تمثل ظاهرة التعديات والتشكل العشوائى بمشروعات الإسكان الحكومى إحدى الظواهر غير الإيجابية المؤثرة على عمران المحيط الحضرى لما لها من مردود سلبى على خصائص العمران القائم وعناصر تشكله البصرية ، وقد أمتدت تلك الظاهرة لتشمل مستويات متفاوتة للإسكان بمناطق مصر المختلفة محدثة تغييراً فى صياغة خصائص نسيج عمران تلك المناطق .
ومع أن ظاهرة التشكل العشوائى للإسكان الحكومى مزمنة إلا أنها لم تأخذ حظها الوافر من تناولها بالدراسة ـ بقدر كاف لتحديد مسبباتها وكيفية التعامل معها ـ إلا بعض الأجهزة الرقابية لمحاولة إجهاضها تارة أو تقنينها تارة أخرى دونما التوصل ووضع أية أسس أو معايير تحكم صياغة النسيج التشكيلى للمناطق التى تتضمنها ، الأمر الذى أدى إلى تردى الأوضاع العمرانية بتلك المناطق ، وتقييد طموحات التنمية المستهدفة من قبل الدولة مع بدايات القرن الحادى والعشرين .
ولا شك أن هذا التردى المشار إليه يرجع إلى إفتقار وحدات الإسكان الحكومى للمعايير التصميمية المرتبطة بالبعد الإنسانى والاجتماعى كأساس لتحديد ملامح التشكيل العمرانى لعدم تعايش المصمم مع التطور الطبيعى للواقع الاجتماعى ، إضافة إلى القصور فى التعامل مع عناصر الإشكالية بوجه عام .
ومن الأمثلة البارزة لهذه الظاهرة مجموعات الإسكان الحكومى لمحدودى الدخل بمنطقة مدينة نصر حيث تتعدد تلك الامتدادات العشوائية بوضوح فى مشروع الإسكان الحكومى بالحى السادس … الحى السابع فى مواجهة جامعة الأزهر ، إسكان الهيئة العربية للتصنيع وإسكان بنك الإسكان والتعمير وإسكان أعضاء هيئة التدريس بالحى الثامن برغم احتوائه على شرائح اجتماعية ذات مستويات اقتصادية وثقافية عير متدنية ، كما تظهر فى مشروع إسكان الشباب بالحى العاشر وكلها تعديات تؤكد تلك الظاهرة.
وتستهدف هذه الورقة البحثية الوقوف على أبعاد الظاهرة اجتماعيا وعمرانيا لتوجيه التشكيل العمرانى بما يتفق ومستهدفات صياغة المحيط الحضرى الذى يتضمنها وكمحاولة للتنسيق بين المجهودات الفردية لقاطنى تلك المناطق ورؤى ذوى التخصص حيال الأسس والمعايير التى تحكم صياغة التشكل العمرانى للامتداد المستهدف.
وقد اتخذ البحث منهجا تحليليا ميدانيا لمحموعة اسكان البنك بالحى الثامن كحالة تمثل الظاهرة فى طور نموها الأول.
|