الكلمات فى اللغة كالناس فى الحياة ، تنشأ بينها علاقات كما تنشأ بينهم علاقات ؛ فهناك علاقة الزواج بين الرجل والمرأة ، وعلاقة الأبوة بين الوالد وأولاده ، والبنوة بين الأولاد وآبائهم ، وعلاقة الأخوة بين الأولاد الذين ينتمون إلى والدين ، وهناك علاقة القوة والضعف ، فهذا قوى وذاك ضعيف ، وعلاقة الطول والقصر ، فهذا طويل وذاك قصير ، وعلاقة التدرج الوظيفى ، فهذا مدير شركة ، وهؤلاء موظفون بها ، وأولئك سعاة فيها . وغير ذلك كثير من العلاقات التى يمكن رصدها والوقوف عليها بين الناس ، من خلال سلوكهم بعضهم مع بعض فى الحياة .
أما العلاقات بين الكلمات فى اللغة ، فإن علماء اللغة المحدثين يميزون بين نوعين من هذه العلاقات ، هما : العلاقات الدلالية أو علاقات المعنى paradigmatic relations ، والعلاقات التركيبية أو علاقات التَّجَاوُر syntagmatic relations ، ومن هؤلاء ديفيد كريستال D.Crystal ، وجون ليونز J.Lyons ، وجيفرى ليتش J.Leech ، وولكنز D.A.Wilkins ، وغيرهم ، يقول كريستال : (( إن تحليل العلاقات المعجمية يمكن أن يكون أكثر دقة بالوقوف على التمييز بين العلاقات الدلالية paradigmatic ، والعلاقات التركيبية syntagmatic (1) )) .
أما العلاقات التركيبية أو علاقات التجاور ، فهى علاقة أفقية على حد تعبير الدكتور محمد حسن عبد العزيز – تتمثل فى علاقة الكلمات بعضها ببعض عند ظهورها متجاورةً ، أو مركباً بعضها مع بعض فى الجملة أو السياق اللغوى ؛ فهناك كلمات تلازم كلمات أخرى تلازماً مطلقاً ، بحيث لا تنفك منها ؛ وهناك كلمات يصاحب بعضها بعضاً باطراد ؛ وهناك كلمات تأبى مجاورة غيرها لها ، بحيث لا يصح – لغة – تجاورها بعضها لبعض ؛ يقول الدكتور محمد حسن عبد العزيز مُعَرِّفَاً هذه العلاقات : (( والمقصود بالعلاقات الأفقية Syntagmatic علاقة عنصر لغوى بعناصر لغوية أخرى فى السياق (2) )) . ولكن هذا النوع من العلاقات لا يعنينا هنا ؛ لأننا بصدد الحديث عن العلاقات الدلالية .
أما دراستي للعلاقات الدلالية فى هذا البحث فتنقسم قسمين ؛ أولهما دراسة لمفهوم العلاقات الدلالية وأنواعها ، والآخر دراسة للعلاقات الدلالية فى نونية ابن زيدون .
|