دخل السلاجقة الإسلام على المذهب السني الحنفي مذهب الخلافة العباسية آنذاك وتعصبوا له ودافعوا عنه ، وظهر ذلك منذ الوهلة الأولى عندما أظهر طغرلبك (429 ــــ 455 هــ/ 1037 ـــ 1063م) اتباعه للأيديولوجية التقليدية السنية للخلافة العباسية ، ومنذ عهد السلطان ألب أرسلان (455 ـــ 465 هـ/ 1063 ــ 1072م) مال السلاجقة إلى الشافعية، واتخذوا وزيراً شافعياً أشعرياً هو نظام الملك الطوسي ت 485 هــ / 1092م الذي أسس المدارس النظامية لمقاومة المد الشيعي من الناحية الفكرية ، واكتسبت حركة التعليم المدرسي القائم على الفقه الشافعي في تلك المدارس الطابع الرسمي على يد ذلك الوزير.
ولقي التصوف رواجاً كبيراً في العصر السلجوقي الأول ، وأصبح من مظاهره، حيث اعتنقه جماعة من العلماء والمشايخ والشعراء والأمراء، ووجد شيوخ الصوفية في ذلك العصر بيئة مناسبة لنشر أفكارهم بين الناس، ومثل التصوف آنذاك نزعة روحية سلوكيـــة لا تعرف حدوداً مكانية، ولم تختص به فرقة دون أخرى، وكثر عدد المشايخ والعلماء من المتصوفة في ذلك العصر، وراق سلاطين السلاجقة مظهر الصوفية، وأعجبوا بتصرفات شيوخها، فبالغوا في احترامهم، وراعوا لمشايخ الصوفية مكانتهم، وقد وقفت وراء تلك الظاهرة عوامل مختلفة أدت إلى ذيوع التصوف في تلك الفترة ، ومن ثم يهدف هذا البحث إلى إبراز أثر التصوف في العصر السلجوقي الأول، والدور الذي لعبه أعلام الصوفية خلاله. |