لقد أثمر الاهتمام المتزايد على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي بمسألة الحفاظ على المكونات البيئية، والموارد الطبيعية، والتنمية المستدامة، وضرورة تحسين الأداء البيئي للأنشطة الصناعية، بل ولباقي أنواع الأنشطة الاقتصادية عن توجيه أنظار المهتمين بهذه المشكلة، نحو أهمية تكاتف الجهود الأكاديمية والمهنية لإرساء الإطار المتكامل لمفهوم الحوكمة البيئية، والذي يشير إلى مجموعة من الأنشطة والقواعد، التي تتكفل بإرساء الضوابط اللازمة للحفاظ على مكونات البيئة والتنمية المستدامة، سواء فيما يتصل بمنشآت الأعمال، أو غيرها من التنظيمات والتي تنعكس آثار أنشطتها المختلفة على المعطيات البيئية والطبيعية، وكذلك الرقابة والتحكم في المنشآت الصناعية وذلك يهدف إلى حماية البيئة والتنمية المستدامة من مخاطر التلوث والتعدي، التي قد تتسبب فيها تلك المنشآت أو غيرها وتحسين الأداء البيئي لوحدات المجتمع وذلك بما يضمن حسن إدارة الشئون البيئية والتنمية المستدامة للمجتمع، وتنظيم التشريعات واللوائح التي تكفل تحقيق ذلك، وكذلك بما يضمن شفافية إفصاح منشآت الأعمال وغيرها من منشآت باقي قطاعات الدولة عن حقيقة أدائها البيئي والتي تسببت فيه أنشطتها من إضرار بالمكونات البيئية والتنمية المستدامة للمجتمع.
وتتمثل مظاهر الإضرار بالبيئة والتنمية المستدامة فيما قد تسببه الشركات من تلوث وتصحر ... وغيرها، وهناك على الجانب الآخر تحسين مستمر وتتمثل مظاهر التحسين في تحلية المياه واستصلاح الأراضي ... وغيرها، وكذلك يمكن حدوث التحسين بالإقلال من المظاهر السلبية.
هذا ويمكن النظر إلى إطار الحوكمة البيئية، على أنه يمثل الامتداد الطبيعي لإطار حوكمة الشركات حيث يرتكز كلاهما على مجموعة متكاملة من المحاور الهادفة إلى تحقيق شفافية الإفصاح عن حقيقة نتائج الأداء، وسلامة قيام تلك الأطراف بواجباتها على النحو الأنسب كما يسعى كلاهما إلى حماية مقدرات المجتمع وتحقيق شفافية الإفصاح عن الأداء ويعتمد كلاهما على محاور: النزاهة، والقابلية للمحاسبة، والمساءلة، والشفافية لكي يتمكن أصحاب المصالح من مساءلة أو محاسبة المسئولين ومن أهم نتائج التطبيق الكفء للحوكمة البيئية وحوكمة الشركات: تخفيض درجة المخاطرة، وتشجيع جودة الأداء وتحسين قدرات الأطراف ذوي العلاقة، وتحسين قيادتها وإدارتها والتأكيد على الشفافية، والقابلية للمحاسبة والمساءلة عن الأداء البيئي.
فـــروض البحــــث:
تتمثل فروض البحث في الثلاثة فروض التالية
الفرض الأول: توجد علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين تطبيق الحوكمة البيئية بمفهومها ومبادئها وآلياتها وبين تفعيل أداء المراجعة البيئية.
الفرض الثاني: توجد علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين تفعيل أداء المراجعة البيئية كنتيجة لتطبيق الحوكمة البيئية وبين ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية.
الفرض الثالث: يوجد دور هام لوجود لجنة للمراجعة البيئية على تفعيل أداء المراجعة البيئية وترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية.
نتائــــج البحــــث:
1- الحاجة إلى الحوكمة البيئية أصبحت واقعًا ملموسًا ومطلبًا مُلحًا لا يمكن تجاهله، ولذلك فهناك أهمية لتطبيق الحوكمة البيئية بمفهومها ومبادئها وآلياتها خاصة في شركات المساهمة.
