ظهرت الدولة الغزنوية في منتصف القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي نتيجة للضعف الذي أصاب الدولة السامانية، وضمت تلك الدولة مناطق شاسعة في المشرق الإسلامي، واستخدم حكام الدولة الغزنوية العيون والجواسيس لإحكام سيطرتهم على أراضيهم، واتخذ حكامها نموذجاً متطوراً اعتمدوا عليه في التواصل بينهم وبين غيرهم من عمالهم؛ تمثل ذلك النموذج في المُعَـمَّاة، التي تم استخدامها بصورة واضحة خلال عصر السلطان مسعود بن محمود الغزنوي (421 ـــ 432هــ/ 1030 ــ 1040م)، كما يتضح من خلال كتاب "تاريخ البَيْهَقِي" لمؤلفه أبي الفضل البيهقي ت 470هــ/ 1077م، المؤرخ والكاتب الذي ترك لنا العديد من المُعَـمَّيات في تاريخه، ذلك التاريخ الذي دونه البيهقي وذكر رواياته فيه إما عن مشاهدة أو سماع لثقة.
ومن ثم، فإن هذه الدراسة تهتم بإبراز دور الرسائل المُعَـمَّاة التي تنتمي لعصر السلطان مسعود الغزنوي والتي وردت في " تاريخ البَيْهَقِي "، تلك الرسائل التي تكتسب أهميتها من كونها وصلت إلينا عن طريق البَيْهَقِي نفسه؛ كونه كان شاهد عيان، بل ومشاركاً في مجريات الأحداث وكتابة الرسائل، بل ومساهماً في وضع رموز المُعَـمَّى لاستخدامه في كتابة الرسائل المُعَـمَّاة وحل رموزها إبان عصر السلطان مسعود الغزنوي. |