أثيرت في السنوات الأخيرة تساؤلات وانتقادات عديدة حول طبيعة استجابة الرأي العام في العالم العربي تجاه الأحداث والمشكلات والقضايا المختلفة التي تخص العرب، وخاصة القضايا الداخلية التي تمس جوهر حياة ومصائر تلك الشعوب العربية وتهدد مستقبلها.
ففي حين أشارت بعض الدراسات إلى أن الاستجابة الجماهيرية الأكثر انتشاراً في العالم العربي الآن هي المقاومة السلبية من جانب الجماهير*، تكاد تجمع دراسات أخرى على عزوف الجماهير حتى عن هذا النوع من المقاومة، والاكتفاء بالصمت والعزلة ومتابعة الأحداث من بعيد.
والمتأمل في حال المجتمع المصري – وهو لا يختلف عن بقية المجتمعات العربية – يستطيع أن يلحظ السلبية الشديدة التي أصبحت تتسم بها استجابات الرأي العام المصري تجاه القضايا الداخلية والمشكلات العامة حتى أكثرها تأثيراً على مصالحه وحياته ومستقبل أبنائه.
ومن بين هذه القضايا: قضية الفساد الذي تفشى في مجتمعنا حتى تحول من مجرد ظاهرة انحراف فردية واستثنائية إلى خاصية تكاد تشكل أحد الملامح الأساسية للواقع المصري.
فالرشوة – على سبيل المثال – نراها قد أصبحت تمثل جزءًا من توقعاتنا اليومية. كذلك تطالعنا الصحف اليومية والأسبوعية بجرائم المال العام واستغلال النفوذ، إلا أننا لا نكاد نلمح أية ردود أفعال لدى الرأي العام، ولا حتى تجاه الفساد الصغير** الذي يواجهونه بشكل يومي.
فالشعب المصري متهم من قبل كثير من الكتاب والمثقفين والمهتمين بالشأن العام، بأنه يعيش في صمت القبور، يرى فداحة ما يحدث في مصر من نهب لثرواتها وتبديد لمواردها، ولكنه لا يهتم ولا يتحرك.
|