يمر العالم اليوم بمنعطف معرفي خطير تتضاعف فيه المعرفة بطريقة يصعب حسابها وتحديد مداها لدرجة أن المعرفة العلمية والتكنولوجية في عصرنا الحالي أصبحت تمثل ما يقرب من 80% من اقتصاديات العالم المتقدم0 وقد أصبحت هذه المعرفة مصدر من مصادر الطاقة غير المحسوسة أو غير الملموسة التى تميز الاقتصاد الجديد، وأصبحت تضفي على المنتج كثير من الإمكانات والخصائص التى تميزه عن غيره، فتضيف إليه بذلك قيم مضافة تزيد من مكانته المادية والاجتماعية0
ولا تقتصر قيمة المعرفة على الجانب الاقتصادي فقط بل يمتد تأثيرها إلى جميع أبعاد الحياة الثقافية والسياسية والتربوية ...إلخ بحيث يمكن القول بأن مجتمع المعرفة قد فرض نفسه وبقوة على حركة تطور المجتمعات البشرية بصفة عامة0
ورغم هذا التطور المعرفي الخطير فإن العالم العربي يقف منه موقف المتفرج أو المستهلك أكثر مما يشارك فيه بفاعلية، حتى تفجرت "فجوة رقمية" واضحة بيننا وبين من يملك المعرفة من العالم المتقدم0
ويمثل النظام التعليمي ككل، والتعليم الجامعي العربي بصفة خاصة – باعتبار أنه هو المسئول عن تشكيل وبناء البشر – من أهم أسباب هذه الفجوة الرقمية بين العالم النامي والعالم المتقدم، نظراً لما يواجهه من تحديات وأزمات في أبعاده المختلفة تحول بينه وبين إنتاج المعرفة ونشرها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي0 فكيف يمكن القضاء على هذه التحديات والأزمات وتطوير نظام التعليم الجامعي ليسهم بفاعلية في تأسيس مجتمع المعرفة العربي فتزول بذلك الفجوة الرقمية القائمة؟
|