في مايو 2011م تحديث المعايير المحاسبية بعنوان "قياس القيمة العادلة" (الموضوع 820) – تعديلات لتوحيد القياس والإفصاح عن القيمة العادلة في المبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عامًا ومعايير التقارير المالية الدولية - (Fair Value Measurement, Topic 820, p.22) أصبح هناك اتفاق بين مجلس معايير المحاسبة المالية (FASB) ومجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) على أن المفاهيم المتعلقة بأفضل وأحسن استخدام وفرضية التقييم تكون ملائمة عند قياس القيمة العادلة للأصول غير المالية. وتكون غير ملاءمة عند قياس القيمة العادلة للأصول المالية أو القيمة العادلة للالتزامات. بالإضافة إلى عدم تطبيق تلك المفاهيم على أدوات حقوق الملكية وذلك للتشابه بينهما وبين الأدوات المالية.
وقد قامت شركة (KPMG, 2012, p.12) بتوضيح العوامل الواجب أن تؤخذ فى الاعتبار لتحديد أفضل وأحسن استخدام Highest and Best Use للأصل غير المالى من خلال الشكل التالى:
شكل رقم (1) العوامل التى تؤخذ في الاعتبار لتحديد أفضل وأحسن استخدام للأصل غير المالى
3/3 القيمة العادلة للالتزامات وأدوات حقوق ملكية المنشأة:
يفترض قياس القيمة العادلة أنه يتم نقل (تحويل) الالتزام المالى وغير المالى أو أداة حقوق ملكية المنشأة إلى المشارك فى السوق فى تاريخ القياس، كما يفترض ما يلى:
(IFRS, 13, para. 34 - 37)
( أ ) يبقى الالتزام غير مسدد ويجب على المشارك فى السوق المنقول إليه الالتزام الوفاء به، ولا يتم تسوية الالتزام مع الطرف المقابل أو إطفاؤه Extinguished بطريقة أخرى فى تاريخ القياس.
(ب) تبقى أداة حقوق الملكية غير مسددة ويأخذ المشارك فى السوق المنقول إليه الأداة الحقوق والمسئوليات المرتبطة بها. ولا يتم إلغاء الأداة أو إطفاؤها بطريقة أخرى فى تاريخ القياس.
وعندما لا يتوفر سعر معلن لعملية نقل التزام مطابق أو مماثل أو أداة حقوق ملكية مماثلة أو مطابقة ويكون البند المطابق محتفظ به من قبل طرف آخر على أنه أصل، يجب على المنشأة أن تقوم بقياس القيمة العادلة للالتزام أو أداة حقوق الملكية من وجهة نظر مشارك السوق الذى يحتفظ بالبند المطابق على أنه أصل فى تاريخ القياس.
وقد قامت شركة (KPMG, 2011, p.15) بتوضيح قياس القيمة العادلة للالتزام أو أداة حقوق ملكية المنشأة كما يلى:
شكل (2) قياس القيمة العادلة للالتزام أو أداة حقوق ملكية المنشأة
3/4 أساليب تقييم القيمة العادلة:-
يجب على المنشأة استخدام أساليب التقييم التى تعتبر ملائمة للظروف وتتوفر لها معلومات كافية لقياس القيمة العادلة، وذلك من خلال تعظيم الاستفادة من المدخلات المرئية الملائمة - وهى المدخلات التي يتم صياغتها باستخدام بيانات السوق مثل المعلومات المتاحة عمومًا عن الأحداث أو المعاملات الفعلية Actual Events or Transactions وتعكس الافتراضات التي سيستخدمها المشاركون فى السوق عند تسعير الأصل أو الالتزام – والتقليل من استخدام المدخلات غير المرئية – وهى المدخلات التي لا يتوافر لها بيانات السوق ويتم صياغتها باستخدام أفضل معلومات متاحة عن الافتراضات التي سيستخدمها المشاركون فى السوق عند تسعير الأصل أو الالتزام (IFRS, 13, para. 61)
ويتمثل الهدف من استخدام أسلوب التقييم فى تقدير السعر الذى ستتم به العملية المنظمة لبيع الأصل أو نقل الالتزام بين المشاركين فى السوق فى تاريخ القياس وفقًا لظروف السوق الحالية. وهناك ثلاثة أساليب مستخدمة على نطاق واسع تتمثل في ما يلى:
(Palea & Maino, 2012, pp. 4-5, IFRS, 13, Appendix B, Application Guidance, pp. 39- 40)
(1) مدخل السوق: Market Approach
يستخدم هذا المدخل الأسعار والمعلومات الأخرى الملائمة الناجمة عن عمليات السوق لأصول أو التزامات أو مجموعة من الأصول والالتزامات المطابقة Identical أو المماثلة Similar.
