يعكس المشهد العمراني الراهن مجموعة متلاحقة ومتزايدة من الأدلـة تشـير إلى أن تطوير مفاهيم الاسـتدامة وتطبيقاتها في العمران المعاصر (تخطيطياً – عمرانياً – معمارياً) وتضمينها في منظومة الاستثمار العقاري آخذاً في التطور، فتطبيقها لم يعد ترفاً قاصراً علي المجتمعات العمرانية ذات المستويات الاقتصادية المرتفعة، بل أصبحت ضرورة تتطلبها رفع معدلات النمو (اقتصادياً - بيئياً - اجتماعياً) حفاظاً علي الموارد والمقومات المادية والطبيعية لكل دولة ,المتقدم منها والنامي- بيد أنه لا تزال هناك فجوة واضحة بين إمكانية تطبيق مفاهيم ومعايير الاستدامة (العمرانية / المعمارية) من جهة، وتعظيم القيمة الاستثمارية للعقار مع الزمن بالنسبة لكلا من المستخدمين من جهه والمطورين العقاريين من جهة أخري.
من هنا تظهر أهمية رصد وتحديد وقياس تلك الفوارق بين أهم أطراف منظومة الاستدامة العمرانية المعاصرة [الدولة – المستخدم (العميل)– المطور العقاري] والناتجة عن اختلاف الأولويات لدي كل طرف من حيث استيعاب مفاهيم و أهمية الاستدامة العمرانية لدي كل طرف حالياً و مستقبلاً.
وعلى الرغم من أن الدولة المصرية قطعت أولي خطواتها في مجال الاستدامة باعتماد النظام المحلي لتقييم استدامة المباني بما يعرف بنظام " الهرم الأخضر" (GPRS) Green Pyramid Rating System - إلا انه توجد بعض المعوقات التي تحد من انتشار اعتماده لدى المطورين العقاريين والمستثمرين في مشروعاتهم الحديثة.
هذا ويهدف البحث لتقديم مجموعة من الحلول والتوصيات لتفعيل تطبيق نظام تقييم "الهرم الأخضر" (GPRS) لاستدامة المباني بصورة أكثر كفاءة من وجهه نظر أهـم أطـراف المنظومة العمرانية ( المستخدم – المطور) بهدف تفعيل وتحفيز انتشار اعتمـاد المباني عمومـاً والسكنية منها علي وجه الخصوص لما تمثله من كثافة في البناء والإشغال والطلب العقاري المستمر وتوجه الدولة الحديث في بناء المدن الجديدة واسكان الدولة الحديث، وبالتالي يكون مردودها (البيئي - الاقتصادي – الاجتماعي) ملموس عمرانياً.
هذا وقد خلص البحث بعد التحليل لفئات ومحاور نظام تقييم "الهرم الأخضر" الست، و بالتطبيق والمسح علي عينات متنوعة لأهم أطراف المنظومة العمرانية (المستخدم – المطور) لعدد من النتائج من أبرزها : أنه بالرغم من تقارب المتوسطات للأوزان النسبية العامة بين كل من (المستخدم – المطور العقاري) في التوافق مع (فئات/محاور) نظام تقييم " الهرم الأخضر"- إلا أن كل (محور/معيار) يحوي اختلافات ملموسة بينهما في الأهمية النسبية ،لذا فنجد أنه من أولويات المستخدم تحقيق معايير: (جودة البيئة الداخلية – كفاءة استهلاك الطاقة – المواد و الموارد– و تأتي ادارة المنظومة – كفاءة استهلاك المياه في أخر الأولويات)، بينما تختلف الأولويات من وجهـة نظر (المطور/المستثمر العقــاري) حيث تأتي معـايير: ( استدامة الموقع العام– جودة البيئة الداخلية– كفاءة استهلاك المياه– كفاءة استهلاك الطاقة – الموارد والمواد – وتأتي ادارة المنظومة في أخر الأولويات)، هذا ويعرض البحث عدد من التوصيات لأهم أطراف المنظومة ( الدولة – المستخدم – المطور) لتحفيز استخدام واعتماد نظام تقييم "الهرم الأخضر" بصورة أكثر فاعلية .
|