2- تطبيق الحوكمة البيئية (بمفهومها ومبادئها وآلياتها) يضمن تحقيق كفاءة وفاعلية عملية المراجعة البيئية حيث يعمل تطبيق الحوكمة البيئية على تحقيق ما يلي: (توفير إطار واضح للمراجعة البيئية، زيادة الارتقاء بمهنة المراجعة البيئية والارتقاء بمستواها، ويؤثر تطبيق الحوكمة البيئية على تفعيل خطط المراجعة البيئية، حيث يجب على المراجع إجراء تقييم ملائم لمدى قوة الحوكمة البيئية بالشركة، حيث إن وجود نظام قوي للحوكمة البيئية داخل الشركة قد يؤدي إلى تخفيض حجم العينة وتخفيض الاختبارات الأساسية، كما يؤثر تطبيقها على استقلال المراجع الخارجي وكذلك تضييق فجوة التوقعات في المراجعة البيئية، وتحقيق جودة عملية المراجعة البيئية).
3- يوجد أثر واضح لتطبيق آليات الحوكمة البيئية على ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية وذلك من خلال محورين هما:
المحور الأول: يوجد أثر واضح لآليات الحوكمة البيئية على جودة التقارير المالية والبيئية وجودة المعلومات الواردة بالقوائم المالية بما فيها المعلومات البيئية، حيث إن تلك القوائم والتقارير من أهم مصادر المعلومات التي يعتمد عليها المستثمرون في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.
المحور الثاني: يوجد أثر واضح لتطبيق الحوكمة البيئية على تخفيض عدم تماثل المعلومات وتحقيق كفاءة سوق الأوراق المالية وذلك لخدمة وترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية.
4- حوكمة الشركات مدخل وأساس للحوكمة البيئية، حيث إن وجود نظام لحوكمة الشركات داخل الشركة يجعل من السهل تطبيق الحوكمة البيئية ويكون أساساً لوجودها، فالشركات التي تطبق حوكمة الشركات تكون أكثر قدرة على تطبيق الحوكمة البيئية.
5- هناك أثر واضح لمشكلات المراجعة البيئية على ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية، حيث تؤثر مشاكل القياس والإفصاح المحاسبي عن الأداء البيئي على قرارات الاستثمار وكذلك تؤثر المشكلات المرتبطة بعدم توافر معايير محددة للمراجعة البيئية ونظم شاملة ومتكاملة للمعلومات البيئية على قرارات الاستثمار، كما تؤثر الصعوبات والمشكلات التي تواجه المراجع الداخلي والخارجي عند القيام بالمراجعة البيئية على نتائج المراجعة البيئية مما ينعكس على قرارات الاستثمار في الأوراق المالية.
6- يؤدي تطبيق الحوكمة البيئية إلى التغلب على بعض مشاكل المراجعة البيئية ومن ثم تفعيل أدائها وانعكاس فعالية أدائها على ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية حيث تعمل الحوكمة البيئية على تحقيق ما يلي:
(توفير مجموعة من الإرشادات اللازمة التي تساعد على القيام بعملية المراجعة البيئية بكفاءة وفعالية وكذلك تطوير دور المراجع ليشمل القيام بالمراجعة البيئية، وحث المنظمات المهنية على توفير المزيد من المعايير التي تساعد على القيام بالمراجعة البيئية وزيادة اهتمام كل من المنشآت والدول بضرورة توفير نظم شاملة ومتكاملة للمعلومات البيئية وكذلك العمل على إيجاد مؤشرات خاصة للرقابة على التلوث يسهل معها قياس الأداء البيئي وكذلك توفير مفاهيم بيئية معقولة ومتعارف عليها للمراجعات البيئية، زيادة الاهتمام بالتأهيل العلمي والعملي للمراجعين بحيث تكون لديهم القدرة على القيام بالمراجعة البيئية بكفاءة وفعالية).
