قال تعالى في كتابة العزيز " وجعلنا من الماء كل شيء حي " أي أن القرآن الكريم قرر منذ أربعة عشر قرناً أن الماء عصب الحياة وسر الوجود. وإذا كان عقدي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين هما عقدي الصراع على البترول، فان عقد التسعينات قد شهد بوادر أزمة مائية. ولما كانت المياه في مصر تلعب دوراً مهماً في توزيع السكان وكثافتهم وأنشطتهم الاقتصادية المختلفة من ناحية، وتعد من القضايا المهمة على الساحة المصرية الراهنة في ظل المخاوف من التغيرات المناخية المتوقعة وتداعياتها على المياه من ناحية أخرى. ولما كانت بعض دول حوض النيل تسعى إلى تغيير الاتفاقيات السابقة التي تم الاتفاق عليها بين دول الحوض من حيث توزيع المياه، وإقامة مشروعات على مجراه مما يؤثر على حصة مصر من مياه النيل في المستقبل، ومن هذا المنطلق جاء التفكير في دراسة الأمن المائي المصري.
ويقصد بالأمن المائي المصري المحافظة على الموارد المائية المتاحة، والبحث عن موارد جديدة. ولا تقل أهمية الأمن المائي عن الأمن الاستراتيجي والأمن الغذائي، وحيث أن الأمن الغذائي لا يتم تأمينه إلا بالزراعة واستصلاح الأراضي الصحراوية، وهذا لا يحدث إلا بتوفير الموارد المائية، لذلك فإن للمياه أهمية كبرى وأن تهديد الأمن المائي المصري هو تهديد لأمننا القومي خاصة وأن مصر تتجه صوب شح في مواردها المائية مما يشكل عجزاً خطيراً في توفير الاحتياجات المائية للزراعة والصناعة والاستخدامات المنزلية، ويعزى ذلك لزيادة النمو السكاني، والتوسع في استصلاح الأراضي الجديدة، والتقدم الصناعي، وعجز السياسات المائية عن وضع خطط لاستثمار وحفظ الموارد المائية المتاحة، ونضوب المخزون الجوفي.
ويعد دراسة الأمن المائي المصري مهماً لعدة اعتبارات هي : وقوع معظم الأراضي المصرية في النطاق الجاف وشبه الجاف وما يتعرض له هذا النطاق من تيارات هوائية هابطة تقلل من فرصة سقوط الأمطار، والنمو السكاني الرهيب مما أدى إلى زيادة الطلب على الموارد المائية المحدودة، وانخفاض نصيب الفرد في مصر من المياه عن خط الفقر المائي (1000 متر مكعب سنوياً)، وإتباع أسلوب الري السطحي، وتدني نوعية المياه وتحولها إلى مياه غير صالحة للاستخدام بسبب سوء التعامل معها.
ويهدف البحث إلى دراسة الوضع المائي الحالي والمستقبلي والاحتياجات المائية في مصر، وأثر المشروعات المائية الإثيوبية على مائية نهر النيل، والتعرف على محاور الاستراتيجية المائية لمصر في المستقبل .
|