ويساعد هذا المدخل على استخدام مصفوفة التسعير Matrix Pricing والتى تعتبر أساسًا لتقييم بعض أنواع الأدوات المالية، مثل الاستثمارات المالية فى السندات، وذلك دون الاعتماد فقط على الأسعار الرسمية للأوراق المالية المحددة، ولكن عن طريق علاقة هذه الاستثمارات بأسعار الاستثمارات المالية القياسية فى السوق.
(2) مدخل التكلفة: Cost Approach
ويعكس هذ المدخل تكلفة الإحلال الحالية Current Replacement Cost، والتى تمثل المبلغ الذى يكون مطلوب حاليًا لإحلال المقدرة الخدمية للأصل.
(3) مدخل الدخل: Income Approach
يستخدم هذا المدخل أساليب التقييم لتحويل المبالغ المستقبلية (التدفقات النقدية أو الدخل والنفقات) إلى قيمة حالية واحدة (أى مخصومة). وإذا تم استخدام هذا المدخل، فإن قياس القيمة العادلة يعكس توقعات السوق الحالية عن هذه القيم المستقبلية.
وتتضمن أساليب تقييم الدخل على سبيل المثال، ما يلى:
أساليب القيمة الحالية. Present Value Techniques
نماذج تسعير الخيارات. Option Pricing Models
طريقة الأرباح الفائضة متعددة الفترات. The Multi – Period Excess Earning Method والتى تستخدم لقياس القيمة العادلة للأصول غير الملموسة.
وفى بعض الحالات يكون استخدام أسلوب تقييم واحد مناسبًا على سبيل المثال عند تقييم أصل أو التزام بإستخدام الأسعار المعلنة فى سوق نشط لأصول أو التزامات مطابقة وفى حالات أخرى يكون استخدام أساليب تقييم مركبة أو متعددة مناسباً.
ويرى الباحثان أن المعيار لم يحدد أسلوب تقييم معين يكون مُلزم لجميع الشركات وإنما ترك حرية اختيار الأسلوب للشركات بشرط أن يكون ملائمًا للظروف، وأن يتوافر له معلومات كافية لقياس القيمة العادلة، مما يؤدى إلى احتمالية ذاتية القياس وهذا من شأنه فتح الباب أمام إدارة الشركات للتلاعب فى قياسات القيمة العادلة لتحقيق أهدافها، ومن ثَمَّ يجب ضرورة التوسع فى متطلبات الإفصاح ليشمل المدخل المستخدم فى التقييم والافتراضات التى تم الاعتماد عليها فى التقييم.
3/5 التسلسل الهرمي للقيمة العادلة: (IFRS, 13 para. 72 - 75)
لتوفير الاتساق والقابلية للمقارنة فى قياسات القيمة العادلة والإفصاحات المرتبطة، فإنه يتم تحديد التسلسل الهرمى للقيمة العادلة الذى يصنف مدخلات أساليب التقييم المستخدمة لقياس القيمة العادلة إلى ثلاثة مستويات، يعطى هذا التسلسل أولوية أعلى Highest Priority للأسعار المعلنة (غير المعدلة) فى الأسواق النشطة للأصول أو الالتزامات المطابقة (مدخلات المستوى الأول) وأولوية أدنى Lowest Priority للمدخلات غير المرئية (مدخلات المستوى الثالث).
وفى بعض الحالات، المدخلات المستخدمة فى قياس القيمة العادلة للأصل أو الالتزام قد تكون مصنفة بين مستويات مختلفة للتسلسل الهرمى للقيمة العادلة، فى هذه الحالات، فإن قياس القيمة العادلة يصنف فى ذات المستوى للتسلسل الهرمى حيث المستوى الأدنى للمدخلات التى تكون مؤثرة في القياس.
