التعليم حق لجميع أفراد المجتمع، ولابد أن توفره الدولة لكافة أفرادها ولكننا نجد أحد فئات المجتمع وهم الصم يقتصر تعليمهم عند حد معين حيث لا يتعدى المرحلة الثانوية المهنية علي أقصي تقدير، ولا يتمكنوا من إكمال تعليمهم الجامعي، فهم لا يتوفر لهم ما يحتاجونه من متطلبات تساعدهم على الاندماج في هذا النظام كبقية الطلبة، وعلي الرغم من المحاولات الفردية والجماعية المبذولة من المختصين لإلحاق الصم بالتعليم العالي إلا أنه هناك العديد من العقبات والتحديات التي يجب التغلب عليها لكي تنجح عملية دمج الصم بالتعليم العالي.
ومن هذه العقبات: الصعوبات الأكاديمية مثل صعوبة الوصول إلي المعلومة وفهمها، والعقبات والمشكلات الاجتماعية مثل عدم فهم أعضاء هيئة التدريس لطرق تعليم الصم، والاتجاهات السلبية لمجتمع الجامعة نحو مجتمع الصم، وقصور الخدمات المساندة لهم ، بالإضافة إلي عدم رضا الطلاب الصم عن تجربة الحياة الجامعية نتيجة هذه المشكلات (عمر ، 2008 Liversidge, 2003; Lang, 2002; Richardson, Gallinger, mckee & Long,2000).
وفي سياق تأثير الاتجاهات السلبية من المجتمع نحو الأصم يذكر أبو العمرين (2015) أن مشاعر الأصم تجاه ذاته تعتبر انعكاس عن مشاعر الآخرين من حوله تجاهه وتجاه إعاقته، حيث يكون الأصم صورة ذهنية عن نفسه `ذات أهمية كبيرة في بناء شخصيته، وبالتالي يكون مفهومه عن ذاته، والذى يتطور بتطور الحياة والثقافة والحضارة.
ومن منطلق أهمية اتجاه العاديين نحو الصم جاءت الكثير من الدراسات مثل دراسة
( Fahad,2016 ؛ Milovanovic ,2015؛ حنفي،2015؛ محمد،2013 ؛ خضر،2008؛ Klumin et el,2002) التي أوضحت نتائجها وجود اتجاهات سلبية وأخري ايجابية أو حيادية نحو الصم، وأن هناك عوامل مرتبطة بتكوين هذه الاتجاهات وتؤثر عليها، ومن العوامل التي تدعم النظرة الايجابية للصم الاتجاه الثقافي والذي يتضمن أن الأصم شخص عادي بغض النظر عما يعانيه من درجة من الصمم، وأن له قدرات ولغة وثقافة مثل أقرانه السامعين، وهذه الثقافة لها من القواعد ما يجعلها ثقافة قائمة بذاتها.
ومن منطلق الاعتراف بثقافة الصم كثقافة مستقلة يتبادر إلي ذهن الباحثة سؤال عن العلاقة بين الذكاء الثقافي لدي العاديين والاتجاه نحو دمج الصم، فإذا كان الذكاء الثقافي هو قدرة الفرد على التكيف بفاعلية في المواقف التي تتميز بالتنوع الثقافي (Rose , Kuma& Subramaniam, 2008) فهذا يعني بالتبعية أن الأفراد العاديين ذوي الذكاء الثقافي المرتفع يستطيعون التكيف مع ثقافة مختلفة عنهم مثل ثقافة الصم الأمر الذي يجعلهم أكثر ايجابية في اتجاههم نحو الصم، وهذا ما تحاول الدراسة الحالية اختبار مدي صحته من خلال دراسة العلاقة بين الذكاء الثقافي لدي طلاب الجامعة العاديين وبين اتجاههم نحو دمج الصم معهم.
وقد هدفت الدراسة إلي التعرف علي طبيعة العلاقة بين الذكاء الثقافي والاتجاه نحو دمج الصم بالتعليم الجامعي لدي عينة من طلاب الجامعة، والتعرف علي مستوي الذكاء الثقافي لدى طلاب الجامعة، وكذلك التعرف علي اتجاه طلاب الجامعة نحو دمج الصم بالتعليم الجامعي.
وتمثلت أهمية الدراسة في دعم التصورات النظرية المرتبطة بالذكاء الثقافي لدي فئة مهمة من فئات المجتمع وهي طلاب الجامعة، واهتمامها بإحدى فئات التربية الخاصة وهم فئة مهمة في المجتمع (الصم) حيث تبحث في أحد أهم حقوقهم وهو الدمج مع العاديين، والوصول لأهم المقترحات التي تساعدهم في تنفيذ هذا الحق، بالإضافة إلي تقديم مقياس للذكاء الثقافي لدي طلاب الجامعة، ومقياس لاتجاه طلاب الجامعة نحو دمج الصم في التعليم العالي.
وقد تكونت عينة الدراسة من (265 طالب وطالبة) بكلية التربية النوعية بالفرقة الثالثة والرابعة منهم (99) ذكورا، (166) إناثا، ومتوسط أعمار العينة (20.941) بانحراف ( 0.67)، واستخدمت الباحثة مقياس الذكاء الثقافي لطلاب الجامعة ومقياس اتجاه طلاب الجامعة نحو دمج الصم (من إعداد الباحثة)، واعتمدت الدراسة علي المنهج الوصفي الارتباطي.
وقد بينت النتائج وجود علاقة ارتباطية موجبه بين الذكاء الثقافي لدي طلاب الجامعة واتجاههم نحو دمج الصم بالجامعة، كما بينت النتائج أن طلاب الجامعة يتمتعون بمستوي مرتفع من الذكاء الثقافي، ولديهم اتجاه إيجابي نحو دمج الصم بالجامعة.
|