7- هناك أثر واضح للمعلومات البيئية وتحقق معايير جودتها على اتخاذ القرار الاستثماري الرشيد وكذلك توجد أهمية كبيرة للمراجعة البيئية ولأهمية وضرورة لإضفاء الثقة على المعلومات البيئية الواردة بالقوائم المالية أو التقرير البيئي الذي تصدره الإدارة مما يساعد على ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية حيث تؤدي المراجعة البيئية إلى تحقيق ما يلي:
(زيادة ثقة المستثمرين في القوائم المالية، تمكن من تعديل توقعات المستثمرين السابقة بشأن مقدرة الشركة على الاستمرار في المستقبل، تعمل على تحديد أثر التحريفات الجوهرية في الحسابات البيئية على القوائم المالية ككل مما يساعد المستثمرين على اتخاذ القرار المناسب، المراجعة البيئية تقييم الدليل الكافي على مدى صدق مزاعم الإدارة بشأن الحسابات البيئية والمعلومات البيئية، وكذلك تقيم الدليل الكافي على مدى صدق مزاعم الإدارة بشأن الحسابات البيئية والمعلومات البيئية الواردة بالقوائم المالية وكذلك توضيح التصرفات غير القانونية لإدارة الوحدة وذلك فيما يتعلق بالقوانين واللوائح البيئية وأثر هذه التصرفات على القوائم المالية مما يفيد المستثمرين في اتخاذ وترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية).
8- توجد أهمية لوجود لجنة المراجعة البيئية، حيث يؤثر وجود تلك اللجنة على تفعيل أداء المراجعة البيئية وتحقيق النتائج المرجوة منها وكذلك يوجد أثر إيجابي لوجود تلك اللجنة على ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية.
9- من خلال تطبيق الحوكمة البيئية يمكن جعل الإفصاح البيئي إلزاميًا وليس اختياريًا ويمكن تحقيق ذلك من خلال الدور الذي تلعبه سوق الأوراق المالية فمن الممكن أن تلزم الشركات المقيدة بها بتطبيق الحوكمة البيئية وجعل الإفصاح البيئي الزاميًا.
10- توجد علاقة معنوية موجبة ذات دلالة إحصائية بين تطبيق الحوكمة البيئية (بمفهومها ومبادئها وآلياتها) وبين تفعيل أداء المراجعة البيئية وطبقاً للدراسة الميدانية فإن المتغير المستقل وهو تطبيق الحوكمة البيئية قد تفسر بنسبة 41.5% من التغير الكلي في المتغير التابع وهو تفعيل أداء المراجعة البيئية مما يثبت صحة الفرض الأول وثبوت وجود علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين تطبيق الحوكمة البيئية وتفعيل أداء المراجعة البيئية، ويمكن التعبير عن ذلك بالمعادلة التالية:
إجمالي تفعيل أداء المراجعة البيئية = 1.547 + 0.587 (الحوكمة البيئية)
11- توجد علاقة معنوية ذات دلالة إحصائية بين تفعيل أداء المراجعة البيئية كنتيجة لتطبيق الحوكمة البيئية، وبين ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية، وطبقاً للدراسة الميدانية فإن المتغير المستقل وهو تفعيل أداء المراجعة البيئية قد تفسر بنسبة 58.5% من التغير الكلي في المتغير التابع وهو ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية مما يثبت صحة الفرض الثاني وثبوت وجود علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين تفعيل أداء المراجعة البيئية وترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية ويمكن التعبير عن ذلك بالمعادلة التالية:
ترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية = -0.79 +0.970 (تفعيل أداء المراجعة البيئية
12- هناك اتجاه عام نحو الموافقة على إيجابية بعد أهمية وجود لجنة للمراجعة وأن هناك أثر إيجابيًا لوجود تلك اللجنة على تفعيل المراجعة البيئية وترشيد قرارات الاستثمار في الأوراق المالية مما يثبت صحة الفرض الثالث.
|