وقد أعطى المعيار الأولوية لمدخلات أساليب التقييم، وليس لأساليب التقييم، حيث أن قياس القيمة العادلة باستخدام أسلوب القيمة الحالية Present Value Technique يمكن أن يصنف ضمن المستوى الثانى أو الثالث معتمدًا فى ذلك على المستوى الذى تصنف فيه المدخلات التى تكون مؤثرة في القياس فى التسلسل الهرمى للقيمة العادلة.
وفى حالة إذا تطلب الأمر تعديلاً لمدخلات مرئية باستخدام مدخل غير مرئى وكان هذا التعديل يؤدى إلى قياس قيمة عادلة أعلى أو أقل بشكل جوهرى. عندئذٍ يتم تصنيف القياس الناتج ضمن المستوى الثالث لتسلسل القيمة العادلة. وتوضيحاً لذلك على سبيل المثال: إذا أخذ مشارك السوق فى الاعتبار أثر القيد المفروض على عملية بيع الأصل عند تقييم سعر الأصل، فيجب على الوحدة تعديل السعر المعلن لتعكس أثر ذلك القيد. وفى حالة إذا كان السعر المعلن ضمن مدخلات المستوى الثانى وكان التعديل عبارة عن مدخلات غير مرئية مؤثرة في القياس، فإنه يجب تصنيف القياس ضمن المستوى الثالث من التسلسل الهرمي للقيمة العادلة.
ويمكن توضيح مستويات مدخلات أساليب التقييم المستخدمة لقياس القيمة العادلة كما يلى:
(Palea & Maino, 2012, pp. 3- 4; IFRS, 13, para. 76 - 90)
3/5/1 مدخلات المستوى الأول: Level 1 Inputs
مدخلات المستوى عبارة عن أسعار معلنة (غير معدلة) فى السوق النشط لأصول أو التزامات مطابقة، والتى يمكن للوحدة الحصول عليها فى تاريخ القياس. وتساعد مدخلات المستوى الأول إلى تخفيض عدم تماثل المعلومات بين المستثمرين والإدارة.
ويتفق الباحثان مع المعيار في تحديد السوق النشط - وهو السوق الذى يتم فيه عمليات عن الأصل أو الالتزام بحجم وتكرار كافٍ لتوفير معلومات التسعير على أساس مستمر-، وليس السوق الكفء - وهو السوق الذى يتوافر فيه كافة أنواع المعلومات سواء الماضية أو الجارية أو الخاصة الداخلية بشكل ينعكس على أسعار البند محل القياس بصورة أسرع وتكلفة أقل- حيث أن شروط السوق الكفء يصعب تحقيقها واقعيًا وعمليًا، ومن ثَمَّ تصبح القيمة العادلة هى قيمة نظرية بحتة لا يمكن الحصول عليها. وهذا يعنى أن فرضية السوق النشط – ليس فرضية السوق الكفء – هى الفرضية الأقرب تحققها فى الواقع العملى، والتي يمكن من خلالها الوصول إلى قيمة عادلة للبند محل القياس.
والسعر المعلن فى السوق النشط يوفر دليل أكثر موثوقية للقيمة العادلة، ويجب استخدامه دون تعديل لقياس القيمة العادلة كلما أمكن، باستثناء ما يلى:
عند امتلاك المنشأة حصة كبيرة من الأصول أو الالتزامات المماثلة محل القياس، مما يتيح لإدارة المنشأة التأثير أو السيطرة على السعر المعلن، ومن ثَمَّ فإن السعر لا يخضع لظروف العرض والطلب داخل السوق حيث قد يكون موجهًا من جانب الإدارة. ويفضل فى هذه الحالة قيام المنشأة باستخدام أسلوب تسعير بديل لا يعتمد فقط على الأسعار المعلنة مثل مصفوفة التسعير غير أن قياس القيمة العادلة باستخدام أسلوب تسعير بديل يؤدى إلى الانتقال إلى المستوى الأدنى من تسلسل القيمة العادلة.
عندما لا يعبر السعر المعلن فى السوق النشط عن القيمة العادلة فى تاريخ القياس. ويمكن أن يحدث ذلك – على سبيل المثال – عند وقوع عدد من الأحداث الجوهرية بعد إغلاق السوق ولكن قبل تاريخ القياس. ومن ثَمَّ يجب على المنشأة وضع وتطبيق سياسة ثابتة للتعامل مع هذه الأحداث، والتى قد يكون لها تأثير على قياسات القيمة العادلة. وفى حالة تعديل |