1- مشكلة البحث:
إفصاح منشآت الأعمال عن جهودها في مجال التنمية المستدامة كان في مراحله الأولى نتيجة ضغوط مجتمعية، غير أن التنامي في الإفصاح الطوعي للمنشآت عن تقرير الاستدامة يعكس في جوهره الأثار الإيجابية – المنافع – التي تحققها منشآت الأعمال نتيجة الإفصاح عن تقرير الاستدامة.
ومن أمثلة الأثار الإيجابية التي تحققها منشآت الأعمال نتيجة الإفصاح عن تقرير الاستدامة، بناء علاقات جيدة مع الموظفين، وانعكاس ذلك على الإنتاجية وتقليل الفاقد؛ مع الموردين ، ومن ثَّم سهولة الحصول على المواد الخام والمنتجات الوسيطة؛ كسب ثقة المستثمرين، ومن ثَّم سهولة الحصول على الأموال اللازمة لتمويل زيادة رأس المال والتوسعات الرأسمالية، .... وغيرها من الأثار الإيجابية التي تحققها منشآت الأعمال وتستفيد منها في تحقيق الميزة التنافسية في بيئة الأعمال .
وقد يرى البعض أن تنامي الإفصاح الطوعي عن جهود منشآت الأعمال في تحقيق التنمية المستدامة يكون في الدول المتقدمة، وليس في الدول العربية ومن بينها مصر، غير أن الباحث يرى أن هناك جهودًا مبذولة في ذلك المجال (جهود من جانب مركز المديرين المصري التابع للهيئة العامة للرقابة المالية من خلال إصدار المؤشر المصري لمسئولية الشركات وذلك في مارس (2010م)، وجهود من جانب منشآت الأعمال في تحقيق التنمية المستدامة)، ويستدل الباحث في ذلك من خلال متابعة الكثير من المبادرات المجتمعية التي يتم الإعلان عنها من جانب منشآت الأعمال.
ومن ثَّم يمكن بلورة مشكلة البحث في دراسة الأثار الإيجابية التي تحققها منشآت الأعمال نتيجة إفصاحها عن تقرير الاستدامة، وانعكاس ذلك في تحقيق الميزة التنافسية.
2- أهــداف البحث:
يتمثل الهدف الرئيسي للبحث في دراسة الأثار الإيجابية التي تستفيد منها منشآت الأعمال في تحقيق الميزة التنافسية نتيجة إفصاحها عن جهودها في مجال التنمية المستدامة – فيمَّا عُرف بتقرير الاستدامة-، وفى سبيل تحقيق هذا الهدف يسعى الباحث إلى تحقيق الأهداف الفرعية التالية:
- دراسة مفهوم وأبعاد التنمية المستدامة – مدخل محاسبي.
- دراسة البعد المحاسبي للإفصاح عن تقرير استدامة منشآت الأعمال.
- تحليل الأثار الإيجابية للإفصاح الطوعي عن تقرير استدامة منشآت الأعمال.
- دراسة دور الأثار الإيجابية للإفصاح عن تقرير الاستدامة في تحقيق الميزة التنافسية لمنشآت الأعمال.
3- أهمية البحث:
تتمثل أهمية البحث في عدة جوانب أهمها: ندرة البحوث المحاسبية في مجال التنمية المستدامة بصفة عامة، والميزة التنافسية التي تحققها منشآت الأعمال نتيجة إفصاحها عن تقرير الاستدامة بصفة خاصة، ويتناول الباحث الأهمية العلمية والعملية للبحث، فيمَّا يلى:
* الأهمية العلمية: يستمد البحث أهميته العلمية من خلال العناصر التالية:
- ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات التي اهتمت بإفصاح منشآت الأعمال عن جهودها في مجال التنمية المستدامة، غير أن هذه الدراسات كان أغلبها في الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، ... وغيرهما من الدول المتقدمة، بينما هذا الاهتمام في الدول العربية ومن بينها مصر لا يزال محدودًا للغاية، ويحاول هذا البحث سد الفجوة البحثية في أدبيات التنمية المستدامة بالدول العربية ومن بينها مصر.
- تزايد الاهتمام من جانب العديد من حكومات الدول والمنظمات المهنية بالميزة التنافسية التي يمكن أن تحققها منشآت الأعمال نتيجة إفصاحها عن جهودها في مجال التنمية المستدامة.
- رغبة أصحاب المصالح في المزيد من الإفصاح والشفافية بالتقارير المالية، وتقرير الاستدامة يمثل الأداة التي يمكن استخدامها في تحقيق ذلك.
* الأهمية العملية: يستمد البحث أهميته العملية من خلال العناصر التالية:
- بالنسبة للمستثمرين الحاليين والمرتقبين: يُساهم البحث في دراسة الأثار الإيجابية التي تحقق الميزة التنافسية لمنشآت الأعمال نتيجة إفصاحها عن تقرير الاستدامة، ومن ثَّم يكون ذلك دافعًا لمنشآت الأعمال نحو الإفصاح الطوعي عن تقرير الاستدامة، وانعكاس ذلك في توفير معلومات إضافية للمستثمرين تُساعدهم في ترشيد قراراتهم الاستثمارية.
- بالنسبة لسوق الأوراق المالية المصرية: تمثل المعلومات التي توفرها منشآت الأعمال عن أدائها الاقتصادي والبيئي والاجتماعي محددًا جوهرياً لكفاءة سوق الأوراق المالية المصرية، وتحسين أداء دوره المنوط به.
