انطلاقًا من فكرة البحث التي تقوم على معالجة مفهوم "النيابة" بمجلس شورى النواب الذي أنشأه الخديو إسماعيل (1863- 1879) ومدى تطبيق تلك الفكرة على أرض الواقع، أخذ البحث بعد استعراضه في بضع صفحات لنشأة المجلس ونظامه، في تتبع نشاط أعضائه وممارستهم لدورهم من خلال الهيئات شبه النيابية الثلاث التي مر بها المجلس إبان فترة وجوده (1866- 1879).
وقد ركز البحث على بيان مدى ما كان يطرأ من تطور يتعلق بفكرة "النيابة"، من خلال أداء الأعضاء ومواقفهم بشأن ما كان يُطرح من مسائل تصدوا لها بالمناقشة، وهو التطور الذي بدا ظهوره ضعيفًا مع نهاية الهيئة الأولى عام 1869، ثم أخذ يقوى بعض الشيء خلال الهيئة الثانية (1870- 1873) التي شهدت وجود روحًا استقلالية لدى الأعضاء بقدر أوضح عن ذي قبل، حيث لم يسكتوا عما اعتقدوه تقصيرًا من جانب الحكومة، ويذعنوا لإجابات مسئوليها ما دامت لم تقنعهم، وهو ما أرجعه البعض إلى ما أصبح عليه الأعضاء من احتكاك أكثر بالحكومة وإلمام بمجريات الأمور، فلم يعد لديهم القدر الكبير من الهيبة التي تملكتهم في بداية التجربة. ثم كانت الصحوة والانطلاق من جانب الأعضاء خلال الهيئة الثالثة للمجلس (1876- 1879)، فكان ظهورهم بثوب جديد مختلفًا عن ذي قبل، متلمسين حقيقة طريقهم إلى ممارسة نيابية بذات المعنى الذي تقوم عليه البرلمانات الحديثة.
|