إن التعليم بمجالات تخصصه المختلفة، يقوم ببناء الأجيال من خلال إكسابهم القيم والاتجاهات السائدة في المجتمع ،كما أن العملية التعليمية هي الوسيلة الفعالة لتغيير هيكل المجتمع وتشكيل سماته وثقافته وتأهيل العناصر البشرية القادرة على النهوض به ، وفي ظل تطور وسائل الاتصال وعولمة الثقافة والاكتشافات العلمية والتكنولوجية ، أصبح حتماً علينا تطوير المناهج الدراسية وطرائق تدريسها لأن نهضة المجتمع محكومة بنوعية المناهج الدراسية، وكيفية بناء عناصرها بجودة تحقق الهدف الأسمى، ومن ثم تشكل أبناءها وتعدهـم للمستقبل الذي يعتمد على المعرفة العلمية المتقدمة، وللتمكن من التكيف مع واقع العولمة والتفاعل مع تأثيرها في العصر الحاضر وخصوصاً من الناحية التربوية يجب تهيئة المواطن لمواجهة العولمة وفق منظومة قيمية أخلاقية متكاملة، وإحداث التفاعل بين التراث القومي والحاجات المعاصرة، والانفتاح إلى الأنظمة التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة.
وباستقراء تجارب دول متقدمة مثل اليابان والصين ، نجد أنها تركز على الوعي بالهوية الذاتية ، وتقديرا منها لدور المناهج التعليمية فى تحقيق التنمية وصنع التقدم ، قامت بمراجعة مناهجها التعليمية بصفة عامة ومناهج التاريخ بصفة خاصة ، بل إنها حرصت على مراجعة هذه المناهج فى ضوء تحديات العولمة .(shuichina ،: 198981،Guthrie،1990: 126)
ومن هنا يتضح أن للتربية دورا رئيسا فى المعترك الثقافى ، فالتربية واحدة من روافد الثقافة الرئيسة ،وهى لا تعمل فى فراغ بل تستمد دورها من فلسفة وأهداف المجتمع ، وبذلك يصبح التعليم بمؤسساته المختلفة المسئول عن إعداد المواطن بما يتواءم مع متطلبات المرحلة المقبلة بحيث يركز هذا الإعداد على إبراز الخصوصية الثقافية، كرد فعل لمواجهه تحديات العولمة ، ومن ثم ضرورة الحفاظ على الهوية الذاتية وتأكيد قيم الانتماء والولاء الوطنى .
وفى ضوء ما سبق يتعين على مخططي المناهج التعليمية، ومناهج التاريخ خاصة استمرار إعادة النظر فى أهدافها ومحتواها وأساليب تنفيذها وتقويم نواتج تعلمها، فى ضوء تحديات العولمة بما يكفل الحفاظ على الهوية الذاتية وتحقيق الانتماء والولاء الوطني لدى الطلاب.
|