- بالنسبة للاقتصاد القومي والمجتمع ككل: تزداد أهمية البحث في ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تمر بها مصر في الوقت الحاضر، وأهمية مشاركة منشآت الأعمال في حماية البيئة، وتنمية المجتمع، وتعظيم الاستفادة من موارده ،وهذا يمثل أحد مبادئ إعداد تقرير الاستدامة وهو "مبدأ سياق الاستدامة".
4- فروض البحث:
الفرض الرئيسي الأول "لا توجد علاقة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة، والأداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمنشأة"
الفرض الفرعي الأول "عدم وجود علاقة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة والأداء الاقتصادي للمنشأة"
الفرض الفرعي الثاني "عدم وجود علاقة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة، والأداء الاجتماعي والبيئي النافع للمنشأة"
الفرض الرئيسي الثاني "لا توجد علاقة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة وتحقيق منشآت الأعمال الميزة التنافسية"
5- النتائج والتوصيات والتوجهات البحثية المقترحة:
5/1 النتائج:
في ضوء تحقيق هدف البحث، توصل الباحث إلى النتائج التالية:
5/1/1 نتائج الدراسة النظرية:
- مفهوم استدامة منشآت الأعمال هو المحصلة النهائية لمراحل تطور مفهوم التنمية، بداية من النظرة الكلاسيكية للمنشأة واقتصار دورها على استغلال مواردها لتحقيق أقصى ربح ممكن، نهاية بضرورة مساهمة المنشأة في حماية البيئة، وتحقيق رفاهية المجتمع والحفاظ على موارده بجانب أدائها الاقتصادي.
- تم التعبير عن تقرير الاستدامة بعدة مصطلحات مختلفة منها، تقرير مسئولية الشركات، تقرير مواطنة الشركات، تقرير البيئة والصحة والأمان، وقد نتج عن ذلك تعاريف مختلفة لتقرير الاستدامة تعكس اتجاهات مختلفة؛ وفى ذلك المجال اقترح الباحث تعريفاً لتقرير الاستدامة هو "تقرير يضم معلومات مالية، وغير مالية تعكس نتائج أداء المنشأة لأنشطتها الاقتصادية وآثارها البيئية والاجتماعية في إطار متكامل، يهدف إلى تقييم أداء المنشأة على المدى الطويل من قبل أصحاب المصلحة".
- تواجه منشآت الأعمال تحديات عند إعداد تقرير الاستدامة والإفصاح عنه، ويتضح ذلك من خلال تباين محتوى تقارير الاستدامة التي تصدرها منشآت الأعمال من حيث الشكل، والأهمية النسبية للمعلومات الواردة بتقرير الاستدامة، وكذلك أسلوب الإفصاح عن تقرير الاستدامة.
- تبني المنشأة تطبيق التنمية المستدامة يحقق العديد من الأثار الإيجابية المتمثلة في تحسين الأداء المالي للمنشأة ، وإدارة مخاطر الأعمال، وخلق قيمة مضافة للمنشأة، وهذه الأثار تنعكس على تحقيق منشآت الأعمال الميزة التنافسية.
5/1/2 نتائج الدراسة التطبيقية:
- هناك تحسن في حجم وجودة المعلومات المالية وغير المالية التي تحتويها التقارير المالية التي تصدرها شركات المساهمة – عينة الدراسة – لتعكس الأداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
- هناك علاقة موجبة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة والأداء الاقتصادي والاجتماعي للمنشأة، ذات دلالة إحصائية عند مستوى معنوية أقل من(0,001).
- هناك علاقة موجبة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة، والأداء البيئي للمنشأة، ذات دلالة إحصائية عند مستوى معنوية أقل من(0,01).
- هناك تحسن في مؤشرات الأداء المالي للمنشأة – ربحية ومديونية – وخلق قيمة مضافة للمنشأة – نسب ربحية السهم – في عام(2013م )عنه في عام (2012م).
- يفسر الإفصاح عن تقرير الاستدامة بأبعاده – الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية – نسبة (66%) من مقاييس الميزة التنافسية لمنشآت الأعمال.
- هناك علاقة ارتباط موجبة بين مستوى الإفصاح عن تقرير الاستدامة، وتحقيق منشآت الأعمال الميزة التنافسية ذات دلالة إحصائية عند مستوى معنوية أقل من (0,001)، وبدرجة ثقة (99,9%).
5/2 التوصيات:
- تكامل جهود المنظمات المهنية والجهات المعنية بالتنمية المستدامة، لبناء إطار مفاهيمي للمحاسبة والإفصاح عن التنمية المستدامة.
- تبني البورصة المصرية خطة زمنية مستقبلية تنتهى بإلزام جميع الشركات المسجلة بالإعداد والإفصاح عن تقرير الاستدامة.
- ضرورة تطوير المؤشر المصري لمسئولية الشركات، بحيث يتضمن الفصل بين المسئولية الاجتماعية والبيئية من جهة وحوكمة الشركات من جهة أُخرى؛ وإعداد تقرير متكامل ومتوازن يشمل الأداء الاقتصادي للمنشأة وآثارها الاجتماعية والبيئية.
العمل على زيادة الوعي لدى مستخدمي ومعدي القوائم المالية بأهمية الإعداد والإفصاح عن جهود المنشأة في مجال التنمية المستدامة؛ وتنمية هذا الوعى يمكن تحقيقه من خلال – على سبيل المثال – تنظيم دورات تدريبية لجميع الأطراف المعنية، وإدماج التنمية المستدامة بالمقررات الدراسية الجامعية، وغيرها.
|
